19 ديسمبر، 2024 6:15 ص

الخيولُ تربدُ متعبة !!!

الخيولُ تربدُ متعبة !!!

(المِرْبَدُ) أو مربد البصرة .. أو سوق المربد) الزبير الحالية).
وهو سوق من الأسواق القديمة في البصرة ، يبعد عن مدينة البصرة ثلاثة أميال ، وكانت تقام فيه مبارزات في الشعر بين الفرزدق وجرير .. عرفت بشعر النقائض ، وكان هذا السوق في الجاهلية- حتى عصر الخلفاء- سوق للإبل ، وكانت تحبس فيه الإبل ، ولذلك سمي بالمربد. وأهل المدينة يطلقون على المكان الذي يجفف فيه التمر مربداً أيضا .

كانت سوق عكاظ بالجاهلية مفخرة العرب .. من حيث الأدب والشعر وتبادل الأخبار و الصلح بين القبائل الكثيرة ، حتى جاء الإسلام ، وانشغل أهلُ الحجاز بأخبار الفتوح والفرائض، فلم يكن هنالك من يستقبل الشعراء والأدباء في الحجاز ، حتى أن أهل الحجاز حاولوا إزالة كل ما يتعلق بعصر الجاهلية ، وكان من أبرز ذلك العصر الجاهلي هو سوق عكاظ .

كان مربد البصرة في بداية العصر الأموي عكاظ َ المسلمين كما يسمونه .. إتجه إليه الأدباء والشعراء واللغويون ؛ ومن أبرز العلماء والشعراء المترددين على (المِرْبَدِ) آنذاك :

الفراهيدي ، عبد الله بن المقفع ، خالد بن صفوان ، الجاحظ ، الكندي ، أبو نؤاس ، جرير ، الفرزدق ، بشار بن برد ، سيبويه ، الأصمعي ، أبو عمرو بن العلاء ..

ونظراً لموقعه الجيد ؛ فقد كان مكان لتبادل الثقافات والشعر والبلاغة والمفاخرات الشعرية ، ويجمعُ الحجّاجَ والقوافلَ البرية للأقاليم الجديدة التي تم فتحها ، وكان يمدُّ البصرةَ بتجارة وثقافة .. فأطال من مكانتها التاريخية.

ظل مربد البصرة مزدهراً حتى بدايات القرن الخامس الهجري..

ذكرها ياقوت الحموي المتوفى سنة 626هـ ؛ وقال أنها تبعد ثلاثة أميال عن البصرة ، وكان يسرد عنها ما تبقى من آثارها وكأنها في أيامه مندثرة لم يبق منها إلا آثار متبقية ، وفيها يوجد قبر الزبير بن العوام وطلحة .

حتى ارتأت وزارة الثقافة العراقية عام 1971م إعادة أمجاد ذلك المربد إلى أحضان البصرة الفيحاء من جديد ؛ فعادَ مهرجاناً شعرياً تقيمه وزارة الثقافة في العراق ، ويشارك فيه العديد من الشعراء والأدباء العراقيين والعرب .

وكما ذكرنا ؛ فإنَّ هذا المهرجان استمد عنوانه من (سُوق المِرْبَد) التي كانت تقع في قضاء الزبير ضمن محافظة البصرة حالياً ، وهي أشبه بسوق عكاظ قبل الإسلام ، وكانت السوق مخصصة لبيع الإبل والبغال قبل أن تتحول خلال العصر الأموي إلى ملتقى للشعراء والأدباء والنحاة الذين كانوا يجتمعون فيها وينظمون مناظرات شعرية وحلقات نقاشية وفكرية ، وبخلاف الأسواق الأدبية الأخرى التي كانت مخصصة لأقوام الجزيرة العربية، كانت سوق المربد متسعاً لأعراق مختلفة من فرس وصينيين وهنود وأقباط وعرب.

لقد تعرض مهرجان المربد إلى ظروف تلكؤ .. من حيث المكان والزمان ؛ بسبب الحرب العراقية ـ الإيرانية عام 1980، وأحداث غزو الكويت و الانتفاضة الشعبية الشعبانية عامي 90/1991 ، و أحداث الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 .

ورغم النشاطات التي كانت مسيّسة لصالح الأنظمة الحاكمة وإرادة الطغيان التي تخللت تلكم السنوات العجاف ، إلاّ أنَّ مهرجانَ المربد بقي صامداً بإصرار إتحاد الأدباء والكتـّاب في البصرة على إقامته رغم أعتا الظروف وأصعبها ، ومنها ظروف التقشّف التي يعاني منها البلد هذا العام بسبب انخفاض أسعار النفط عالمياً ، لكونه الركيزة الاقتصادية الوحيدة للدولة ، بما تسبب في تقييد الثقافة الوطنية وتحجيمها ، من خلال تحجيم المشاركات لعددٍ مهم من الشعراء العراقيين والعرب . وإليك أهم سلبيات مهرجان المربد الثاني عشر لها العام 2014/2015:

1. ارتباك تحديد موعد إقامة المهرجان ؛ بحيث تمت إقامة مهرجان المربد لعام 3014 مطلع َ عام 2015.

2. طبقية إقامة المدعوّين .. من شعراءَ عربٍ و عراقيين ونقـّاد وحضور ؛ فقد تمت إقامة المشاركين بثلاثة فنادق متباينة تماماً .. من حيث نوع المنام والطعام ، مما أضاع فرص التلاقي والتلاقح الفكري الأدبي وتوطيد وتمتين العلائق فيما بين الأدباء .

3. بعد موقع الجلسات عن أماكن إقامة المدعوّين ، ما تسبب في تعذّر أو صعوبة الوصول في مواعيد الجلسات المحددة ، سيّما وأنه قد حصل تلكؤ في حركة الحافلات خلال أول يوم تمت معالجته لاحقاً .

4. طبقية الدعوات ؛ فقد أعلنت قائمتان .. القائمة الأولى (قائمة الأدباء المدعوين من قبل وزارة الثقافة) و قائمة لاحقة بعنوان ( قائمة المدعوين من قبل الإتحاد العام للأدباء والكتـّاب في العراق) .

5. حصلَ خللٌ في المنهاج ؛ من حيث القراءات ، ومن حيث البرنامج المعلن ؛ فقد قرأ بعض الشعراء .. وهم غير مدعوين في أية قائمة ، بينما حُرِمَ آخرون من فرصة إظهار تجربتهم الشعرية أمام الحاضرين ، الأمر الذي أضاع على الكثير فرصة التعريف عن أنفسهم خلال هذا المهرجان الكبير .

مقترح :

نظراً للظروف المالية التي تعاني منها الحكومة العراقية بسبب انخفاض أسعار النفط عالمياً ، مما أثّر على ميزانية الدولة للعام الجاري واحتمال استمراره للسنوات المقبلة ، أقترح على وزارة الثقافة الموقرة بما يأتي :

{ أنْ تتبنى وزارة الثقافة والسياحة والآثار بالتنسيق مع الإتحاد العام للأدباء والكتـّاب في العراق مشروع الإعلان عن انطلاق (( مهرجان الشعر العراقي العالمي الأول ـ 2015)) ..

تستجمع لهذا المهرجان الكبير كافة تخصيصات المهرجانات الشعرية التي تقيمها الإتحادات الأدبية في المحافظات .. مهرجان الجواهري ـ مهرجان المتنبي ـ مهرجان مصطفى جمال الدين ـ مهرجان السياب ـ مهرجان المربد ـ مهرجان الكميت الشعرية ، بحيث يخرج للعالم بوجه ثقافي كبير ومشرق يضيء بأنواره على الشعر العراقي والعربي والعالمي ويستوعب الجميع}.

ومن الله التوفيق ؛؛؛

أحدث المقالات

أحدث المقالات