19 ديسمبر، 2024 5:42 ص

الدعاية الايرانيه والرأي العام العربي

الدعاية الايرانيه والرأي العام العربي

تعتبر الدعاية السياسية من أهم الأساليب الإعلامية التي ميزت الدوله الايديولوجية في عصرنا الحديث. والدعاية السياسية كفن من فنون الترويج السياسي لفكرة أو رأي أو موقف أو مذهب ما، قديمة قدم المجتمعات السياسية ذاتها، إلا أنها لم تكن متطورة ومعقدة ومؤثرة بالقدر الذي عُرفت فيه في وقتنا الحالي، خصوصاً مع انتشار وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية والالكترونيه . وأناقش هنا أنموذج الدعاية السياسيه الايرانيه التي تبنت الايدلوجيا الطائفيه و ترعرعت في منطقتنا العربيه منذ اكثر من ثلاث عقود ونصف من نشوء هذه الدعايه، والتي تجاوزت كل التعريفات والنظريات والتطبيقات المألوفة في أي مكان في العالم، بسبب غياب قوانين اعلاميه عربيه منظمة لهذه الفوضى التي تعيشها المنطقه حالياً في المجالات السياسية والأمنية. فلكل دعاية سياسيه في أي عصر ايديولوجي دعاة ومروجون وخطباء، ينتجون مفاهيم سياسية لايديولوجيتهم، ودعايه يتبنونها لنشر وترويج أفكارها، حيث تتحدث الكثير من القنوات الفضائيه الناطقة بالعربيه لدعم المشروع الايراني التوسعي بل انها تروج لانهاء العروبه والعرب بقنوات ذات لسان عربي .

فمفاهيم الدعايه الايرانيه تتلخص فيما قاله الخميني مؤسس الثوره الاسلاميه في ايران حيث ذكربتاريخ 18/4/1980 ( ان على كافة الشعوب المسلمه ان تعرف معنى نحن عرب اي اننا لا نريد الاسلام فالشخص الذي يتفوه بالعرب , فان العرب ارادوا في وقت ما الوقوف امام الاسلام , ان

هؤلاء يريدوا ان يحيوا عهد بني اميه والعودة الى ذلك العهد الجاهلي لتكون قوى عربيه فقط دون ان يكون هناك اثر للاسلام ).

و يؤكد هذا المفهوم السياسي للدعايه الايرانيه الموجهه للشعوب العربيه من خلال ما ادلى بها بني صدر الرئيس السابق للجمهوريه الايرانية لمجلة النهار الدولي والتي نشرتها المجلة في عددها 151 في 24 اذار 1980 وجاء فيها ( ان ايران لن تخلي او تعيد الجزر العربيه الثلاث وان الاقطار العربيه ( ابو ظبي , قطر , عمان , دبي , الكويت , السعودية ) هي ليست مستقله بالنسبة لايران .

أن هذا المفهوم والمضمون الدعائي السياسي التوسعي الذي تبناه النظام الايراني منذ التاسيس تحول اليوم الى منهج جديد اكثر فعاليه وتاثير في المتلقي العربي وهو من خلال تبنيه لرساله سياسيه طائفيه بلسان عربي ومذيع عربي وقنوات عربيه تبث رسالتها التخريبيه من دول عربيه هدفها تمزيق الراي العام العربي.

وفي نموذج مقارن للدعايه السياسيه الايرانيه خلال خمسه وثلاثون عاما اي تحديدا منذ 8/4/1980 عندما صرح قطب زادة وزير خارجية ايران بان ( عدن وبغداد تابعتان لنا ) , وتم اعادة هذا المضمون باسلوب مختلف وبتجاه واحد بعد ثلاث عقود ونصف اي تحديدا في 8/ مارس / 2015 عندما قال علي يونسي مستشار الرئيس الايراني ( اننا اصبحنا امبراطوريه عاصمتنا بغداد ) وتزامن معها الدعم الايراني العسكري والاعلامي للحوثين وتحالفهم مع علي عبدالله صالح للاطاحه بعدن ومد النفوذ الايراني للسيطره على مضيق باب المندب .

فبتحليل علمي لمضامين رسائل بعض القنوات الناطقه بالعربيه مثل قناة المياديين , قناة المرجعية , قناة الانوار الثانية , قناة الغدير , قناة العهد , قناة هدهد , قناة اهل البيت , قناة النعيم , قناة الاتجاه , قناة الاشراق , قناة الفرسان , قناة الكاظمي , قناة العالم , قناة الكوثر , قناة المعارف , قناة المسار , قناة طه , قناة الدعاء , قناة الولايه , قناة الايمان , قناة السفير , قناة الامام الحسين , قناة المهدي , قناة الاوحد , قناة كربلاء , قناة صوت العتره

, قناة الصراط , قناة الفرات , قناة بلادي , قناة المنار , قناة السلام , قناة الزهراء .

وغيرها من المحطات الاذاعيه والصحف المقروؤه والتي تبث مضامين طائفية نجد ان هذه القنوات العربيه هدفها انشاء( ثقافه جماهيريه منحرفه) لم تكن معهوده تؤيد ستراتيجة المليشيات الايرانيه في المنطقة العربيه وتحفزها لدعمها وتدفعها لبناء اتجاهات وهويات ضيقه خارج اطار القوميه العربيه بل تعمل بالضد منها.

إن هذه القنوات تمتلك أجندات طائفية وشعوبيه ، ومعظمها ممول من أحزاب وجماعات ورجال اعمال يخفون خلفهم اجندات ايرانيه ويدعمون الرسائل ذات الفكر طائفي، وتبث هذه القنوات رسائلها للجمهور العربي وتحاول تحشيده بشكل طائفي، وهي في هدفها السياسي الدعائي تسعى لإيهام الآخر بأنه ليس عربيا، متناسين أو يحاولون أن يتناسوا أن كل الشعوب في العالم لم تكن يوماً متجانسة ايديولوجيا او مذهبيا ، والأمثله على ذلك لا يمكن حصرها.

ان عاصفة الحزم والقرار العربي بتشكيل قوه عربيه عسكريه جويه وبحريه وبريه جائت في وقتها لصد خطر النفوذ الايراني وهي ضروره حقيقه لحمايه الوجود العربي, الا اننا بحاجه (لعاصفة حزم اعلاميه) تواجه الدعاية الطائفية الايرانية في المنطقه . والتي تبثها عدد كبير من القنوات العربيه المدعومه ايرانيا والتي تبث سمومها في الجسد العربي لتمزقه وتفتت وحدته القوميه والاسلاميه , لذا فعلى العرب تاسيس مؤسسه اعلاميه عربيه قوميه وسن قوانين عربيه اعلاميه توقف هذه القنوات التي تهدف لتدمير المجتمعات العربيه , بل ان العرب بحاجه الى قنوات عربيه ناطقه بلغات الشعوب الايرانيه لتخاطبه بمنطق وصوره واقعيه مغايره لما يبثه النظام الايراني من اكاذيب دعائيه عن صورة العرب. وفي النظر لأساس الطائفيه في المنطقه العربيه سنجدها انها ليست اجتماعيه البنية أو الأساس، وإنما هناك بعض المؤمنين بهذه الأفكار الضيقة

من ذوي المصالح الإقليمية والاجندات السياسيه ، ولديهم إمكانياتهم الإعلامية وخطابهم الذي يؤسس لدعاية سياسية طائفية، تبث رسائلها للمجتمع، وبالتالي تنمي هذه الأفكار العقيمة وتفتت المجتمع وتحوله الى مكونات متناحرة. في المقابل نحن بحاجه الى تكاتف الجهود العربيه وتقديم دعم لبناء وسائل إعلام وطنية جامعة، وإيقاف انتشار الكم الكبير للقنوات ذات الرسالة الطائفيه.

من خلال ما تقدم نستنتج أن هذه الدعايه تسعى لهدف مركزي هو تفتيت الامه العربيه ومجتمعها العربي المتماسك وعلى العرب استكمال جهودهم لايقاف هذا النفوذ من خلال قرارات حاسمه بدعم العمل العربي الاعلامي المشترك المساند للعمل العسكري العربي المشترك, ووضع قيود ممكنه ومانعه ضمن قواعد اعلاميه مهنيه لهذه القنوات الداعمه للعنف والتمزيق في مجتمعنا العربي الواحد .

أحدث المقالات

أحدث المقالات