23 ديسمبر، 2024 5:23 ص

الدراخما اليونانية و الدينار العراقي

الدراخما اليونانية و الدينار العراقي

قانون الموازنة، هو القانون الأهم والأخطر من بين القوانين التي تشرع داخل قبة البرلمان، حيث ان الدولة لا يمكنها ان تمارس الانفاق في شتى القطاعات من دون وجود قانون يمنح ابواب الانفاق الشرعية القانونية. جميع الدول تتعرض لمشاكل وأزماتٍ عدة، وتعمل تلك الدول المُتأزمة على الخروج من أزماتها بُطرقٍ كثيرة، لكن حين يتعلق الأمر بأزمة اقتصادية فالجميع أمام الخطر مباشرة. موازنة 2019 تقدر إيراداتها للسنة المالية، بمبلغ (105569686870) الف دينار (مائة وخمسة ترليون وخمسمائة وتسعة وستون مليار وستمائة وستة وثمانون مليون وثمنمائة وسبعون الف دينار). ومجموع نفقات بلغ مقداره(132272548292) الف دينار (مائة واثنان وثلاثون ترليون ومئتان واثنان وسبعون مليار وخمسمائة وثمانية واربعون مليون ومئتان واثنان وتسعون الف دينار). للسنة المالية من ضمنها، مبلغ أقساط الدين الداخلي والخارجي البالغ(11188062266)ألف دينار (احدى عشر ترليون ومائة وثمانية وثمانون مليار واثنان وستون مليون ومئتان وستة وستون الف دينار). في حين بلغ اجمالي العجز المخطط للموازنة العامة الاتحادية للسنة المالية ( 26702861422) الف دينار ( ستة وعشرون ترليون وسبعمائة واثنان مليار وثمانمائة واحدى وستون مليون واربعمائة واثنان وعشرون الف دينار) ويغطى هذا العجز من الوفرة المتحققة من زيادة أسعار بيع النفط الخام المصدر أو زيادة صادرات النفط الخام من الاقتراض الداخلي والخارجي بأستثناء القروض الممولة من جهات أجنبية للمشاريع المدرجة ضمن جدول الفجوة الوارد بتمويل العجز ومن مبالغ النقد المدورة في حساب وزارة المالية الاتحادية. موازنة 2019 استنساخ للموازنات السابقة التي لا تختلف احداها عن الاخرى سوى في الارقام التقديرية للايرادات العامة والنفقات العامّة. فهي موازنات تقوم بنيتها على أساس أن النفقات العامة تصنف إدارياً، أي أن النفقات العامة توزع على الدوائر والوزارات التي تدخل موازناتها في الموازنة العامة على شكل اعتمادات أو مخصصات سنوية، ثم تُصنّف هذه المبالغ السنوية التي تخصص لكل وحدة إدارية في شكل نوعي، ووفق الغرض من النفقة التي تسمى بنود الإنفاق أو مواد الإنفاق وغالباً ما تكون متشابهة. يمكن توصيف الموازنات العراقية بانها موازنات توزيعية مهمتها الرئيسة توزيع ايرادات النفط العراقي على ابواب الصرف التقليدية دون ان تؤدي الى تغيير نوعي او هيكلي في بنية الاقتصاد العراقي، والمثير للقلق في هذه الموازنة هو العجز فيها والممول اساسا من الاقتراض والذي يوقع العراق في فخ المديونية. لم اسمى المقال اعتباطا بل نتيجة دراية بالوضع الذي يمر بالبلد و السير على خطى اليونان. عام بعد عام يتم اضعاف الاقتصاد من جهة و تراكم الديون، حتى تأتي موازنة في وقت قريب، قد تذهب جميعها الى الديون وفوائده. الفجوة المالية التي تعود اسبابها الى الاعتماد الكلي على النفط كمصدر رئيس في تمويل الموازنة، وذهاب نسبة كبيرة من الموازنة كرواتب الى شرائح ضيقة من المجتمع كرواتب ومخصصات ونثريات لا تحقق اية عوائد مالية، ولا تترك اي اثر على الاقتصاد. كما ان اهمال بقية الثروات كالغاز الذي يحترق مع النفط من دون الاستفادة منه. الحكومات المتعاقبة بالرغم يقينها ان الموازنة من دون النفط، لا معنى لها ولا وجود اصلا، لكنها لم تقم بأي جهد او محاولة لتطوير الصناعة النفطية، حيث ان العراق مازال يستورد الغاز والكهرباء والمنتوجات النفطية من دول الجوار! الحال مع تفاصيل الموازنة لا اعتقد ان تغييرا تنمويا مهما سيشهده العراق خلال هذا العام. وفي الختام عام بعد عام نسمع عن هذه الموازنة او تلك بانها انفجارية فهل ستتسبب هذه الموازنة بتفجير البلاد اعمارا وتنمية؟ وهذا غير متوقع.