23 ديسمبر، 2024 4:42 ص

الدستور في عهد ” مات الدكتاتور عاش اللصوص !”

الدستور في عهد ” مات الدكتاتور عاش اللصوص !”

كل الشرائح الشعبية العراقية وليست السياسية , تهفو نفوسها الى تغيير الدستور التليد الذي مضى على كتابته وتفعيل فقراته القانونية بشكل سريع وغير مدروس منذ 15 تشرين الأول 2006 ,
ولا ينكر اي رجل منصف أو امرأة منصفة من انه كتب بطلاسم وببدعٍ عقول وألسنة قادة لأحزاب سياسية إسلامية خضعت للغرائز الإنسانية الطبيعية وليس لملائمة مصالح الوطن والشعب ,
وبدأت صراعها منذ 2003 من دون ان تخضع لغريزة واحدة هي غريزة حب الوطن واحترامه , واختلفوا عليه فيما بعد بسبب مصالحهم السياسية والفئوية وارتباط بعضهم بسياسات دول الجوار في كل مرة يدعون فيها الى انتخابات تشريعية او تنفيذية .
وقد اعترف عدد ممن شاركوا في كتابته على احتواء هذه الآفة التي صنعوها من دون معاجم لغوية تفسر بعض من فقراته الملغومة لكي تخدم الحقبة الجديدة , انها كانت بلا اتقان ولا في مضامينه أمان , إلا انهم آثروا ان يخرجوه ويعملوا بنمطه الحالي محمولآ على كرسي الإعاقة بسبب فقرات ومواد كثيره موجودة ومفقودة وأهمها المادة 135 الخاصة بالهيئة الوطنية العليا لاجتثاث البعث , وقانون مفوضية الأنتخابات ,
والمادة 140 التي لم تجد طريقها الى التطبيق لحد الآن بسبب انتهاء قانونيتها واعتراضات العرب والتركمان لتعديلها , وبهذا جعلوه مسؤولآ عن سر المشاكل التي تواجه العراق ,
فأبقوا عليه من دون تنقية , مؤمنين بحجة أن العصمة بالكتابة القانونية لله وحده , إلا انهم بالحقيقة كانوا على عجلة في امر اقتسام الكعكة التي تمثلت بالوطن وثرواته بين احزابهم التي خلت لها الساحة السياسية من اي قوى اخرى سواء معروفة أو مؤهلة من ناحية خطابها السياسي الذي تطرحه .
وهاهم الآن في حقبة الإنسداد السياسي كما في كل مرة , يتناحرون في صراعات من صنع ايديهم كأنهم يتصارعون على غير ماذكره الدستور , أو لأنهم الى الآن لم يتفهموه بسبب كونه لم يجر مجرى الدساتير العالمية التي لم تكتب مثلما كتبوا دستورهم بأنامل متحزّبة واقلام غرائز ومصلحة شخصية .
لذلك هم جميعآ وضعوا له نهاية حتمية ولكل قبيح في فقراته , وقد حانت هذه الحتمية بظهور نجومها منذ أيام لتغييره وخاصة بالغاء وتغيير الفقرتين اعلاه للتخلص من عقدة تحرّض على سفك الدم لأنهما يفتقران الى اساس فكري مميّز , والتغيير ليس بالأمر العسير إذا حبست الغرائز الطبيعية وهمسات القادة الكبار في آذان اللجان القانونية , وحبست المصلحة الشخصية من الجريان في فقراته القانونية خدمة للوطن ,
لأن عملية إعادة كتابة الدستور ليست على قياس اي كتاب مقدس لكي لايتغير , أو قياس أي لعبة ديجيتال , فالأخيرة لها خصوصية واحدة هي ان لا تتغيّر بأنامل اللاعبين لأن إدارة المخزون من ميكانيكية الحركة المعقدة , تتحكم بها عناصر اللمس التي تعطي للاعب اكثر دقة باللعب فحسب ,أما الكتاب المقدس فهو كلام الله الذي وضعت بعد نزوله الأقلام وجفت الصحف ولا احد يجرؤ على الخوض فيه فيغيره او يعدله لأنه ذو صلاحية على البقاء كما هو الى فناء البشر.
اما الدستور فلا يمتلك صلاحية الكتب المقدسة , وإذا قورن بلعبة الدجيتال فلا يقارن , لأنه ميزان قصاص بملامح منشأة لوحدات قانونية تكيل الحق وتستر ولا تشهّر بالبشر , يتخندق بها الساسة في جميع انحاء العالم لإداء اي لعبة سياسية تلعبها سواء امريكا او بريطانيا , في إدارة ازمة او حربآ بضوابطها القانونية المحكمة امام الشعب ,
وتشترط بها العلمية القانونية وحسن الإدارة اثناء التطبيق حتى وإن كانت على السياسة الداخلية او الخارجية للبلاد .
فهذه المنشأة التي انشأتها الأحزاب , يمكن ان تلغى او يتغيّر قبح البعض من وحداتها القانونية , وذلك بإسقاط حروف او مفردات او فقرات منها لتتماشى مع إدارة شؤون البلاد حين تقف عائقآ امام تقدم البلاد , كالريح التي تعرِّيه ولا تملأ عيون اعدائه غبارا كما يقول المثل ,
لأنها تتعامل مع كائنات بشرية حيّة داخل جغرافية وطن ذو سيادة , اما لعبة الديجيتال فتتعامل مع اشكال ضوئية تحاكي حركات البشر .
والصعوبة في التغيير التي يراها البعض من السياسيين معروفة الجانب , إذ ان من يزن الخير في ميزان قبيح ولايوجد في مجلسه حكيم يعيب القبح لاشك انه لاشريك بالعملية السياسية ولا مشارك بها أبدآ كما يدعي , بل هو نكرة يريد ان يكون بفواحش الدستور معرفة وذا رفعة وقدر على حساب تدمير الوطن ,
فيأبى ان يعدّل او يغيّر وهذا ينبغي ان لايحتفى به كمواطن حريص على وطنه , إذ ان الوطنية تتبع الدين والحسب والنسب ولا تسقط عنهما الى الأبد , وفي هذه الحالة فهو لا أخ للشعب ولا نفس ولا يدرك ان الدستور انجبته ثقافة الغرائز والمصلحة وفي اطار عهد كان العراق فيه بدهليز الإحتلال وتحت هتاف “مات الدكتاتور عاش اللصوص” .