18 ديسمبر، 2024 3:48 م

الخيط بين دكتاتورية صدام وديموقراطية من بعده

الخيط بين دكتاتورية صدام وديموقراطية من بعده

يبدو أن السؤال نفسه موجود عند كل مواطن: أين ذلك الرجل الكبير الذي يضرب بالحذاء على صورة الدكتاتور صدام؟ وأين الأطفال الّذين يضربون على رأس تمثال يجر في الشوارع؟ فهل دمج ذلك الشيخ مع السلطة، او شمل بالإجتثاث او قتل بالكاتم؟ وهل اولئك الاطفال إغتالهم الإرهاب في المدارس و الحدائق أو الأسواق؟ أم اكملوا الدراسة ويقفون في مساطر العمال، او إنهم ذهبوا للتطوع في القوات الأمنية، وتنتظر الأمهات أن يأتوا شهداء؟!
تخيل العراقيون ذلك اليوم، إقتلاع الدكتاتورية بعد زوال صنمها، وفرشت الأمال عريضة، فرحوا ومعهم كل شعوب العالم بزوال حاكم لم يجعل له صديق.
منظر نركيزنا فيه تهاوي الدكتاتور، ويهلهل أهل الجنوب قبل الشمال، لم نتصور ذلك الصنم الذي يُشخى إلتقاط صورة بجابنه، او النظر طويلا الى تمثاله، وإن رمز الأمة وقائد الضرورة يقف على أعواد خاوية، وتلك الشمولية في لحظة وقفت أدواتها بالضد منه، والكل تنصال من افعاله.
مازرعه صدام من منهج، كنا نعتقد أنه يزول ويقتلع معه، وما أسس منهج ليس على قواعد علمية وإنسانية؛ يشبه تصرف صاحب سلطة ومؤوسسة، طوعها بأفعاله الهوجاء، الراسخة حتى في منهاج الدراسة، وأفعال يتعلمها الصغار والكبار، فهل تعني الصدامية أسم على مسمى، وهي الصُدامية والتضاد والمخالفة؟ وهل هي مرض معدي يصيب الأصدقاء والاعداء؟
كنا نتامل كثيراً، ونحلم اكثر، وننتظر ان تُطوى تلك الحقائق المريرة ، ولا يصدق العقل زوال التفرعن؛ حيث الحاكم ولا بديل له سوىنفسه، وإن مات سيكون لأبنه وعائلة وحزبه الاكثر حرصاً وحفاظاص على الامن الوطني! والأخرين لا يحق لهم كلام في مصلحة البلدن و أن دعت ضرورات البقاء لا يحق العيش! وصار المتملقين يعقفون ألسنهم ويظلون سياراتهم وتقاليدهم. 35 عام حفرت في ذاكرة المحرومين جراح كمن يحفر على اشجار الغابات ذكريات مؤلمة، ولا تزول بعدة سنين، تحمل أمراض معدية، وتنتظر المغفلين.
النخبة السياسية بعضها من يقود العراق اليوم، تعتقد انها كانت بالمواجهة، أكثرها أصيب بالعدوى الصدامية.
من المؤسف جداً أن تنهي الدكتاتورية بولادة دكتاتورية بأسم الديموقراطية، وإن صدام لا يزال باقي، ومثلما كان أسمه على مسماه، يحاول البعض ان يسنخ التجربة، ويستخدم الاسماء ليكون من مالكي العراق وشعبه، يُشيع أن الأبدية في الحكم هي قدر العراقيين، ولا بديل للحاكم الاّ الحاكم، وحتى حزبه أصبح عقيم عن انجاب القائد الأوحد، المتحرك بالبطانة المتنفعة والمنتفخة. فهل يستطيع صندوق الإقتراع هذه المرة قلع الصداميين، ام أن صدام لا يزيله الاّ بالصُدام والحروب والتدخل الدولي! ومن خرج من الحفرة لم يكن سوى شبيه، وهناك الف شبيه قيد الحياة.