“لست وحدك” جملة يسمعها الفرد من المجتمع المحيط به، في السراء والضراء، وتدريجيا تتقلص الدائرةحوله، مع مرور التجارب وخوضه أقدارا.. فوق او دون طاقته.. على حد سواء.
يحتاج الناس، فلا يجدهم.. لحظة يجابه ظرفا لا غني فيه للمرء عن الآخرين، ولو بشق تمرة.. وهو يكتنز الذهب، او بكلمة طيبة.. وهو يلاوي بيد عزلاء،أحداثا تحدق به حاملة السيوف والخناجر والرماح.
حتى الغني يحتاج مواساة حين لا ينفع المال، والقوي تعوزه الطمأنينة يوم تقلقه المصائب، فيتجلى حضور المجتمع في حياة قضاها مستغنيا عمن سواه.. أنا ومن بعدي الطوفان.
لا غنى عن الآخرين، لكن تدريجيا يبدأ الإنسان بالأنغلق على عائلته وذويه حصرا.. مكتفيا بهم وشخص أو شخصين يجاهدون دومًا كي يبتسم متفائلا.. عملا بالمثل الشعبي: “الحمل ما تشيله غير أهله”.
يفترض بمن يصل الى تلك القناعة، ان يكتفي بها راضيا تمام الرضا؛ نتيجة مصائب ومواعظ… وربما أفراح ومغانم، صبت على رأسه… مقررا الاستغناء عمنيسميه صديقا إذا إكتشف قصوره عن قدسية الصداقة، وأنه لا يستحق هذه المكانة ولا تليق به؛ فمنانبل العلاقات إنتقاء الإنسان اصدقاءه بعناية، وهو ينتظم في صف الناس رهطا متفاعل الأخذ والعطاء… لكنهم يريدون الأخذ من دون عطاء.. إن الجملة لا تكتمل وعلاقاتنا المقدسة منقوصة.
إحتفظت بحكمة من المصنفة في كتاب جينيس، كأقبحالنساء في العالم، تقول: “أحاول أن أطمن إحتياجاتيبنفسي، وما لا أستطع تحقيقه؛ ألجأ به الى الآخرين؛ فإن أحجموا؛ أكتفي بالدعاء الى الرب!” وكأنها تقول “حسبي الله ونعم الوكيل” وهي ذات الآية التي يمزق بها الفرد غلافا إجتماعيا يؤطره، بالحسبنة: “حسبي الله ونعم الوكيل” حين تتقلص الدائرة حول الإنسان،لحظة يحتاج الآخرين ولا يجدهم.. فيلاوي القدر بيدعزلاء؛ لذلك ينغلق على عائلته مكتفيا بمنيجاهدون كي يبتسم متفائلا وينسى هموما شديدة الحضور إلحاحا في حياته.
و… يستغني عمن كان يسميهم أصدقاء بعد أن يتأكد من أنهم لا يرتقون الى قدسية الصداقة.