23 ديسمبر، 2024 2:33 م

الخيبات الديمقراطية !

الخيبات الديمقراطية !

الإنسان العربي ضحية الآليات الإكتئابية , التي نالت منه في القرن العشرين ,
وأسست لمناهج العجز المُتعَلم , والتيئيس المُنظم , والشعور بالقنوط والإستسلام.
وفي مطلع العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين , دبت في عروقه حرارة الحياة ,
وتأججت في أعماقه الطموحات , فانتفض ثائرا يريد حياةً تليق به , أسوةً بغيره من أبناء الدنيا ,
التي أطل عليها عبر شبكات التواصل الإجتماعي ومواقع الإنترنيت , التي أحضرت العالم إليه ,
بكل ما فيه من تطورات ومستجدات ومستويات عيش وحياة.
وحسب الإنسان المظلوم المقهور الكاظم لغيظه لقرون ,
بأنه سيبدأ مشوار اليقظة والتمتع بحياته وثرواته , بعد تغيير أنظمة الحكم ,
التي وجدها السبب الرئيسي في إعاقة حريته وكرامته ومنعه من نيل حقوقه الإنسانية.
وقامت قيامة الثورات وتسارعت التطورات ,
وإذا به يتمكن من إسقاط الحكومات والرؤساء ,
بإرادته الحرة ,
وبمعونة الآخرين ,
وأفضت به الثورات إلى وديان الفراغ , ومتاهات السرابات الديمقراطية ,
التي راح يطاردها متوهما ومصدقا ومكذبا في ذات الوقت.
وأراد الشعب ما أراد , وما وجد على أرض الواقع شيئا مما أراد ,
بل إنقلب السحر على الساحر ,
وتحولت الميادين إلى سوح تفاعلات سلبية , وصراعات حزبية , ونداءات فوضوية.
والشعب بلا قيادة لا يمكنه أن يصنع تأريخا ويبني دولة ويقيم نظاما ,
فالمظاهرات والإعتصامات , لا تصنع دولة ذات منطلقات ديمقراطية ,
وإنما لا بد من القيادة الديمقراطية ,والدستور الديمقراطي , والمؤسسات الديمقراطية.
ولا بد من البُنى التحتية اللازمة لصناعة الحياة الديمقراطية.
ولعدم توفر الأركان اللازمة للنجاح ,
عصفت الخيبات , وانطلقت الصيحات , وتفاعلت السلبيات , وتنامت الإحباطات ,
فوجد الناس أنفسهم أمام حالة لا يدركون تطوراتها ومراحل إستحالتها ,
فتناهبتهم العاديات , وظفرت بهم الصراعات.
فانتقلوا من سيئ إلى أسوأ , ومن وجعٍ إلى أوجع ,
ومن ميادين الإستبداد , إلى مواضع التلاحي والإشتداد!
فهل من أدوية ولقاحات تقي من الخيبات؟!!