19 ديسمبر، 2024 12:04 ص

الدستور و رد الموازنة من قبل رئيس الجمهورية

الدستور و رد الموازنة من قبل رئيس الجمهورية

يعد الدستور القانون ألأعلى والأسمى في الدولة و هو المرجعية الأساسية لكافة التشريعات والقوانين، ويجب ألاّ يأتي أي قانون يتناقض مع مبادئ الدستور، ويقع الدستور في قمة الهرم الخاص بقانون الدولة وإنه شيئ أساسي وهام من قواعد وأركان الدولة الأساسية وهو ضروري وحيوي جداً لها إذ أنه هو الأساس لأي نظام سياسي وإن لفظ كلمة دستور ليس لفظاً عربياً، إنما هو لفظ فارسي يتكون من مقطعين : مقطع (دست) ومعناه قاعدة، ومقطع (ور) ومعناه صاحب، ودخلت كلمة دستور إلى اللغة العربية عن طريق اللغة التركية

في العراق وقبل عدة أيام قام مجلس النواب بأنهاء مشروع قانون الموازنة الأتحادية وقام بأرساله إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة عليه وذلك طبقآ للدستور العراقي حيث نصت المادة (138 / خامسآ / أ) على أنه (ترسل القوانين والقرارات التي يسنها مجلس النواب إلى مجلس الرئاسة لغرض الموافقة عليها وإصدارها …)
وبعدها قام رئيس الجمهورية بمراجعة شاملة للموازنة ووجد بانها تضمنت مايقارب (31) مادة مخالفة بعضها قانونية والبعض الاخر دستورية، اضافة الى مواد اخرى بحاجة الى صياغة قانونية اكثر رصانة، ما جعله يعيدها الى مجلس النواب لتعديل تلك المواد وفق الدستور فالدستور العراقي منح رئيس الجمهورية حق إعادة الموازنة إلى مجلس النواب كما نصت المادة (١٣٨ / خامسآ / ب-ج) على أنه (في حالة عدم موافقة مجلس الرئاسة تعاد القوانين والقرارات إلى مجلس النواب لإعادة النظر في النواحي المعترض عليها والتصويت عليها بالأغلبية وترسل ثانية إلى مجلس الرئاسة للموافقة عليها وفي حالة عدم موافقة مجلس الرئاسة على القوانين والقرارات ثانية`خلال عشرة أيام من تأريخ وصولها إليه تعاد إلى مجلس النواب الذي له أن يقرها بأغلبية ثلاثة أخماس عدد أعضائه غير قابلة للإعتراض وتعد مصادقآ عليها)

وهنا يأتي دور مجلس النواب الذي يجب أن يتعامل “بمهنية” مع الملاحظات المقدمة من قبل رئيس الجمهورية حول الموازنة الاتحادية والذي وجد أن هناك (31) مادة مخالفة وسبب ذلك حسب رأيي المتواضع هو عدم اشراك اللجنة القانونية بمراحل اعداد الموازنة كان السبب الاساس في هذا الاخفاق فهناك ملاحظات عديدة تضمنتها الموازنة ناهيك عن الصياغات غير القانونية فقد تضمنت البعض منها هدر للمال العام كوضع ثلاثة تريليون دينار قابلة للزيادة مع الوفرة المالية تحت تصرف رئيس الوزراء وهي مخالفة لقانون الادارة المالية والدين العام، إضافة الى ملاحظات اخرى دستورية تخص نسبة اقليم كردستان وتخصيصات آخرى تخص ابواب غير ضرورية وتثقل كاهل الموازنة

فبدل أن يقوم مجلس النواب بدراسة ملاحظات رئيس الجمهورية بدأت التصريحات النارية ضد رئيس الجمهورية فؤاد معصوم فصرح رئيس الوزراء حيدر العبادي : (إن لا أحد لديه الحق في إيقاف الموازنة العامة بعد تصويت مجلس النواب عليها) وبعدها يصرح رئيس مجلس النواب سليم الجبوري بقوله : (أن مشروع قانون الموازنة أصبح قانونا بعد التصويت عليه من قبل المجلس) وفي نفس الوقت صرح الكثير من السياسيين والنواب على عدم شرعية قرار فؤاد معصوم بأعادة الموازنة إلى مجلس النواب وخاصة القاضي محمود الحسن والذي صرح بأنه (وحسب الدستور يحق لمجلس الرئاسة اعادة الموازنة إلى مجلس النواب ولكز مجلس الرئاسة لا يعني رئيس الجمهورية وأن مجلس الرئاسة كان موجود فقط في الدورة الأولى) فهو بذلك قد تناسى المادة (١٣٨ / أولآ) من الدستور العراقي والتي تنص على أنه (يحل تعبير (مجلس الرئاسة) محل تعبير (رئيس الجمهورية) أينما ورد في هذا الدستور)

آخيرآ وحسب رأيي المتواضع على مجلس النواب النظر في ملاحظات رئيس الجمهورية على قانون الموازنة الإتحادية وتعديل ما يجب تعديله وفق الدستور العراقي فبعد قراءتي لقانون الموازنة وجدت إن هنالك بالفعل مواد مخالفة يجب تعديلها وأعادة صياغتها من قبل مجلس النواب بدلآ من سياسة تراشق الإتهامات والتطبيل والتزمير.