18 ديسمبر، 2024 7:13 م

الدستور… تطبيق القانون ..أم تطبيق الشراكة !!

الدستور… تطبيق القانون ..أم تطبيق الشراكة !!

عندما يتحدث السياسي المعارض للحكومة عن إستحقاقات محددة فإنه ينطلق بحديثة من القول بأن هناك أكثر من مادة دستورية تحفظ التوازن الوطني ، وهذا مؤشر رئيسي في قضية التوازن الذي أتفقت عليه جميع الأطراف المشاركة في العملية السياسية ، ولكننا نجد بأن جميع تلك المواد الدستورية لم تنفذ ، ولم يسمح لنا في تنفيذها تحت ذرائع شتى !!
وكلما جئنا إلى أي مفاوضات لتنفيذ هذه المواد الدستورية ، فإن بعض الأطراف المتنفذة تقوم بخلق الأزمات وبث العقبات والأكثار من الشبهات في سبيل تعطيل هذه المادة الدستورية أو تلك تحت حجج وذرائع لايراها الشريك السياسي الآخر  أنها في صالحه في هذا الوقت بالذات !!
وهكذا بدأت هذه الجهات التي تريد تطبيق وتفعيل هذه المواد الدستورية بدأت  تشعر بأن هناك من لايريد تنفيذ الدستور ولاأحترامه ووضعه موضع التنفيذ ، حيث بدؤا بالشك والأرتياب من تصرفات تلك الجهات التي تعمل على خلق الأزمات لكي تقوم بتعطيل دور الدستور الذي تطالبهم – في نفس الوقت- بالتمسك به والعمل وفق فقراته ومواده التي وقع عليها وأقرها الجميع خلال فترة كتابة الدستور العراقي !!
ودائماً نلاحظ بان هؤلاء عندما يشعرون بقرب تنفيذ هذه المواد الدستورية الواضحة نراهم يهربون بواسطة خلق الأزمات وأفتعالها مع الطرف الآخر في سبيل تعكير جو التفاهمات السياسية وخلق أجواء التوتر التي تلقي بظلالها على أنسيابية تطبيق المواد الدستورية في الوقت الراهن ..!
وهناك أيضاً قضية أساسية وهي إدارة السلطة ، فاليوم السلطة أو السياسة العامة ينبغي أن تدار بشراكة حقيقية ، ولكن الجهة المتنفذة اليوم قد أختزلت جميع القرارات المتعلقة بالأجهزة الأمنية بالكامل ، ولن يجد الشريك السياسي بأن  هناك شراكة ولو بأدنى صورة في إدارة الملف الأمني ، وحتى أن جميع القائمين على أدارة هذا الملف من الضباط والقادة هم من جهة واحدة ومن حزب واحد فقط !
ومن الشواهد الكثيرة على عدم الشراكة في هذا الملف الأمني الخطير هو الأعتقالات الأخيرة التي لم نعلم بها بتاتاً ، وعند أستفسارنا عن أسبابها قالوا بأنها عمليات أستباقية نخشى من أن تقع في المستقبل !!ولم تقدم أدلة مقنعة بأن  هناك فعلاً مؤامرة بهذا الحجم الذي أعلنوا عنه !!
ويجب القول بأنه نحن لانعترض على قضايا الأعتقال القائم على أسس قانونية صحيحة، فالكل يريد تطبيق القانون بما يكفل الأمن للبلاد والعباد ،  ولكن أن نخلق أزمة بهذا الحجم  ، ونحاول أن نشّد بها الشارع ونربكه ، فهذا يعيدنا إلى نظريات المؤامرة في العهود السابقة والأنظمة الدكتاتورية السابقة ، وكلما أراد واحد منّا اليوم أن يتقدم خطوة إلى تطبيق الديمقراطية، أولأقرار قانون الأحزاب ،أو لتعديل الوضع الأنتخابي في البلاد ، يصبح الكلام من الطرف الآخر بأنها مؤامرة وعودة إلى الأستعمار والرغبة في العودة للدكتاتورية،  وهكذا نبقى نعيش في هذه الأوهام حتى تبقى السلطة عند الطرف الآخر كما كان يفعل من كان قبلهم !!
فعلينا جميعاً إذا ماأردنا أن نعيد الثقة فيما بيننا علينا أولاً أحترام كل ماورد في الدستور ، وعدم القفز على فقراته ، أو بث الشكوك والذرائع حول أستحالة أوعدم تطبيق هذه الفقرة أو تلك ، لأن الدستور المفروض أن يكون هو الحل ، وليس المشكلة التي تعقد للمجتمع ، وإذا تحول الدستور إلى مشكلة ملغومة كما يقول البعض ، فأن علينا فوراً تفليش وإلغاء  كل شيء قام عليه هذا الدستور …والشروع فوراً ودون تأخير في كتابة دستور جديد للبلاد يحترمه الجميع وبمشاركة الجميع لكي يكون صمام الأمان الحقيقي لكل المعضلات القادمة !!
[email protected]