8 أبريل، 2024 9:44 ص
Search
Close this search box.

الدباغ والصفقة الروسية وحسابات المنطق

Facebook
Twitter
LinkedIn

من الممكن جدا أن يتبادر إلى ذهن الكثيرين بان تناولي لموضوع الدكتور الدباغ بقضية الأسلحة الروسية يحمل بين طياته عملية دفاع شخصي , بحكم شكل ونوع العلاقة التي تربطني به , نعم تربطني بالدباغ علاقة متينة إلى حد هذا التصور وابعد , وهذا التصور بالتأكيد سيفرض نفسه ويتبلور عند الذين يستهدفون الدكتور الدباغ لمنافسة سياسية أو لضغينة غير مبررة , لكني هنا خارج حدود تلك العلاقة أناقش  الحدث كمضمون  وملابساته من حيث المنطق . إن جميع الدلائل تشير بأن الدباغ لم يكن جزءا من لجنة العقود والوفد المفاوض الذي حضر إلى روسيا لمرتين , كما إن طبيعة عمله الرسمي لا تمت لوزارة الدفاع بصلة قريبة أو بعيدة , وبالتالي فان احتمالات تأثيره على صفقة من هذا النوع والتخصص  غير مقنعة بحسابات المنطق , وعلى افتراض  ( مع قناعتي باستحالة الأمر ) بأن الدكتور الدباغ يبتغي استغلال موقعه الرسمي للتعامل بهكذا صفقات مشبوهة , فبالتأكيد سيتجه إلى صفقات قريبة من تخصصه ومجال عمله الأصلي , لعلمنا بكونه مهندسا وعمل لفترات طويلة في مجال هندسة وبناء المشاريع ذلك يعني انه يمتلك علاقات أكيدة مع مجموعات من الشركات في هذا المجال عالمية وعربية , وان فرصة تواجده بصفقاتها أسهل جدا من صفقة أسلحة خارج منظومة علاقاته واختصاصه , كما إن حجم وكم التعاملات مع شركات الاستثمار الإنشائي والهندسي بالعراق يفوق الصفقات العسكرية بعشرات المرات , وذلك يسهل عملية الدخول في أكثر من صفقة تجارية أو استثمارية , إذن في حسابات المنطق فأن شخص كالدكتور الدباغ بهكذا حكمة سياسية , كان يستطيع وبسهولة ولوج عالم الصفقات من هذا المجال الميسور , والسؤال المهم هنا , لماذا لم يركز على دعوى الدكتور الدباغ إلى فتح تحقيق عاجل بموضوع الصفقة ؟ أليس هذا السؤال يستحق التعاطي المنطقي , لو كان الدباغ جزءا من هذه الصفقة ؟ فهل من المعقول يعلن موقفه وبشكل واضح وصريح وبصوت مدوي غير خجل للمطالبة بإجراء تحقيق فوري ؟ متجاوزا على الكثير من التجارب التي تورط فيها سياسيون ومسؤولون حكوميون ليسلكوا دروب التسوية السياسية أو الهروب إلى الصمت أو التواري التام , وبقائمة طويلة من هؤلاء الشخوص الذين تورط قسما منهم حتى بدماء الشعب العراقي , في حين وقف الدباغ معلنا عن نفسه لأكثر من مرة ومطالبا بشكل شجاع عن كشف ملابسات الموضوع برمته , ومادمنا في حسابات المنطق  ضمن افتراضاته  , أين نضع إصرار استمرار الحملة الإعلامية على الدكتور الدباغ وبشكل مركز دون أن يمر الذكر على أي من الأسماء الأخرى التي يفترض أن تكون أكثر تورطا , بالذات من ذوي الشأن المباشر كلجنة العقود ولجنة الشراء لهذه الصفقة ؟ وبحكم التجربة المبرهنة للكثير من الملابسات التي مرت في تعاملات الدولة العراقية الجديدة , ألا نلاحظ ان الحملة ضد الدكتور الدباغ تستمر بشكل غير معقول وكأن هنالك أصابع خفية خلفها تدعمها وتطورها ؟ في حين مرت الكثير من الملابسات الموثقة وليست موضع شبهة كصفقة الأسلحة وانتهت بتوقيتات قياسية ؟ حيث لاحظنا ملفات يلوح بها نواب وأخرى يلوح بها رجال نزاهة برلمانيون , وأخرى يلوح بها رجال قضاء , انتهت دون ضجة تذكر أو حكم يصدر , أنا هنا لا ادعم موقف السكوت على المقصر أو المرتكب لفعل يضر بالصالح والمال العام , بقدر محاولتي إيجاد مقارنات تسير بنا إلى المنطق المعقول , إذن فمن المنطقي جدا آن نقف عند مطالبة الدباغ بتشكيل لجنة تحقيقه , لنفكك مبتغاه وأهدافه , بالإضافة الى ولوج اسمه المنفرد , مرورا بالحملة الإعلامية المستمرة وأهدافها , لنصل إلى رد فعل منطقي  , يوضح بأن كل   شيء في هذه الحملة ممنهج ومنظم , وإذا ما ربطنا الأمر كله باقتراب موعد الانتخابات  وتجارب مماثلة استخدمت مع الكثير من الشخصيات السياسية , بإجراءات تسقيط غير نزيهة بالعمل السياسي , عند ذاك نستطيع تكوين فكرة منطقية اكبر عن كل ما يجري حول الدباغ بحسابات المنطق . إن هكذا ممارسات تسقيطية تسلكها قوى سياسية كبيرة  , تنذر بخطر كبير على البناء السياسي للدولة الديمقراطية , قد تطيح بالتجربة الوليدة برمتها بالذات وان تلك القوى تمتلك مقومات السلطة والمال ومؤسسات إعلامية أعدت لهذا الغرض , كما إن تجربة محاولات التشهير التي طالت الدباغ ليست الأولى ولن تكون الأخيرة , وبالتالي فإننا أمام تيار عاصف لقوى سياسية لا تعترف بشرف العمل السياسي , لا يستبعد من تلك القوى ضمن هكذا توجهات أن تصنع نظاما استبداديا , إذا ما استفحلت أنفاسه وارتكزت أسسه الهدامة دون محاسبة أو كشف غطاء .
[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب