18 ديسمبر، 2024 11:41 م

الدستور العراقي ….جروح تنزف …. ومصير مجهول

الدستور العراقي ….جروح تنزف …. ومصير مجهول

الدستور هو مجموعة القواعد الأساسية التي تبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها ومدى سلطتها إزاء الأفراد ، و تعني كلمة “الدستور” فى اللغتين الفرنسية والإنجليزية “Constitution” أي قانون أساسي. ويرجح أن أول ظهور لكلمة “دستور” تضمنته المادة 16 من إعلان حقوق الإنسان والمواطن الصادر سنة 1789 بعد الثورة الفرنسية حيث ورد بتلك المادة أن: “كل مجتمع لا يكفل ضمان الحقوق وتطبيق مبدأ الفصل بين السلطات لا دستور له .
لهذا هو الماده التي تنظم عمل البلاد ، وتنظم عمل حكومته ، وهو اعلى سلطه في البلاد توفر الماده الاساسيه في إقرار القوانين التي تنظم العمل التشريعي ، وتساعد العمل التنفيذي في إقرار القوانين .
الأزمة العراقية تزداد تعقيدا في ظل تعطّل المؤسسة التشريعية وتصرّف رئيس الحكومة دون رقابة برلمانية ،لهذا الوضع العراقي المأزوم منذ أكثر من عقد، بات على مفترق طرق لاتهدد وحدة البلاد فحسب، وإنما قد تشعل حربا طائفية وإثنية لانهاية لها،وما يزيد من تعقيد الأزمة السياسية تعطّل المؤسسة التشريعية، وتصرّف رئيس الحكومة بمقادير الدولة دون رقابة برلمانية ولا سند دستوري، في الوقت الذي تتصاعد حده الأزمات بين الإقليم والمركز يوميا  على اثر القراءة والمغالطه المدروسة للدستور ، لهذالا تفسير الخلاف بين رئيس الوزراء ، ورئيس البرلمان أسامة النجيفي، على إنه خلاف على الصلاحيات والأدوار وطريقة فهم الدستور والتعاطي معه، بل يعكس الخلاف حجم الأزمة والانقسام السياسي ، وعدم الثقه بين الكيانات السياسيه .
تَفجر الأزمة والاتهامات المتبادلة بين المالكي والنجيفي وظهورها إلى العلن أواخر الأسبوع الماضي، وبعدها تهديدات وتلويح رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني بـ”اتخاذ قرارات لايتوقعها أحد”، تطور غير مسبوق في المشهد السياسي العراقي ، ويعكس الخلاف الشخصوي ، وليس الدستوري ، ورغم ان الدستور رسم  الخطوط العريضه لجميع القوانين التي تسيّر وتنظّم العمل الحكومي وموسسات الدوله الاخرى ، وهذا بحد ذاته خطر اخر يهدد الدستور العراقي بذاته .
التطور الذي شهده المشهد العراقي السياسي ، ورغم تعقيداته لم تصل الأمور فيه خلال العقد الماضي، إلى أن يتحدث رئيس الحكومة عن نيته التصرف بموازنة البلاد دون انتظار مصادقة البرلمان عليها، فيما عد رئيس البرلمان تلك الخطوة بأنها انقلاب على الدستور .
كما ان القضاء هو الاخر اصبح ماده للخلاف والاختلاف والتسقيط ، لهذا ما زالت الفرصه سانحه أمامه ليقول قوله بتجرد بعيداً عن اي تأثير سياسي يذكر ،كما لايزال هناك بصيص من أمل يتمثل بالقضاء العراقي، طالما أن الخلاف ولو في ظاهره هو خلاف على تفسير مواد الدستور وحدود صلاحيات مؤسسات الدولة ، ولكن رغم ذلك يبدو أن القضاء العراقي وتحديداً المحكمة الاتحادية المخولة بتفسير مواد الدستور، والفصل في الخلاف بين مؤسسات الدولة العراقية، لاتحظى بالثقة نفسها من قبل جميع الأطراف العراقية ،لهذا هي الاخرى دخلت معترك الصراع السياسي .
وفي ظل أجواء عدم الثقة بين الأطراف السياسية، وتشكيك بعضها في حيادية واستقلالية السلطة القضائية، فإن أي قرار يصدر من المحكمة الاتحادية قد يعقد الأوضاع في البلاد ويؤزمها أكثر ،ويجعل الدستور في خطر الاختراق والتسقيط وتضييع دوره التشريعي .
كما ان للبرلمان الدور الرئيسي في تنظيم حركه الدستور العراقي ، ومساندته في الوقوف بوجه اي محاوله لتخطيه ،ليحل محله القرارات الارتجالية المهزوزه والانفعالية التي ادخلت البلاد في أتون صراع سياسي وطائفي لأكثر من مره .
وبتحول السلطة القضائية إلى طرف في المشكلة العراقية، وغياب اي دور للبرلمان الذي يحظى بثقة الأطراف المتنازعة جميعا، لم يبقَ أمام تلك الأطراف سوى الالتفات إلى المصالح المشتركة في الحفاظ على “العملية السياسية ” وإنقاذ الوضع بتقديم تنازلات متبادلةبين الأطراف جميعاً ، وإلا فالبديل لن يكون في صالح الزعامات السياسية، والأوضاع الأقليمية والدولية لن تسمح لأي طرف بالانفراد في حكم العراق ،لهذا على الحكومه ان لا تحاول ان تتخطى الدستور بقرارات لا تتتسق معه ، وان يعلن جميع الأطراف مساندته للدستور ، وعدم السماح لأي طرف التلاعب في مفرداته ، والتي فيها التجاوز على الشعب ومصالحه العليا الشيء الكثير .