يحب القراءة والمعلومات العامة، يبحث عنها في كل مكان، تراه يسعى اليها ليقرض منها معلومة ما جديدة شغوف جدا ببرنامج من يربح المليون … وبرنامح حروف وألوف .. لا يفتأ حتى تتوسد المعلومات خلايا دماغة فباتت مكتظة بما تحتويه … له من الاصدقاء يحسدونه على خزين معلوماته العامة … دوما يتباها بأن يأتي احد بسؤال لا يمكنه ان يجيب عليه .. هذا حاله مع الكثير ممن يعرفهم …
وفي يوم من الايام جاء مع أحد أصدقائه شاب قد فركت الايام أصابعها عليه حتى عصرت رحيق بنانه لم يعر الاهتمام الى كل مايراه أو يسمعه خلال حديث بين اصدقاء، صامت لا يبت بكلمة، مستمع كبير لا تطرف له عين عن عجب او صخب قهقهات … وترى صاحبنا ومعلوماته مزهوا كطاووس بتك الالوان الزاهية …
دار الحديث عن كثير من مجريات الحياة حتى لم يكن هناك جانب لم يغطى .. الكل يستمع للكم الخرافي والمعجم لكل الاسئلة … ألتفت في سؤال الى ذلك الصامت قائلا له: أليس لديك سؤال تسأله … او شيء تريد معرفته؟ هل لديك معلومة لم اعرف او اسمع بها؟
نظر اليه نظرة قاس فيها امتار عقله وخزين المعلومات .. تم أجابه كأنه يبتدأ بنطق ابجدية الحروف .. نعم لدي سؤال ارجو ان تعرفه، ولكن أريد ان أسألك سؤال علمي وتجيبني عليه، ثم أضيف جوابي عليه مقارنة به … فما رأيك؟؟ تفتقت اوداجه، سيبرهن مدى سطوته بالمعلومات، سيكسب ندا يعترف بهزيمته ….
فقال: هات ماعندك ….
اجابه: حسنا ….. إليك السؤال…
كم نوع يوجد من الافاعي؟ وما عدد السام منها؟ ذهل لدقة السؤال وتشعبه ففرك اصابعه بشحمة اذنيه وقضم شفاهه، أخذت خلايا دماغه تستبق الى رفوف المعلومات للأتيان بجواب السؤال .. جدحت عيناه وميضا لاح لأصدقائه انه عرف الجواب … فأجاب: هناك ( 2500 ) نوع من الافاعي ويمثل منها 20% سام أي ( 500 ) نوع منها… قل لي… اليس هذا الجواب الصحيح ؟
هز السائل رأسه نعم هو كذلك … لكنك لم تسمع جوابي بعد ..
قال نعم.. سنسمع قل مالديك … جوابك هو الاجابة العلمية، ولكن هل تدرك ان من الافاعي البشرية التي تقوم بتسميم حياتنا يوميا عددا يفوق تلك الافاعي السامة؟ والغريب لم توضع في محمية أو يتم القضاء عليها بل تقتات على معاناة الانسان الذي لم يكن في يوم ما يحلم بان يكون تحت رحمة الافاعي السامة في وقت، كانت الافاعي فيه ترسل فحيحها لهدم القيم البشرية على اعتاب ممرات القبور الجماعية على قتل الامل في نفوس الكبار قبل الاطفال كإنها تئد الحياة … استغرب كل من سمع الرد فلا يوجد صلة بينهما ولا رابط في المعنى .. خيم الوجوم قليلا ومن ثم قال لهم: ما رأيكم اتريدون ان اسأل السؤال الثاني .. قفز مركز المعلومات نعم .. هات ما عندك
فقال: ما الفرق بين الصحراء والتصحر؟ أستغر ب الجميع للسؤال وكذا صاحبنا …… ولكن هناك من خلاياه لم تحب ان تركن وتُحسَب كإنها موقف للسيارات …. فعلق…. الحقيقة ان أسالتك ومعلوماتك جميلة والحقيقة اني أعرف الجواب… وهو ان الصحراء منطقة ذات مناخ معين تعيش فيه نباتات وحيوانات معينه … اما التصحر فأنه ظاهرة تغير المناخ ومثال على ذلك هو منطقة تكون فيها نباتات نتيجة ظروف معينة تصبح خالية منها ….
استطرد مسرعا احسنت … ولكن هل تعلم ان الصحراء في السابق كانت تمتلك القيم القبلية والرجولة والغيرة وعدم التأمر على الاهل والاقارب والجيران مالم يندر ذلك؟ ولولا تلك القيم التي زرعت بنا بعد الاسلام لما وصل صيت العرب الى الصين وكانت تربتنا موحدة صفراء كتبر الذهب حين تسدل الشمس انفاسها عليها وتغزل نسيج المحبة في ظلمة الليل الموحش …. اما الان فلا نرى سوى التصحر والتمسك بعناوين الامس البعيد محاولين ارتداء الاصول والقيم على اجساد بالية وعقول خاوية من معاني الانتماء الى التراب والارض
والاهل ولا تنسى يا عزيزي ان النباتات التي نبتت في التصحر قد زرعت سرطانا جذريا أمات كل براعم الحرية والقيم الاصيلة …أستغرب الجميع!! أكثر فأكثر… ما لهذا الرجل يحول كل شيء الى معلومات لا تمت للسؤال بشيء، يركن دائما الى الحديث في امور سياسية خلت عقول سامعيها مالم هي تريد ذلك … وقبل ان يهدأ سأل سؤاله الثالث .. كم هو عدد انواع الاسماك؟ وما طول اصغرها؟ وما طول اكبرها؟
الكل انبهر للسؤال فلم يكن لدي الجالسين اية معرفة بذلك إلا ذلك المركز من المعلومات التي لم تخلى جعبته من الاجوبة … احتار في باديء الامر وأطال التفكير ولكن قال ان سؤالك ماكر لذا اترك لي مساحة من الوقت .. قال له خذ وقتك ..
لم يطل كثيرا، كان الوقت قد مر بتمرير نظرات فيما بينهم مع همسات حول صعوبة السؤال ومن يستطيع معرفته والبعض ينتظر الجواب والاخر ينتظر رد صاحب السؤال وتعليقه على الاجابة لقد استحوذت اجاباته على مسامعهم وكان شغفهم للتعليق عليها اهم من معرفة الاجابة … استقام بجلسته وقال حسنا اليك الجواب مختصرا .. ان عدد انواع الاسماك هو ( 21 ) الف نوع منها الصغير ومنها الكبير وأصغر سمكة هي بطول ( 8) ملم واكبر الاسماك هي بطول (46) قدم أي ( 14 ) مترا …
استمتع بالاجابة وقال له: الواقع ان لك من المعلومات الكثير…. ولكن أيضا… يبقى لك ان تعلم و تدرك ان الاسماك الكبيرة قد ألتهمت الصغيرة منها فكان ذلك اشبه بإبادة وانقراض، حتى بات الكثير من الاسماك بترك مكان موطنه وهاجر، أصبحت تلك الاسماك الضخمة تعتاش على غرائب الاسماك وفضلات بعضها البعض بل إنها لجأت الى قتل من هم أكثر عراقة في الاصل وجاءت بأشباه الانواع من الاسماك الغريبة ثم ألبستها رداءات العصر الجديد لأسماك أنفاس خياشيمها لوثت بيئة البحر والبر معا، فاصبحت وباء في كل مكان ….. وقبل ان اذهب سأسألك سؤال اخير .. هل تعرف الدحنون أو الحنون؟ وما هو؟ وما قصته؟ توقفت سلسة عجلات خلايا دماغه، لم يكن للسؤال الأخير رفاً به خزين ليجيب عليه، فكان متحرقا لمعرفة الاجابة حيث قال دون ان يلجأ الى التفكير …ليس لدي معرفة بالجواب!! هلا أخبرتني ماهو الدحنون …. أو الحنون؟؟؟
ابتسم لرده السريع بعدم معرفته للسؤال ثم تطلع الى كل الوجوه الجالسة، لمس من لمعان اعينهم رغبة في معرفة الجواب … فأردف قائلا: الحقيقة ان الجواب سهل جدا ولا يحتاج الى دقة علمية بقدر ما يحوي من معنى تأريخي لرجل داسته اقدام فيلة ضخمة، لانه فقط رفض الاستسلام والخضوع لاحد ملوك الفرس، فكان مصيرة السحق تحت تلك الاقدام وهذا شبيه بواقع حالنا الان، نحن نسحق بأقدام فيلة منها عربي ومنها فارسي ومنها غربي فلا فرق، كلنا أصبحنا مداسات للعالم، أما الذي يؤلم اننا أصبحنا مداسا لأقدام عراقية ايضا فكانت دماء الابرياء بلا ثمن وبلا دموع … والادهى انها بلا عنواوين …. ليلية الاصابع … مع فحيح الافاعي وجذور سرطانية وخياشيم فاسدة وعلى ارض .. عذرية في زمن ما … نبتت زهرة الدحنون أو الحنون على قبر ذلك الملك ….. النعمان ابن المنذر الذي رفض تسليم نساء العرب وأطلق عليها اسم شقائق النعمان ….منذ ذلك الزمان وبعد فوات الاوان وكان ما كان في هذا الاوان ……