11 أبريل، 2024 7:24 ص
Search
Close this search box.

الخيانة : افعى تتسرب من جيوب صانعيها .. بريغوزين (فاغنر) انموذجآ !

Facebook
Twitter
LinkedIn

لو نتأمل في عالم السياسة , نرى ان الطفرات التي تحدث في هرم القيادة السياسية لأي بلد ذو سيادة وقرار سياسي مستقل في العالم , وينجم عنها ظهور رموز اخرى تنتزع السلطة من قرينتها السابقة وتستقطب الإهتمام الشعبي اولآ وشعوب العالم ثانيآ , لاتحدث إلا بخيانة او ثورة شعبية عارمة على اسس الفساد او بمؤامرة خارجية او عملية اغتيال تقودها دولة عظمى مناهضة لتلك القيادة .

وهذه العوامل لاتحدث عندما تكون القيادة حذرة وواعية ومتفرغة لحل المشاكل التي يفشي بها الشعب عبر القنوات الحكوميةوبالأخص المشاكل التي تنبّه الى بزوغ الاسس الفاسدة التي يكون ابطالها أما وزراء او قادة امنيون يعملون بسرية وبلا اهتمام بالدرجة الاولى لسمعة وكرامة البلاد أو للقوانين الدستورية السارية ثانيآ ,

وهذه الأسس الفاسدة , عادة , تضيّق الثقة بين القيادة وبينالشعب , بل وتزيد الشكوك بضعفها في القدرة على قيادة الشعب الى آفاق المستقبل وهي تعيش في خضم انتهاكات للقوانين , والتوكيد على بلد كروسيا ذو سيادة وقرار سياسي مستقل وخاصة في الحصن الذي يضمها مع جمهورية الصين وفينزويلا وكوبا وإيران واليمن والبرازيل في عهد لولا دا سيلفا , ذلك لأنها المحور الذي تدور عليه المقالة , علمآ انها ليست بلاد للصفقات السياسية أو واقعة اسيرة بأيدي الفاسدين  , او ان الحس الأخلاقي الذي تتمتع به القيادة الروسية اقل جدارة بمناصبهم بأي شكل من الأشكال ,

اما باقي الدول فتعاني من هذه الأزمة , أي ازمة بزوغ الأسس الفاسدة , وترى من دون عوينات زجاجية انها خاضعة للسياسة الأمريكية ومدعومة منها عندما تتغير سلطتها التنفيذية بأحد العوامل الآنفة الذكر لتعيد اليها شرعيتها ,

وتعرف كذلك انها هي نفسها تمثل اجزاء من تلك المشاكل وان السياسيين العاملين بالأمرة تحتها هم زمرة فاسدة ومتفسخة ومعزولة شعبيآ ودوليآ ولايخرج من جيوبها ثعبان الخيانةبمغالطة ويجرب الطفرة التي ينجم عنها ظهور رموز سياسية اخرى تقود البلاد بلا داء للفساد ,

ففي روسيا الاتحادية ذات النظام شبه الرئاسي , وهي المحور الذي تدور عليه مقالتنا , يوجد نظام سياسي وضع المباديء الوطنية المقترنة بتأريخ روسيا موضع التاج على رأس الملوك , وهو ليس نظامآ تقليديآ خلقته الازمات اوالثورات او تمرد عصاة او انهزام قيادة اثناء الحرب , بل نظام تنحصر اهدافه في خدمة روسيا وتأريخ شعبها ,

ولايتفرج قادة روسيا على مؤامرات الولايات المتحدة الأمريكية او الغرب الجارية تحت اقنعة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان المزيفة ويقف مكتوف الأيدي كأنه يراها احسن منظرآ امامه , كما حدث في سوريا تحت غطاء ثورات الربيع العربي ,

ولا يتفرج على نشر الثقافة المعادية للقيم والأخلاق تحت مظلة الشبكة العنكبوتية والفيس بوك والإنستغرام التي تساهم في تعميق الشذوذ والفساد ونشر الرذيلة والمثلية والتحولات الجندرية التي تأمل منها امريكا ان تجهض كل حركة تحرر ضدها في المستقبل , أو يؤيدها ويثني عليها , بل يكافحها ويستنصرالشعوب التي تحارب ضدها ,

إلا ان النظام السياسي الروسي بعد العملية العسكرية ضد اوكرانيا , وإن بدا غارقآ بالحرب وبلا توجيه معنوي للسياسيين ليبصروا بعمق الى مايجري خارج الحرب ليتهيأوا للمؤامرات التي تحاك ضد النظام ,

بل وذهب النظام الى الحد الذي ترك المجال امام القوى الرخوة من ناحية الإنتماء الى المباديء الوطنية لتنهار اكثر بسبب نشوء صراع بين ركيزة عسكرية تعامل معها الجيش الروسي ليس سببها مثلآ اتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء أو انخفاض دخل الفقراء ونمو التضحم مع زيادة بالضرائب ,

بل عبر مناقصات تجارية منذ 2014 وصلت اثناء الحرب الى حد تخوين القيادة العسكرية بشكل عام من ناحية التجهيز والتدريب والتسليح واخطاء النار الصديقة , فضلآ عن رفضها العملاسوة مع اقرانهم المتعاقدين بضوابط وقواعد الجيش الروسي ,

وتم استغلالها من قبل تلك القوى ليصنعوا من ذلك الصراعخيار مواجهة لأمرين ; اما ان يشاطرهم الشعب الروسي بالدعم للحجج التي قدمها بريغوزين ضد وزير الدفاع شويغو ليبدأ التغيير وهذا لم يحدث , وإما أن يتم كشفهم ويتحدث عنهم بوتين امام الشعب والعالم ويفروا بدلآعن مواجهته وهم مدججين بالخيانة ,

فكان خيار الفرار غير مستغرب من هؤلاء وهم يتركون عيون بوتين تلمع امام خيانتهم التي رآها مجسدة بهيئة المتمرد بريغوزين كأفعى تسربت من جيوب كباره الذين ظلوا الى الآنمتمركزين في روسيا بشكل تقليدي ونموذجي , بعد ان اوثقوه بالإلتزامات التي فرضها بصفقة مع رئيس بيلاروسيا وبإيعاز منهم للخروج من روستوف وموسكو بكل دناءات الحجج المزوقة بإنفعالاته ,

لينزووا في اماكنهم , ولكن من شيمة الطيور الهاربة انها تتركريشها يتطاير خلفها وهي بمثابة التحريض على دراسة دقيقةلماوراء الانفعالات النفسية التي ستظهر على السطح بمرور الايام لتكشف عن اصحابها الذين صنعوا تلك الأفعى , والوصول بعد ذلك الى ذروة الاسماء التي شاركت بذلك التمرد ,

وهذا لايتم إلا بإقصاء العناصر المشكوك بها وخاصة في مواقع الذروة قبل امتلائهم بأمل استقرار بوتين في تراجعه عن عقوبة الخيانة بعد صفعة بريغوجين وهو موثّق بتلك الالتزامات , أو انه تخلَى عن معالم وجهه الرافضة للخيانة , أما متى يتم اٌقصاءهؤلاء ؟! فلا أحد يتصور متى ومن سيختاره   ليبدأ به , ولكنحتمآ سيبدأ بالدائرة المحيطة به أولآ وخاصة الذين بهرتهم فكرة التغيير الأساسي في القيادة السياسية الروسية وهي بالطبع فكرة يؤيدها الغرب وروّج لها كثيرآ اثناء الحرب حتى انجبت له التمرّد ميتآ .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب