17 نوفمبر، 2024 7:42 م
Search
Close this search box.

الدخول السعودي إلى سوريا ينطلق أمريكياً من العراق‎

الدخول السعودي إلى سوريا ينطلق أمريكياً من العراق‎

باتت خارطة طريق محاربة تنظيم داعش الإرهابي والتنظيمات الإرهابية الأخرى التي نشأت قبل وبعد ظهور داعش كجبهة النصرة في سوريا ومليشيا الحشد في العراق, واضحة المعالم من خلال الإتفاقات الأخيرة التي حصلت بين المملكة العربية السعودية وبين أمريكا, وأصبح ذلك جلياً من خلال إعلان وزيري الخارجية الأمريكي ” كيري ” والسعودية ” الجبير ” عن إعلانهما لخطة بديلة في حال فشلت مفاوضات السلام بخصوص الشأن السوري في جنيف, والخطة البديلة هي دخول قوات عسكرية برية عربية وإسلامية تحت قيادة المملكة السعودية والذي عرف مؤخراً بـــ ” التحالف الإسلامي ” والذي يقدر عدد قواته العسكرية بثلاثمائة وخمسون ألف عنصر, وقد بدأ تجهيز هذا القوات عن طريق مناورات ” رعد الشمال ” في منطقة حفر الباطن شمال السعودية.

لكن دخول هذه القوات الإسلامية وهذا التحالف لمحاربة التنظيمات الإرهابية يحتاج إلى مقدمات لضمان نجاح مهمته في سوريا, وهذه المقدمات من أهمها هي قطع طريق الإمداد الذي يربط بين سوريا وإيران وهو العراق, حيث يعتبر العراق الآن الممر البري والجوي الوحيد الذي يربط إيران بسوريا, فمن خلاله يتم إيصال مرتزقة الحرس الثوري وفيلق القدس والمقاتلين الأجانب ومليشيات عراقية موالية لإيران إلى سوريا لضرب المعارضين السوريين الثوار ضد نظام بشار الدموي, وكذلك إيصال الأسلحة والطائرات وكافة المعدات العسكرية لنظام بشار ومرتزقته, وهذا كله يتم تمريره عن طريق العراق الذي يعد المنفذ الإيراني إلى سوريا.

بطبيعة الحال إن التواجد العسكري السعودي ” التحالف الإسلامي ” في سوريا لن تقبل به إيران, وهذا ما صرح به جنرالات الحرس الثوري وفيلق القدس, وتوعدوا السعودية بحرب ضروس في سوريا في حال دخلت قوات التحالف الإسلامي لها, وهذا بحكم طبيعة العلاقات المتشنجة والمتوترة بين الدولتين – إيران والسعودية – والتهديدات المتبادلة بينهما فكيف يكون الحال إذا التقى الجيشين في ساحة واحدة وإن كان الهدف هو محاربة التنظيمات الإرهابية؟! هذا الأمر دفع بالأمريكان أن يأخذوا على عاتقهم – بمعزل عن السعودية – إيجاد خطوات تقطع الطريق على إيران وإضعاف تواجدها المليشياوي والعسكري هناك وقطع طريق الإمداد وهو العراق.

فبدأت أمريكا بإرسال قوات عسكرية إلى العراق طلائعها هي الفرقة العسكرية (101) مئة وواحد المجقولة والتي أخذت تؤدي مهام ضد عناصر مليشيا الحشد التي تشكلت بفتوى من المرجع الإيراني السيستاني المقيم في العراق, بالإضافة إلى قوات عسكرية أمريكية متواجدة في قاعدة عين الأسد وفي معسكر الحبانية ومنتشرة في المناطق الغربية وفي الموصل وكذلك في المنطقة الخضراء وسط العاصمة العراقية بغداد, هذا من جهة ومن جهة أخرى بدأت أمريكا بالتحرك على بتر أذرع إيران المشتركة بالعملية السياسية في العراق, حيث أصدرت قائمة بإحدى وسبعون شخصية سياسية سيتم استبعادها من المشهد السياسي, كذلك تقديم العديد منها إلى المحاكم العراقية والدولية بتهم الفساد ودعم الإرهاب خصوصاً وإن بعض تلك القيادات السياسية هي تمثل قيادات للعديد من المليشيات الإيرانية الناشطة في العراق, بالإضافة إلى إن القوات الأمريكية – بحسب تقارير وكالات إعلامية – إنها أصدرت أوامر لرئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي بحل مليشيا الحشد وكذلك إصدار أوامر إلقاء قبض بحق بعض قيادات تلك المليشيات.

والآن البيت الأبيض الأمريكي يُعد العدة لإطلاق مشروع ” حكومة إنقاذ وطني لمدة عام ” حيث يقوم هذا المشروع على أساس حل الحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة مؤقتة من شخصيات مهنية وسياسية غير مشتركة نهائياً بالعملية السياسية بعيدة عن الميل الطائفي والمذهبي, وبالفعل بدأت الجهات المرتبطة بالأجندة الأمريكية بالترويج له على إن هذا المشروع هو مطلب جماهيري عراقي, ومن أجل أن يحصل هذا المشروع على قبول سياسي وشعبي ولا تكون هناك معارضة ضده بدأ الترويج له على إن المرجع الإيراني السيستاني يدعوا له وذلك بحسب ما روجت له تلك الجهات  لتنسبه للسيستاني الذي انتهز الفرصة ليحرك أحد أبواقه في محافظة كربلاء ” محمد الهنداوي ” لدعي و يقول إنه سمع من مصادر موثقة ومقربة من السيستاني انه يدعم ويدعو لمشروع ” الإنقاذ الوطني ” .

علماً إن هذا المشروع هو مشروع عراقي ولد من رحم الأمة العراقية ومن فكر المرجع العراقي العربي السيد الصرخي الحسني ومنذ شهور عدة, لكن عجز الأمريكان عن إيجاد حل للوضع في العراق يتوافق مع خططهم جعلهم يلجئون لتبني هذا المشروع العراقي  حيث طالب المرجع الصرخي بتشكيل حكومة خلاص وطني في تاريخ 8 / 6 / 2015 م وذلك في بيان ” مشروع خلاص ” حيث طالب فيه المرجع العراقي الصرخي بــــ:

{{ ….3 ـ حلّ الحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة خلاص مؤقتة تدير شؤون البلاد إلى أن تصل بالبلاد إلى التحرير التام وبرّ الأمان .

4ـ يشترط أن لا تضم الحكومة أيّاً من المتسلطين السابقين من أعضاء تنفيذييّن أو برلمانييّن فإنّهم إن كانوا منتفعين فاسدين فلا يصحّ تكليفهم وتسليم مصير العباد والبلاد بأيديهم وإن كانوا جهّالاً قاصرين فنشكرهم على جهودهم ومساعيهم ولا يصحّ تكليفهم لجهلهم وقصورهم ، هذا لسدّ كل أبواب الحسد والصراع والنزاع والتدخّلات الخارجية والحرب والإقتتال .

5- يشترط في جميع أعضاء حكومة الخلاص المهنية المطلقة بعيداً عن الولاءات الخارجية، وخالية من التحزّب والطائفية، وغير مرتبطة ولا متعاونة ولا متعاطفة مع قوى تكفير وميليشيات وإرهاب .

6- لا يشترط أي عنوان طائفي أو قومي في أي عضو من أعضاء الحكومة من رئيسها إلى وزرائها .

7- ما ذكرناه قبل قليل يشمل وزيرَيْ الداخلية والدفاع ويجب تشكيل منظومة عسكرية جديدة تمتاز بالمهنية والوطنية والولاء للعراق وشعب العراق ولا يوجد أي تحفّظ على المنتسبين لها سواء كانوا من ضباط نظام سابق أو نظام لاحق ماداموا مهنيين وطنيين شرفاء .}}.

وبعد تطبيق هذا المشروع في العراق, تكون أمريكا قد قطعت الطريق على إيران ومنعتها الوصول إلى سوريا براً وجواً من خلال العراق, وقطعت كل الإمدادات الإيرانية لنظام بشار الأسد الدموي, هذا من جهة ومن جهة أخرى تكون قد تخلصت من المليشيات الإيرانية المتواجدة في العراق التي ستمثل جيش رديف لنظام الأسد في حال احتاج لقوة ساندة, وهذا يعني إن أمريكا ضمنت خلو العراق سياسياً ومليشياوياً من أي ارتباط إيراني وبشكل يضمن الغلبة والتفوق للتحالف الإسلامي  في سوريا, ونلاحظ الآن إن أمريكا ومن خلال مجريات محادثات السلام تؤخر التحرك السعودي العسكري إلى حين انتهاء تلك المحادثات, من أجل أن تنفيذ خطتها في العراق, وبعد الإنتهاء منها ستعطي الضوء الأخضر للتحالف الإسلامي بقيادة السعودية للدخول إلى سوريا.

أحدث المقالات