في التاسع من نيسان 2003 احتلت الدبابات الاميركية عراقنا ، لتعلن بداية حقبة تاريخية جديدة وانتهاء حقبة بكل اطارحها واتراحها ، فيما الكثير مما يمكن ان يقوله التاريخ ، لها مؤيدين ولها ناقمين وغاضبين ، ولها قبل هذا وذاك اهل حق ممن لحق بهم ضيم الامس القريب لأسباب سياسية تتعلق بفن الحكم ، ومقارنة ما جرى بعد الاحتلال بمختلف التسميات ، والاهواء والاجندات الحزبية ، تتوقف عند عبارة واحد تتمثل في السؤال : ما المستقبل ؟؟
في الحتميات التاريخية ، والحقوق والواجبات الشرعية ، هناك افتراضات متعددة لما يوصف في العرف الدستوري لبناء الدول ب” العدالة الانتقالية ” ومشكلة اليوم ان الكثير من القادمين من وراء الحدود ، مرة على ظهر الدبابة الاميركية ، واخرى موافقين عليها ، وثالثة معترضين عليها شكلا موافقين عيها مضمونا، يحاولون ان يكونوا اكثر تعصبا مما يتهمون به ذلك النظام بشموليته ، وكلما يمكن ان يقولوا فيه من الشعر والنثر ، ويجسدوا حقيقة واحدة بانهم لا يمتلكون حقيقة مطلقة عن مستقبل عراق الغد .. كيف يريده الشعب ان يكون .. وكيف تريده الاحزاب وحيتان الفساد وامراء المليشيات ناهيك عن اساطين السياسة المتربعين على عرش السلطة ؟؟
اتفق مع كل من لديه حقا على النظام السابق .. بل اقبل ايادي الامهات اللواتي تلوعن بمآسي تلك السنوات في عجاف حروبها ، ومضمون ثقافة القائد الاوحد .. لكن السؤال من يقبل ايادي امهاتنا نحن ضحايا الارهاب خلال عقد مضى.. بدلا من الاطمئنان على مستقبل العراق الواعد بثرواته.. هل هم زعماء المليشيات والجماعات المسلحة ؟؟ ام انهم اصحاب الاجندات الاقليمية كل منهم يتهم الاخر بالنفوذ الايراني وذلك بالنفوذ التركي وهكذا دواليك دون ان يثبت اي حزب مصادر تمويله الخارجية.. حتى باتت العمالة للنفوذ الخارجي نوعا من الفخر في التسلق والوصول الى امجاد السلطان في عروش المنطقة الخضراء !!
بالامس وعلى الفيس بوك ، هذا الموقع للتواصل الاجتماعي ،طرح الاخ اياد الزاملي فكرة عن تكريم رواد الادب العراقي ، كنوع من نهوض المثقف العراقي بمهمة المصالحة الوطنية بين اهل عراق الداخل والخارج وهي مهمة نبيلة تتطلب المساندة والتعضيد ولكن من خلال قياس نوع التعليقات ، وجدت ان الكثير من المشاركين ينطلقون من حثيثات الامس ، بكونهم مثقفين ظلمهم نظام صدام ، فمن ظلم عراق اليوم ؟؟
في اكثر من محاضرة للعلامة الاستاذ الدكتور حامد ربيع المتخصص في الفقه الدستوري ، كان يؤكد حقيقة مطلقة بان المثقف في الطبقة الوسطى هو محور الدولة ، ومهمة المثقف ان يقول كلمته ويمضي ، قبلت الدولة ام رفضت ، لكنه يقود المجتمع بما يجعل الدولة تواجه الراي العام بالموافقة او الرفض لسياساتها .
وقياس هذا الراي على مضمون تلك التعليقات ، تؤكد ان الكثير من الذوات الساخطين على نظام صدام بعد 10 سنوات من التغيير ، ما زلوا يتوقفون عند مهمة يمارسونها ليس لخدمة حكومة نختلف في وصفها ما بين الدكتاتورية او حكم الواقع او كونها وطنية ، بل لأجندات احزاب ما زالت لم تحدد معالم الطريق في بناء العراق الجديد ، ويفترض بهم كمثقفين ان يتعاملوا مع الدولة والحكومة باليات ديمقراطية افتقدوها في ذلك الزمن وغادروا العراق كما افتقدها اهل الداخل لسبب وحيد انها كانت الامر الواقع والبديل يتمثل الالتحاق بركب الطيور المهاجرة عن الوطن .
لكن الاختلاف ما بين اهل الداخل في الامس واليوم ، بانهم تعاملوا مع وطن اسمه العراق ، فيما تعامل القادمون الجدد من فنادق الخمس نجوم مع العراق الجديد بعقلية الانتقام فحسب من دون بناء نموذج ثقافي او معرفي لبناء دولة يفرضوا عليها المنهج المدني لا عقلية القرون الوسطى التي لا يمكن لاي شعب قبولها، الا في الانموذج الافغاني لنظام طالبان ، فقندهار في نموذجها الاجتماعي والثقافي ، لا يمكن مقارنتها الا بقراءات مجتمعية تغفل دور المثقف الذي يريد ان يرى عيوب بناء العراق الجديد بثقوب الغربال الذي اوجدته اوجاع الالم من ظلم نظام صدام ، وبذلك يفتقد العراق قيمته العليا في المشاعر الموجهة للطاقات الابداعية ويتنازل المثقف لمكوناته الطائفية والقومية بان تتقدم على عراقيته فيكون شيعيا وسنيا وكرديا وتركمانيا قبل ان يكون عراقيا ، ويتجسد ذلك في ثقافة مجتمعية ترفض العراق الاخر فقط لانه لا يتماثل في نوع المكون الاجتماعي ،ومثلما يكن العداء في داخله بعد عشر اعوام من العدالة الانتقالية ،لاهل الداخل فقط لانهم لم يهجروا نظامه، فانه يكن في تربيته الاسرية ذات العداء للمكون الاخر ، بعقلية الاغلبية العددية ، او المصالح المتضاربة ما بين الاجندات الاقليمية ويبقى ينظر من ذات الغربال لمستقبل اولاده واحفاده ، لينتقل الصراع المجتمعي الى صراع شيعي – شيعي او سني- سني والسؤال من هو المستفيد من كل ذلك ؟؟
الاجابة اتركها لتعليقات الفيسبوك ؟؟