23 ديسمبر، 2024 7:02 م

الدعارة الإعلامية والمهنية المهينة

الدعارة الإعلامية والمهنية المهينة

يقول المثل العراقي ( حِب واحڇي واكره واحڇي ) أي بمعنى من يكره الشخص يتكلم عليه بمذمة ومن يحب الشخص ذاته يمتدحه وهو أمر متناقض وهذا ما يطبق اليوم على وسائل الأعلام المتواجدة على الساحة ، رضينا بالأخطاء اللغوية لبعض المذيعين وغضضنا البصر عن الأخطاء الإملائية التي تظهر في تايتل الشاشة المتحرك لبعض المحطات ولم يجدي ذلك نفعا إذ أن الكثير من تلك المحطات التابعة والتي تمجد من تمجده وتذم من تذمه فقدت مهنيتها ومصداقيتها لدى المواطن منذ أن بدأت تتاجر بمصير المواطن وتتلاعب بمشاعره وجعلت من معاناته مادة إعلانية ، الكثير من المحطات
التلفزيونية تطورت لكن تطورها يختلف عن معنى التطور الحقيقي لأنه يعتمد على الشتم والتسقيط الأخلاقي والإساءة للآخرين لا سيما مع هذه الموجة الداكنة التي اجتاحت الوسط الإعلامي حيث أنها جعلت من بعض ممن يجيدون الثرثرة والصراخ صناعا للنجاح بحسب اعتقادها ومن بعض الفاتنات المثيرات واجهة لشاشتها بعيدا عن الكفاءة والموضوعية والمهم في ذلك ارتفاع نسب المشاهدة والتسويق أكثر.
هناك ما تعرف بالقنوات المستقلة أي الأهلية المملوكة لأشخاص مستقلون ( غير السياسيين ) منها من تسير بخطى هادفة ناجحة تعمل للعراق وشعبه دون تمييز بين مواطن وآخر ليست بحاجة لتقييم لأنها كبيرة وتستحق الإجلال بشهادة المواطن العراقي وهو المستهدف دائما ، ومحطات أخرى تابعة لسياسيين هدفها الأول هو كسب الشعبية وتلميع صورة مالكها بطريقة أو أخرى وان كان بالكذب والخداع ، يؤسفنا ان نذكر ان عدد منها استعانت ببرنامج
( الفوتوشوب ) لفبركة الصور وإقناع المشاهد بإساءة الآخر لمعتقده وأخرى تجمع مشاهد الفيديو من المواقع الالكترونية على أنها في العراق للترويج للطائفية ووجوب قتل الآخرين وان كان تلك المشاهد صورت في دول أخرى وهي تدرك ذلك جيدا لكن أجنداتها الخارجية تملي عليها ذلك ، تطورت الثقافة الإعلامية حتى تحولت لأداة للإساءة والضرب والتلفط بألفاظ نابية لا تمت للإعلام بصلة لان هناك ديمقراطية و( لم يعد هناك رقابة ) كما في السابق ،و لان الشرف المهني قد تلاشى والضمير الحي أضحى شيطاناً اخرس وهو الرقيب الثاني بعد الله.
الكثير من القنوات لجأت إلى الفقراء لإعطائهم ما خصص من إدارة المحطة لغرض عرض معاناتهم للملأ والتلذذ بآلامهم ( فان أراد احدهم أن يَهٍب لِمَ التصوير ) الكثير من المثقفين اتفقوا على أن هذه المادة الإعلامية المصطنعة بتبجح ليست إلا استجداء مشاهدين واعتبروا أن هذه الوسيلة هي مهنية مهينة وأسلوب رخيص للمتاجرة بكرامة الآخرين أما تلك التي تتخذ من الطائفية شعارات لها كالتي تتحدث بأسم أتباع آل البيت والأخرى التي تتحدث باسم أهل السنة متناسية أن كلهم عراقيون وهم لم يفوضوها أمرهم للتحدث باسمهم لأنهم فقدوا مصداقيتها عندما تلفضت على أساس
مذهبي ، عجبي من الهيئات واللجان المختصة التي ترى وتسمع ما يذكي الإرهاب التكفيري والميليشياوي المستورد والذي يستهدف العراقيين وتعتكف عنه فيما تطارد قناة البغدادية الوطنية الحرة التي تنطق باسم الشعب العراقي لا بل ترصد لها كل كبيرة وصغيرة ، لم لا وهي قناة وطنية مستقلة لم تتاجر بالدم العراقي ولم تمتدح كذاب بل تحاسب أولئك الذين يسرقون المال العام ويعتلون أكتاف الفقراء .
الواقع الإعلامي المزرِ بحاجة إلى أسس ومقومات مهنية للابتعاد عن لغة التهديد والسب والدعاية ولابد للعمل على الاعتماد على الكفاءة وترك المجاملات الفارغة والمظهر والابتعاد عن النفاق والتحريض عبر وسائل الإعلام وإلا فان الإعلام اليوم على المحك وإذا ما استمرت عمليات التحريض والنفاق هذه فان العواقب وخيمة وثمن هذه العواقب المزيد من دماء أبناء شعبنا المظلوم .