19 ديسمبر، 2024 3:15 ص

الخيارات العراقية بعد داعش

الخيارات العراقية بعد داعش

يعيش العراق خصوصا والمنطقة عموما ،مرحلة إنتقالية خطيرة ، ليس لها نهايات واضحة، لشدة الالتباس والضبابية، التي تلف العراق والمنطقة بعد داعش، وجميع الاحتمالات المستقبلية واردة ، بما فيها حرب عالمية أخرى، إنتهت اليوم أسطورة تنظيم داعش(الدولة الاسلامية في العراق والشام) ،بعد تهديم مقروعاصمة (دولة الخرافة) ،في معركة الموصل ، بالرغم من أن الخلايا النائمة والفكر الداعشي، لن ينتهي بزوالها،وهكذا الامر في معقلها الآخر في الرقة بسوريا، ولكن بكل تأكيد داعش كفكر وممارسة قد إنتهى لدى عامة الناس في المنطقة ، ولم يعد له تأثير ووجود ومقبولية ، لما رآه المواطن والشارع ،من وحشية وقسوة لايمكن تصورها وتخيلها، مارسها التنظيم خلال فترة سيطرته الظلامية على المحافظات التي إحتضنته ذات ،بسبب الطائفية التي مارسها نوري المالكي واحزابه وحكومته طوال ثماني سنوات من حكمه للعراق، والتي إعتبرها الرئيس اوباما (أسوء فترة حكم طائفي مر بها العراق في التاريخ، وإن المالكي أسوء حاكم طائفي في العراق)، وهي الفترة التي أنتجت ظاهرة داعش في العراق ، كانت سببا رئيسيا في خروج التظاهرات السلمية في جميع المحافظات الساخنة ، إنتهت فترة عصيبة مظلمة قاسية ووحشية لحكم وسيطرة تنظيم داعش وفترة حكم المالكي الطائفية الني أوصلت العراق والمنطقة الى ما وصلت عليه الآن، وهذا بإعتراف أعضاء التحالف الوطني وأحزابه والشارع الجنوبي العراقي الاصيل ومظاهراته وهتافاته ضد المالكي ورموز التحالف الوطني دليل على ذلك ، اليوم تعصف بالمنطقة والعراق تحديدا ، عاصفة من الصراعات والخلافات، تقترب من الحرب المناطقية والعشائرية والحزبية، بين الاحزاب والكتل التي تقود العملية السياسية الفاسدة والفاشلة، منذ الاحتلال الامريكي وحتى الاحتلال الايراني ،فالصراعات داخل التحالف الوطني (الشيعي)، على أشدها والانشقاقات على قدم وساق ، ففي المجلس الاسلامي الاعلى خروج صقور المجلس وانشقاقهم عن الحكيم وهم( عادل عبد المهدي وجبر صولاغ والصغير جلال) ،وفي التيار الصدري خروج واعتقال أعضاء فاسدين وبالجملة تبرأ منهم السيد مقتدى ومن أفعالهم ، وهكذا كتلة اشهرستاني حسين وكتلة الجعفري والفضيلة وغيرهم، أما الصراعات العشائرية التابعة للاحزاب الحاكمة والميليشيات ،على الهيمنة والنفوذ والنهب والسرقة فتشهد محافظات ،البصرة والديوانية وميسان وذي قار وغيرها، والتي وصلت حد قطع الطرق والاحياء، وكان للميليشيات التابعة لاحزاب السلطة ولايران ،الدور الابرز والهيمنة الاولى على المحافظات بمن فيهم العاصمة بغداد ، والتي هددت حتى رئيس الوزراء بالويل والثبور ، فيما نرى الخلافات والصراعات السياسية ،قائمة في الاقليم بين الاحزاب الحاكمة ومعطلة الحكومة والبرلمان منذ اكثر من سنة ، وهناك قنبلة كركوك الموقوتة وقنبلة سنجار التي تنذر بحصول حرب كردية –كردية، إضافة الى خلافات الاستفتاء المزمع إجراؤه في ايلول القادم، تماما كما المتوقع بحرب شيعية –شيعية، وحرب سنية -سنية ،بعد داعش ، كما هو مخطط له أمريكا ودوليا على إبقاء العراق والمنطقة كلها ،في أتون الحرب الاهلية طائفيا وعرقيا وقوميا ، وما نراه في الازمة القطرية ،إلا مقدمة لما سيحصل بعد القضاء من تنظيم داعش في العراق وسوريا، وهو جزء من سيناريو تشترك فيه الادارة الامريكية وروسيا ، وما لقاء الرئيس ترمب- بوتين قبل يومين ، وتفاهمهما على مستقبل المنطقة، على وفق المصالح الاستراتيجية الامريكية –الروسية، بعيدا عن الدول التي ستكون أداة لتطبيق السيناريو الامريكي- الروسي ومنها تركيا وايران ،ودول الخليج والعراق وسوريا والدول الاوربية ،عدا بريطانيا التي ستتقاسم الكعكة الشرقية معهما ، وأزاء هذه التحولات الكبرى، التي تعصف بالمنطقة كلها، وليست أية دولة بمنأى عن التغييرات الجذرية ،التي أعلنتها إدارة الرئيس ترمب ، ولكن ما يهمنا هنا ، هي الخيارات العراقية الصعبة ،في ظل المتغيرات والصراعات الجيوسياسية في المنطقة ، وفي خضم صراع مزمن بين الاحزاب الحاكمة في العملية السياسية التي أنتجها الاحتلال الامريكي وفشلت طوال سني الاحتلال وبعده ، من إخراج العراق من دائرة القتل الطائفي والتهييج الطائفي ،والفساد الذي لم يشهده تاريخ العراق كله منذ 8 الاف سنة من وجوده على الارض ، نحن نرى وأزاء هذا الفشل المريع في الحكم، والصراع على المناصب والحكم والنفوذ والنهب المنظم (المشرعن عمائميا)، فإن الخيار الاوحد أمام العراق والعراقيين ،هو التغير الجذري، وقلع الطغمة الفاسدة كلها من الحكم ،هي وأحزابها ورموزها الفاسدة الطائفية ،وعمائمها البيض والسود لعنها الله ، وهذا لايأتي من التمنيات والمؤامرات والانقلابات ، وإنما في العمل مع الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي، وجامعة الدول العربية (النائمة) والمنظمات الدولية والهيئات والاحزاب العالمية، في الاشراف على انتخابات عراقية ، تكون مفوضية الانتخابات نزيهة وغير تابعة لاحزاب السلطة وببإشراف أممي دقيق ، على شرط مشاركة جميع أبناء وطوائف وقوميات وأحزاب الشعب العراقي، ويجري قبل هذا كله ، إلغاء جميع قرارات الحاكم المدني سيء الصيت بول بريمر أس البلاء في العراق وإلغاء وتعديل الدستور والغاء ابشع قانون المحاصصة الطائفية ، والاشراف على مصالحة وطنية حقيقية ليست إيران طرفا فيها ، وهذا ما سيكون وستقدم عليه الادارة الامريكية ،في مرحلة ما بعد داعش ، وهو ليس من اجل سواد عيون العراقيين ،وإنما من أجل فرض الاستقرار والامن في الشرق الاوسط ، لضمان تحقيق المشروع الامريكي التي غزا من اجله المجرم جورج بوش العراق ، وهو مشروع الشرق الاوسط الكبير، وما الاتفاق الذي حصل بين ترمب –بوتين لفرض السلام في جميع سوريا وبدء صفحة جديدة من العلاقات الدولية المبنية على مصالح إستراتيجية بين الدول (العظمى)، هو المفتاح الرئيسي لفرض الامن في الشرق بقوة السلاح، وإلا الذهاب الى حرب عالمية ثالثة، يخسر فيها الجميع مصالحه الاستراتيجية الى الابد في المنطقة ، وهو ما لا تريده الدول العظمى وتدركه الان، وهكذا نرى أن السلام بالقوة سيحل في المنطقة، وخاصة العراق، لأن إستقرار العراق ،هو إستقرار المنطقة، وإنهياره (كما حصل بالغزو )،هو إنهيار المنطقة الى هاوية الحرب الطائفية التي لايعرف أحد نهاية لها ،نحن نرى ليس من مصلحة (الجميع ) في العراق العناد والمكابرة ، احزابا ومعارضين، لان الجميع سيخسر أكثر مما خسر، وربما الفرصة التي تتوفر له الان ،لن تتوفر لاحقا ،عندما يدخل العراق في أتون حرب  طائفية، تسعى لها إيران بكل قوتها لاقامة إمبراطوريتها ،على أنقاض العراق، دعوا العراق ينهض كالعنقاء من جديد ،ويسحق الفاسدين تجار الدين وأمراء الطوائف وأمراء الحرب، الذين سرقوا العراق ودمروا بنيته التحتية ، ونشروا الطائفية في نسيجه الاجتماعي ، ونهبوا ثرواته وقتلوا أبناءه وشردوا وهجروا شعبه ،والشعب العراقي بكل طوائفه وقومياته مهيأ اليوم لاجراء التغيير الجذري بعد كشفه دجل وكذب وزيف الاحزاب الطائفية وتبعيتها لايران قلبا وقالبا ، وهكذا هي الخيارات الوحيدة أمام شعب العراق، وما يجري في محافظات جنوب العراق النجف وكربلاء والبصرة وذي قار وميسان،، من تظاهرات وحراك وهتافات تعبر ازدراء الشعب لمن يحكمه ، وما حملة هيئة النزاهة القاء القبض على رؤوس الفساد من كبار المسئولين من محافظ ورئيس مجلس ،إلا  فضيحة كبرى ، وهزيمة كبرى ، وعار على الاحزاب والعمائم التي ينتمون لها هؤلاء المفسدين الحرامية ، وعليهم دفن رؤوسهم بالتراب بعد الان ، وهذه بداية لكشف وفضح حيتان الفساد الكبار، نعم أخرجهم شعب العراق من ذاكرته وحياته، وفضح أهدافهم وتبعيتهم ، بعدما دمروا العراق وأغرقوا المحافظات الجنوبية ،والفرات الاوسط وبغداد، بكل الموبقات كالمخدرات وغيرها ، نعم الخيار الوحيد أمام شعب العراق، هو التغيير الجذري المقبل … وهو قادم لامحالة …إنتظروه …       انقر هنا من أجل الرد أو إعادة التوجيه

أحدث المقالات

أحدث المقالات