يعد موضوع الحق في حرية الاديان أو المعتقد من المواضيع الحساسة والحيوية التي لها صلة وطيدة مع حقوق الأنسان وبناء قيم الديمقراطية , تلك الحقوق التي صار إحترامها الطوعي من الحاكم والمحكوم ومعيار احترام الحرية الاديان والمعتقدات في الدستور والقانون اصبحت مقياس للرقي الحضاري وهدف تتسابق اليه الأمم والشعوب من أجل تحقيق الأستقرار والسلام الذي هو قانون الحياة ، ولقد كفل الدستور العراقي حرية الاديان وممارسة الشعائر الدينية والمعتقدات الدينية لجميع مواطنيه دون تمييز حيث نصت المادة (25) من الدستور على ان حرية الاديان والمعتقدات وممارسة الشعائر الدينية مكفولة على ألا يتعارض ذلك مع أحكام الدستور والقوانين و الآداب والنظام العام. وهذا يعني ان الدستور قد حدد نطاق هذه الحرية من اجل الحفاظ على قاعدة التعايش السلمي في العراق وعدم زعزعة الامن الاستقرار في البلد.
لكن الشعب العراقي مازال يعاني من مشكلة التطرف الطائفي والقومي بين نسيج المجتمع العراقي وعدم تقبل الاخر ، مازلنا نعيش حياة الانسان القديم عندما كان يتصارع مع انسان من اجل السيطرة على المال وحكم البلد . رغم اننا قد وضعنا معايير الحياة العصرية الحديثة ،التي تضمن تداول سلمي للسلطة ، وتوزيع عادل للثروة ، والحرية في ممارسة الطقوس والشعائر الدينية ، فلقد نص الدستور على هذه المعايير ومنها حرية الاديان بمعنى قد ضمن كل مذهب وطائفة ان تمارس طقوسها بدون خوف من الاخر وتحت حماية السلطة و الدولة. اذن لماذا يرفض بعضنا بعض ، ولماذا يقتل بعضنا بعض ، ولماذا يهجر بعضنا بعض .
وما يثير الاستغراب في عراق العجائب هو توحد المتطرفين في رفع شعار التطرف وهو (جوكم ) من اجل توهيم وخدع فئة من المجتمع وتوريطهم بأعمال عنف ، في الحقيقة لا نعلم ( من جاء الى من ، او من يرد اقصاء من) . ولم نسمع عن محاولات ابناء الجنوب لقتال ابناء الوسط والغرب ، وكذلك لم يحاولوا ابناء الوسط قتال ابناء الشمال ، او انباء مدينة النجف قد سعوا الى انتزاع ارضي مدينة الرمادي او العكس بل سمعنا عن تنازل من ارضينا ومياهنا الى الدول المجاورة ، ولم تكن هناك حملات تبشيريه شيعيه في المناطق السنية ولا يوجد تبشير مسيحي في مناطق الاسلام . .
هل هذا يدل على عدم فهم الدستور ؟ هل حاولنا قراءة الدستور قراءة جماعية ؟ هل هي مسؤولية الحكومة كونها لم تشجع على توعية المواطن بهذا الدستور ؟ هل هي مسؤولية الفساد ؟ هل هي مسؤولية الكتل السياسية التي بعضها تأمرت وخططت لرمي الدستور في بئر يوسف ومنها غضة النظر عن ذلك ؟. ان هذه هي الاسباب التي جعل بعض ابناء الشعب العراقي فريسه سهله للمتخلفين والمفسدين والمجرمين والارهابين والمصاصين للدماء الذين يعتاشون في بيئة الظلم والتعصب التي تضرب جذورها في عفن السلبية الاجتماعية والاستسلام ، والعبودية العمياء المطلقة ، والتذلل والخنوع الابدي ، وان مكونات بيئة العنف والظلام هي ( تعطيل الدستور وايقاف عمل القانون حتى لا يشعر بالخوف من المحاسبة )و الثاني (التطرف الديني كي يجد لنفسة مبرر ومخرج وهمي) . والمحورين بحاجة الى ( مواطن بائس– مجرم ارهابي بارع – وراعي لا وآبالي ) ، والنتيجة هي ان محورين اساسين في عملية العنف هي مسؤوليه داخلية يشترك فيها المجتمع بصوره عامة وتتحمل الدولة الجزء الاكبر في هذه المسؤولية وعليها ان تأخذ دورها و ان ترك الاسلوب الكلاسيكي القديم في التعامل مع المخاطر والتحديات .
1- على الدولة بمكوناتها ان تتخذ اجراءات نوعية وعلى سبيل المثال وليس الحصر انشاء مراكز بحثية اجتماعية في عموم البلاد تطرح دراسات واقعية وحلول للمشاكل الاجتماعية هذه المراكز تكون مسؤوله عن تحديد نوعية المواطن الذي يمكن ان يكون فريسه سهلة للمتطرفين والمجرمين – وكذلك تحديد اليات احتضان مثل هؤلاء من قبل الدولة ، ان ما يثير الاستغراب والتعجب بنجاح المتخلفين في تجنيد الشباب وسرقة عقولهم ليفجروا انفسهم لأهداف سخيفة جدا ، وفشل الخبراء والعلماء الاختصاص في اقناع الشباب ان الحياة في العبادة و العمل لبناء الوطن وحسن الاخلاق في التعامل مع الاخر هي سعادة في الدنيا ونجاة في الاخرة . وان كل الافكار التي طرحها شيوخ التطرف قد اكل وشرب عليها الدهر ، وان امرنا قد اصبح لنا .
2- ان تكون الحكومة المحلية ناجحه في عملها من اجل كسب ثقة مواطنيها وان تكون قريبه جدا من المواطن وان تقوم بعمليات المسح الميداني لمواطنيها تشمل المستوى الثقافي العام، مستوى التعصب ، الحالة الاجتماعية ، الامراض النفسية في المجتمع ، نسبة الذكاء ، احلام الشباب ، الحلقات الدينية وغيرها من الاستبيانات ، محاربة الفساد ، ان الحكومات المحلية هي مجسات والمتحسسات للحكومة المركزية من اجل الاسراع في العلاج المدني قبل العسكري .
3- على كافة الاجهزة العسكرية ان تجعل هدفها الاول هو كسب ثقة المواطن ، والابتعاد عن كل ما هو مفسد وعليها ايضا ان تكون حريصة على حماية الدستور والتطبيق العادل للقانون من خلال انشاء المراكز البحثية المتخصصة داخل المؤسسات العسكرية تكون مسؤوله عن تحديد المفسدين في الاجهزة العسكرية ، وكذلك تراقب مدى تطبيق القوانين الخاصة بحماية الحقوق عند تنفيذ المهام .
4- عدم السماح بتحويل الحرب الوطنية على الارهاب الى حرب طائفيه ، كون من يشترك في هذه الحرب كافة اطياف نسيج المجتمع العراق ، واصل القاعدة ان الجيش هو درع الوطن ، وكذلك يجب التميز بين المواطن والارهابي في هذه الحرب على الارهاب .
ان الدستور هو الحصن الحصين وهو المفتاح والعلاج لمشاكل العراق هو المرافق الشخصي والحامي لكل مواطن هو الدرع الواقي لحماية كل الديانات والمذاهب والقوميات ، وهو الحافظ لكرامة الانسان هو المنظم للحريات الشخصية والاجتماعية هو القادر على اسعاد المواطنين وتوفير الطمأنينة بين الناس ، وكذلك هو الذي يرسم اطار التعايش السلمي بين الناس ،فمن اراد كل هذا عليه ان يطالب بتطبيق الكامل للدستور وحمايته من التفاسير المصلحية وان يطلب بتنفيذ العادل للقوانين ، ان احياء الدستور يعني ارجاع الحقوق الى اهلها وتخليص المجتمع من التعصب لأنه مرض فايروسي لا علاج منه لا بالوقاية منه والتحصن بالثقافة وبالأنظمة الاجتماعية الرصينة والواقعية التي تحقق احتياجات الناس ،نعم استباق الدولة في الوصول الى هؤلاء قبل وصل الارهابيون اليهم ، يعني توفير الكثير من الاموال والجهد وحماية الارواح والممتلكات الشخصية والعامة . .