تستقي أغلب بلدان العالم ، ولاسيما المتقدمة منها الدروس والعبر من جميع الأعمال التي تقوم بها والمعارك التي تخوضها عبر تاريخها ، لذا توصف بأنها (بلدان تمتلك الذاكرة) ، على العكس من بلداننا التي لا تعود الى ذلك ولا تأخذ منها الدروس والمواعظ رغم تغنيها المستمر بالتأريخ . وطالما لدينا عملية إعادة عد وفرز قريبة في انتخابات 2018 وفقاً لما نص عليه قانون التعديل الثالث لانتخاب مجلس النواب الصادر في الاسبوع الماضي ، لذا وجدت من الضروري هنا أن أعود الى عملية العد والفرز لمحافظة بغداد في انتخابات 2010 لكي نستقي منها الدروس المستفادة ونتجنب التحديات التي واجهتها ، إن وُجدت.
وعلى الرغم من اننا كتبنا في أكثر من مقال خلال الايام القليلة الماضية ، بأن الجهة التي اصدرت قانون التعديل الثالث ليست من صلاحياتها أو ضمن سلطتها ، وإعتباره مخالفة دستورية ، مع ذلك فإن العملية أصبحت أمرٌ واقع ، علينا التحدث عنها بعد متابعة مجرياتها ، وقبل ذلك أخذ العبرة من عملية إعادة العد والفرز لانتخابات مجلس النواب 2010.
لقد بددت عملية إعادة العد والفرز لمحافظة بغداد التي بدأت يوم 3 شهر ايار وإنتهت يوم 14 منه – أي إستمرت 12 يوماً – الشكوك المتعلقة بنزاهة العملية الانتخابية والتي أثيرت حال انتهاء ت كالعملية التي جرت يوم 7 آذار 2010.
وقد أثبتت العملية حسن أداء المفوضية ولاسيما في الجوانب العملياتية إذ كانت صناديق الاقتراع التي يبلغ عددها (11298) صندوقا محفوظة بشكل آمن في مخزني الكرخ والرصافة منذ انتهاء العملية الانتخابية ، والاهم من ذلك أن الأقفال الآمنة لجميع الصناديق لم تتعرض للتلاعب أو الكسر لدى مطابقتها في المخازن قبل نقلها إلى مركز اعادة العد والفرز أو لدى مطابقتها في مركز إعادة العد والفرز لدى وصولها وقبل بدء العملية مباشرةً.
كما أنّ عملية النقل اللوجستي اليومي للصناديق ورزم التصويت الخاص والتي بلغت (40) نقلة كانت مُنظمة وأُنجزت بانسيابية عالية من خلال التنسيق مع القوات الأمنية.
كما كشفت صناديق الاقتراع لدى فتحها في مركز إعادة العد والفرز عن اكتمال المواد اللوجستية ومحتوياتها ، وتقّيد الموظفين بالإجراءات العملياتية المبلغة اليهم ، ولعل استدعاء أكثر من (600) موظف من الأكفاء والمدربين جيداً من مختلف المحافظات للعمل على انجاز تلك العملية ، كان دليلاً كافياً على مصداقية عمل المفوضية ومصداقية نتائجها. وفي ادناه أهم الجوانب المتعلقة بعملية إعادة العد والفرز :
أولاً : الجوانب الاجرائية والموظفين
الاجراءات
تم تهيئة الاجراءات الخاصة بآلية اعادة العد والفرز في دائرة العمليات بعد التشاور مع المشاورين في الفريق الدولي وقدمت للمصادقة من قبل مجلس المفوضين قبل بدء العملية.
تهيئة استمارات اعادة العد والفرز
تم إعداد الاستمارات (504،505،501،502) الخاصة باعادة العد والفرز من حيث مواصفاتها وأعدادها وتم تشكيل لجنه لغرض الاشراف على طباعتها في مطبعة ببغداد وبشكلٍ عاجل.
موظفو مركز إعادة العد والفرز
آ- تم تشكيل لجنتين رئيسيتين تشرفان على عمل مركز اعادة العد والفرز في فندق الرشيد المكون من قاعتين هما ( الزوراء ، والزاهر) علماً ان اللجنتين كانتا برئاسة معاوني دائرتي ( العمليات و بناء القدرات) وعضوية موظفين من أقسام دائرة العمليات ودوائر أخرى.
ب- تم استقدام موظفي شعب التدريب في كافة المحافظات فضلاً عن مدراء ومعاوني المراكز الفرعية (التسجيل) لغرض عملية إجراء اعادة العد والفرز ، إذ تم تقسيمهم الى فرق عمل عددها ( 104 ) فريق وضمن وجبتي عمل متناوبتين، حيث ضمت القاعة الواحدة عدداً من الفرق يتكون كل فريق من (3) موظفين ويوجد هناك مشرفين على كل مجموعة من الفرق لغرض السيطرة على سير الأعمال الرئيسة مثل : (توزيع الصناديق ، جمع النتائج، حل المشاكل والاجابة على الاستفسارات وغيرها ).
تدريب كادر اعادة العد:
قام قسم الاجراءات والتدريب في دائرة العمليات بتدريب موظفي مراكز اعادة العد قبل المباشرة بالعمل على وفق الاجراءات الخاصة بعملية إعادة العد والفرز.
تقارير العمل:
وضعت اللجنة الخاصة بإدارة مركز اعادة العد والفرز آلية تقديم التقارير للاطلاع على سير العمل وذلك برفع تقريرين في اليوم الواحد الى مجلس المفوضين. كل تقرير خاص بوجبة عمل واحدة.
سير العمل :
باشر المركز باعادة العد والفرز لـ (621) صندوق اقتراع في اليوم الاول، إلا أن نسبة الانجاز بدأت تزداد يوماً بعد آخر حتى بلغ معدل عدد الصناديق المنجزة خلال اليوم الى حوالي (1250) صندوق محطة اقتراع. ولعل هذه التصاعد في زيادة عدد المحطات المُنجزة مسألة مهمة ينبغي الوقوف على اسبابها من أجل تطبيقها في عملية العد والفرز لانتخابات 2018.
شكاوي اعادة العد والفرز
بلغ عدد الشكاوى المقدمة تجاه تلك العملية (432) شكوى.
قدمت طلبات واستفسارات الى ادارة مركز إعادة العد والفرز ، جرى التحقق منها وحلها مباشرة بعد تدقيقها والاجابة عنها مما قلل من عدد الشكاوى المقدمة.
تم تشكيل لجنة من قسم الاستشارات والشكاوى وقسم الاجراءات والتدريب لغرض استقبال الشكاوى والنظر فيها وتقديم التوصيات المناسبة بشأنها ، والاجابة عن الاستفسارات المشار اليها أعلاه.
اعادة فتح الصناديق وتدقيق استمارات النتائج
تطلب الأمر في إعادة العد والفرز ، الى فتح خمسة صناديق اقتراع مرة أخرى وذلك لوجود شكوى أو لعدم وجود سجل الناخبين وتم جلب هذه السجلات لاحقاَ ، وأُجري العد والفرز على تلك الصناديق وتبين مطابقة نتائجها وعدم وجود أية شائبة حولها.
كذلك كانت هناك استمارات نتائج تعود من مركز ادخال البيانات كونها غير مقروءة أو لعدم مطابقة العدد الكلي للاصوات مع ما هو مُدوّن في استمارة النتائج ، أو ان هناك بعض الاستمارات لم تكن موقعّة من قبل فريق اعادة العد أو لاسبابٍ أخرى.
تم تشكيل لجنة للنظر بما ذكر اعلاه (فتح صندوق ، تدقيق استمارة وغيرها ) ، وكان العمل يجري بحضور عدد كبير من وكلاء الكيانات السياسية والمراقبين (محليين ودوليين ) ووسائل الاعلام لاظهار مزيد من الشفافية في العمل.
سيكون لدينا حديث مكمل في حلقة ثانية ومقال آخر حول نفس الموضوع في وقتٍ قريب إن شاء الله.