الدعايات المدفوعة الثمن أوالعفوية صارت جزء من حياة العراقي اليومية, لان الاعلام والثقافة العراقية بشكل عام لاتتوخى الدقة ولاتحقق في اصل وصحة ودوافع كل اشاعة. لاداعي للتأكد من صحة اي خبر طالما يدين العدو, فعدونا الوهمي (أو عدو الحكومة الاجنبية التي وظفتنا) يتربص بنا على الدوام لذا فهو وراء حتى الاخطاء والجرائم التي نرتكبها ضد بعضنا البعض بكامل وعينا ومحض ارادتنا.
وطالما ان هذه الظاهرة استفحلت وصارت جزء مهم من ثقافتنا فليس من السهل اجتثاثها ولاندعو لهذا, لانه تبدو دعوة كهذه في ظل المشاكل التي يعاني منها العراق حاليا ترفا فكريا كما بدت دعوة المفكر كنعان مكية لضمان حريات المثليين في مؤتمر لندن للمعارضة العراقية ( اغلب الحاضرين اسلاميين) الذي سبق اسقاط نظام البعث في العراق.
لاننا لانشترك مع بشر هذا الكوكب في استعمالهم للعقل وطرق التفكير والتحقق والاستنتاج لذا يصبح معقولا لنا ان ترسل دولة جنودها لقتال تنظيم ارهابي ويقوم طيرانها بقتل اغلب قادته وفي النفس الوقت تزود هذا التنظيم باسلحة واعتدة كي يقتل جنودها. ماهي غاية تلك الدولة؟
أنا اقول لكم ماهي الغاية: انه العدو, والعدو يريد الاضرار بنا حتى لو اضطره هذا ان يضر بنفسه في سبيل ذلك لان هذه السياسة التي تتبعها حكومات دول الشرق الأوسط فلماذا لايفعله عدونا؟
نكرر ماكتبنا في مقالات سابقة حول حكومتي ايران وسوريا, على سبيل المثال, فهما دعمتا المجاميع الارهابية السنية التي كانت “تجاهد” ضد الجيش الامريكي في العراق رغم ان الغالبية العظمى من ضحايا “جهادهم” كانوا ولازالوا شيعة ,وعندما انقلبت هذه المجاميع ضد نظام الاسد ارسلت ايران المجاميع الارهابية الشيعية وجندت شيعة عراقيين لقتال المجاميع الارهابية السنية التي كانت تدعمها.
وعندما طال الأمر وتحول الصراع الى حرب استنزاف ارادت حكومة ايران تخويف العالم من الارهاب السني ,لكي يكون مضطرا الى دعم نظام الاسد, فاعادت دعم المجاميع الارهابية السنية واوعزت لعميليها الدعوجيان رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ونائب رئيس الجمهورية السابق خضيرالخزاعي باطلاق سراح عتاة الارهاب الذين تركتهم القوات الامريكية في سجون العراق كي يلتحقوا بارهابيي سوريا.
وفي نفس الوقت استمرت ايران بدعم المجاميع الارهابية الشيعية التي تقاتل جنبا الى جنب مع الاسد لمنع نظامه من السقوط.
لعل فهمنا للسياسة الدولية تأثر بشكل كبير بهكذا سياسات فصرنا لانفرق بين سياسات دولة تنفق المليارات من اجل اعادة الاستقرار الامني والاقتصادي للعديد من المناطق الساخنة في العالم ( نعم لان الاستقرار يصب في مصلحتها ومصلحتنا ايضا) وحكومات دول الشرق الاوسط التي يدعم غالبيتها الارهاب او على الاقل تغض الطرف عنه.
منذ ان بدأت الحملة العسكرية الدولية بقيادة امريكا ضد تنظيم داعش, لايكاد يمر يوم الا ونسمع او نقرأ عن القاء الطائرات الامريكية العتاد والاسلحة لعناصر داعش دون اي دليل عدا صورا لطائرات في الجو وميليشياوي على الارض يصيح “شوفوا ياجماعة ذيج الطيارة ذبت اسلحة لداعش.”
قد يكون الامر طبيعيا عندما يصدر الاتهام من مواطن بسيط او من شخص متعاطف مع داعش ولكن ان يصدر من اخطر لجنة امنية في اعلى جهة تشريعية في العراق فهذا أمر خطير جدا قد لاتقل خطورته عن خطورة عمل الذين سلموا الموصل لداعش لانه يعرقل تحريرها عن قصد.
لذا نطالب الميلشياويين وعضوي اللجنة الامنية في البرلمان العراقي حاكم الزاملي و حسن سالم بعقد مؤتمر صحفي وتقديم مالديهم من ادلة على اتهامهما للجيش الامريكي بتزويد داعش بالعتاد والاسلحة كي نطالب الحكومة باعادة النظر في تعاملها مع أمريكا او فليخرسا وامثالهما والى الأبد لانهم يعرقلون الجهود الدولية لتحرير الاراضي العراقية من تنظيم داعش الارهابي تنفيذا لمخططات ايرانية شريرة.