5 نوفمبر، 2024 10:38 م
Search
Close this search box.

الخونة لن يحصدوا.. إلا القتل أو العار.. ابراهيم الداوود إنموذجاً

الخونة لن يحصدوا.. إلا القتل أو العار.. ابراهيم الداوود إنموذجاً

ـ محدود التفكير.. قليل الاختلاط.. طائفي مقيت.. غير كفء من الناحية العسكرية.. لا يفهم في الأمور السياسية.. لا يصلح للمواقع القيادية.. ولا حتى وزيراً

ـ تأخر ترفيعه بعد ثورة 14 تموز 1958 لاتهامه بكتابة التقارير الى الاستخبارات العسكرية عن الضباط الوطنيين.. وذلك في العهد الملكي

ـ بعد ثورة 14 تموز تقربً نحو الشيوعيين فلم يحصل على شيء.. فتحول الى الاتجاه القومي

 

السيرة والتكوين

ـ ولد إبراهيم عبد الرحمن الداوود العام 1932 في قضاء هيت في محافظة الأنبار.. وهناك مصادر تشير إن تاريخ ولادته العام 1929.. أكمل دراسته في مدينة الرمادي.. دخل الكلية العسكرية العام 1949

ـ عندما تسلم عبد السلام عارف رئاسة الجمهورية قرًب ابراهيم الداوود له.. كبقية أبناء ديرته وبتوصية من اخيه عبد الرحمن عارف معاون رئيس اركان الجيش وكالةً.. ومنحه منصب معاون آمرا للفوج الثاني في لواء الحرس الجمهوري

 

ـ وفي عهد عبد الرحمن عارف عين الداوود آمراً لهذا اللواء المسؤول عن حراسة القصر الجمهوري.. وسلامة الرئيس.. ومسؤولاً عن عشرين إلف عسكري

 

ـ فبعد وفاة عبد السلام عارف في 13 نيسان 1966 وقف إبراهيم الداوود وعبد الرزاق النايف وغيرهما من الضباط الى جانب انتخاب أخيه عبد الرحمن محمد عارف لرئاسة الجمهورية.. فقد نقل الصحفي المصري حمدي لطفي خلال حوار مع المقدم إبراهيم الداوود الذي حمل رتبة “فريق ركن ووزير الدفاع” بعد الانقلاب على عبد الرحمن عارف في 17 تموز 1968 التصريح الآتي: لقد هددت باستعمال مدفعي الرشاش دفاعاً عن حقنا في اختيار عبد الرحمن عارف رئيساً للجمهورية.. فقد كان هناك اقتراح بتشكيل مجلس رئاسة يضم أربعة أحدهم عبد الرحمن عارف.. وكان هناك من المرشحين الدكتور عبد الرحمن البزاز واللواء عبد العزيز العقيلي”.. ويضيف الداوود قائلاً: “واستطعتُ بمعونة زملائي من بينهم آمر الحرس الجمهوري في ذلك الوقت المقدم بشير الطالب أن ننجح في إسناد رئاسة الجمهورية لعبد الرحمن عارف

 

ـ في فجر 17 تموز 1968 حملت مدفعي مرة أخرى …..).. لكن الصحفي حمدي لطفي في مجلة المصور في تحقيقه الصحفي خلال زيارته بغداد بعد الانقلاب (قصة الانقلاب) علق على تصريح الداوود هذا بالقول: إن الانقلاب كان أسهل من شربة ماء.. فقد تولى إبراهيم الداوود قائد الحرس الجمهوري السيطرة على القصر الجمهوري.. وكل ما فعله شيئاً بسيطاً فقد جعل مدفعية الدبابات تستدير نحو القصر وكان عبد الرزاق النايف يقوم بالقيادة والسيطرة

 

تحرك تآمري

ـ سبق للداوود والنايف أن رتبا الأوضاع في القصر الجمهوري بما يخدم تحركهما.. فقد استطاعا إقناع الرئيس عبد الرحمن عارف من نقل المقدم سعدون غيدان الى القصر الجمهوري.. كذلك نقل فيصل عبد الحليم.. وهو قريب زوجة عبد الرحمن عارف الى خارج القصر الجمهوري.. لأنه رفض التعاون معهما في التآمر.. كما حاولا إقناع مقدم لواء الحرس الجمهوري فاضل مصطفى بالتعاون معهما لكنه رفض.. وقال لهما: من يحاول إسقاط الرئيس عارف فاني أضع رأسه في فوهة مدفع الدبابة

 

ـ ذهب مصطفى الى الرئيس عارف وأخبره بذلك.. فاستدعاهما بحضور مصطفى لكنهما تمكنا من خداع عارف وإقناعه بأن مصطفى يريد الإيقاع بينهما وبينه لإبعادهما عنه كي يتمكن من الانفراد به وإسقاطه.. وقد صدقً عارف قولهما بعد أن أقسما أمامه بالقران الكريم على عدم نيتهما بتدبير محاولة انقلابية ضده.. وكان عارف يشك بأحد أفراد عائلته ولا يشك بإبراهيم الداوود وعبد الرزاق النايف

 

ـ اخذ الداوود وصاحبه النايف يتحركان على الكل للعمل معهما للإطاحة بعارف.. وبهذا الصدد يقول صبحي عبد الحميد أحد الضباط الناصريين ووزير الخارجية والداخلية في عهد عبد السلام عارف: “أن الداوود وصاحبه النايف مدير الاستخبارات العسكرية حاولا إقناع الرئيس عبد الرحمن عارف بتعين عبد الغني الراوي رئيساً للوزراء.. لكن عارف رفض ذلك”.. وبعد أن تبين أن الراوي لا يصلح أن يكون رئيساً للوزراء.. لأنه لم يكن يحظى بتأييد كبار الضباط فابتعدا عنه

 

– وراحا ..الداوود والنايف يبحثان عن غيره يحقق طموحهما في منصب وزاري لأنهما لا يستطيعان فرض نفسيهما لتقلد منصب وزاري لصغر منصبيهما.. فاتصلا باللواء عبد العزيز العقيلي الذي اشترط عليهما أن يكونا بعد نجاح الثورة بعيدين عن أي منصب وزاري فتركاه

 

– وذهبا الى اللواء رجب عبد المجيد الذي طردهما أيضا.. وإثناء وجود عارف عبد الرزاق في السجن.. بعد فشل محاولته الثانية لإسقاط الرئيس عبد الرحمن عارف في حزيران 1966 واعتقاله ومجموعة من الضباط الناصريين ظهرت آنذاك قوة جديدة تعاظم دورها.. متمثلة بالداوود والنايف وسعدون غيدان آمر كتيبة دبابات القصر الجمهوري.. وهؤلاء لعبوا دوراً في إفشال محاولة عارف عبد الرزاق الثانية

 

ـ كان إبراهيم الداوود مقتنعاً بأن أية محاولة لابد لها أن تنجح تتطلب دعما سياسياً لهذا لم يجد سوى عارف عبد الرزاق فزاره في المعتقل.. وصبحي عبد الحميد أيضاً كان معتقل معه

 

– يقول صبحي في مذكراته: “أن الداوود عرض على عارف فكرة أن يصبح رئيسا للجمهورية على أن لا يفكر بالاشتراكية ولا بالوحدة مع مصر.. وقد نهره عارف وهمً بضربه ب(النعال).. وحين أراد الداوود مغادرة المعتقل طلب منه عارف حمل سلة البرتقال التي جلبها معه”.. وهكذا فشل الداوود في كسب عارف عبد الرزاق لجانب عمليتهم

متى بدأت التفكير جدياً في الإطاحة بعارف؟

 

ـ يقول الداوود: كنتُ أتحدث مع الرئيس في شؤون البلد.. لم أكن أريد منه سوى أن يشغل فعلياً موقعه كرئيس للجمهورية.. كنتُ أريد تجنيب البلاد ممارسات الحزبيين والتصفيات والثارات.. الحقيقة انه كان اضعف من أن يقوم بهذا الدور.. وما آلمني هو إنني لم ألمس لديه على الأقل الرغبة في ذلك

عشاء.. وخيم العواقب

 

ـ يقول إبراهيم الداوود للصحفي غسان شربل من جريدة الحياة اللندنية: اتصل بي سعيد صليبي قائد موقع بغداد.. وهو من منطقتنا أي من الأنبار.. وقال إنهم تلقوا خروفاً من منطقة الرمادي ويريدونني أن أشاركهم العشاء.. سألته عن الحاضرين فقال: “أنت وعبد الرزاق النايف وكمال جميل عبود وهو آمر فوج

 

– يضيف الداوود: ذهبنا وما أن دخلت حتى فوجئتُ بوجود احمد حسن البكر وحردان التكريتي وصالح مهدي عماش.. أنا سألتُ عن الحاضرين لأتفادى احتمال وجود هذا النوع من الناس.. استقبلني البكر بالعتاب الودي.. قائلاً: “أنت رجل بلا وفاء لا تسأل عنا”.. كان يشير الى انه كان أستاذاً في الكلية العسكرية يوم كنت تلميذاً.. أجبته: “يا أبو هيثم أنا وأنت لا نلتقي.. أنت في خط وأنا في آخر ولا شيء يجمعنا

– تناولنا العشاء فطلب سعيد صليبي أن نجلس بشكل معين أنا وعبد الرزاق النايف إلى يميني وكمال جميل إلى يساري.. وفي المقابل جلس البكر وحردان وعماش.. وقال صليبي: تفاهموا.. فقلت: “على ماذا نتفاهم؟”.. قال البكر: “بعد أحداث البصرة أصدر الشيوعيون ضدك حكماً بالإعدام.. الناصريون ضربوك مرتين.. ولو نجحوا لقصونا (ذبحونا) نحن وأنتم.. نحن لا نريد شيئاً.. أنتم أقوياء وفي السلطة.. أنتم تحموننا ونحن ننقل إليكم ما يجري في الشارع”.. قلتُ له: أنتم أخطأتم في العام 1963.. الشعب يكرهكم.. قتلتم وذبحتم.. وممارسات قصر النهاية لا تزال في ذاكرة الناس.. لا أحد يحبكم

وبالطلاق أيضا

 

ـ قال البكر: “نحن أخطأنا فعلاً ونريد أن نكفر عما فعلناه”.. قلتُ له: هل تقسم بالقرآن على ما تقول.. فأجاب: “اقسم بالقرآن وبالطلاق أيضاً”.. قال: أنا وحردان وعماش نعترف بأخطائنا ونقسم.. نحن لا علاقة لنا بحزب البعث ونريد العمل كمواطنين ونتعاون معكم للتكفير عن سيئاتنا”.. طلبتُ من صليبي أن يحضر القرآن.. وهكذا أقسم البكر ورفيقاه.. قلت لحردان: “أنت لك سمعة غير طيبة إذا تعاونت معي سأتحمل عبء سمعتك

 

ـ في ذلك العشاء لم تكن هناك فكرة للإطاحة بعبد الرحمن عارف.. كانوا يعرفون أن لا فرصة لنجاح أي عملية تغيير من دون موافقة الحرس الجمهوري.. وان الحرس ستكون له الكلمة الفصل في حال مقتل الرئيس لا سمح الله أو وفاته.. وكانوا يعرفون أيضاً إنني لستُ في وارد القبول بأي علاقة مع الشيوعيين وان الباب موصد بيني وبين الناصريين.. طرحوا فكرة اللقاء كوطنيين.. يمكن القول إن فكرة التعاون كانت من باب الاستعداد للمفاجآت

كتّاب تقارير

ـ يضيف الداوود قائلاً: بدأ نوع من التعاون.. وهنا أريد أن أسجل للتاريخ وبأمانة كاملة.. كان البكر وحردان وعماش.. وهم في التقاعد يرفعون تقاريرهم إلى عبد الرزاق النايف معاون مدير الاستخبارات.. أنا قرأت هذه التقارير التي تتحدث عن الأوضاع السياسية والمسائل المطروحة في الشارع ومواقف مختلف القوى.. وقد تكون هذه النقطة بالذات تفسر لماذا تآمروا عليّ وعلى النايف بعد تولينا السلطة في 17 تموز 1968

 

هل انتظم التعاون؟

 

ـ كنا نقيم عشاء شهرياً.. نجلس ونتبادل المعلومات ونتحدث في أوضاع البلد.. كنا نلتقي في بيت مولود مخلص بناء على اقتراح حردان التكريتي.. كان يحضر العشاء خمسة فقط البكر وحردان وعماش والنايف وأنا.. هذه هي الأسماء الخمسة التي ستكون لها علاقة بـ17 تموز.. لكن الدور الحاسم سيكون ليً.. إذ إنني الوحيد القادر على إسقاط القصر الجمهوري بلا معارك.. وقادر في الوقت نفسه على حماية الرئيس من أية محاولة انقلابية.. وإذا عدت إلى البيان الأول لثورة 17 تموز لم تجد عليه إلا الأسماء الخمسة

 

التغيير ضروري

 

ـ يقول الداوود: لقد هزت مشاعرنا بعمق حرب حزيران 1967.. كانت الهزة عنيفة جداً.. هل نبقى مسمرين في أماكننا دفاعاً عن هذا الموقع أو ذاك؟ امرأة من سورية أطلقت صيحة ترددت في أعماق نفسي قالت: وامعتصماه.. هل فقدنا النخوة والمروءة.. انتابتني حالة غضب شديد.. سألتُ عن الرئيس عبد الرحمن فقيل لي انه يرأس اجتماع مجلس الدفاع الأعلى.. قصدت القاعة وخاطبتُ الرئيس أمام الحاضرين: “يا أبو قيس هل ماتت غيرتنا.. امرأة من سورية تصرخ وامعتصماه ولا أحد يجيب.. لمن هذه الدبابات إذا؟ أنا سأتحرك غداً على طريق أعالي نهر الفرات الى سورية وصولاً الى الجولان”.. نهض وزراء وعانقوني.. في اليوم التالي توقفت الحرب.. استدعاني عارف وقال انتهت الحرب ولا مبرر لتحركك

 

ـ شعرتُ يومها إن التغيير ضروري.. عبد الرحمن عارف ضعيف.. تعاطى مع موقع رئاسة الجمهورية كموظف بسيط.. عندما تصبح الساعة الثانية والنصف كان ينظر الى ساعته ويقول: الحمد لله انتهى الدوام.. تصور إن رئيس الجمهورية ينتظر موعد انتهاء الدوام.. كما يفعل موظف كسول يترقب موعد مغادرة المكتب.. على من يتولى موقع المسؤولية والقرار إن يصل الليل بالنهار للقيام بدوره

 

ـ يقول الداوود: اتخذتُ قرار التغيير في ضوء جملة حوادث.. لم يكن لعارف رصيد يحميه.. لهذا كان مصيره معلقاً بموقف الحرس الجمهوري.. كان النايف يعرف إنني أسعى الى إزاحة عارف لكنه لم يكن يعرف الموعد

 

ـ الحلقة تضم خمسة أنا والنايف والبكر وحردان التكريتي وعماش

 

– قرر الحاضرون أن أكون أنا رئيساً للجمهورية.. فكرتُ للحظات ثم قلتُ لهم أنا عمري 36 عاماً ولا أزال شاباً.. وأنا عسكرياً ولست سياسياً محترفاً ..فاعتذرت.. وقلت: “أنا أتنازل لأبي هيثم (البكر) شرط ألا يكون قائداً عاماً للقوات المسلحة في الوقت نفسه.. أي رئيس جمهورية فقط”.. بعدها عرضوا عليّ رئاسة الوزراء فقلتُ إذا لم أقبل الأولى فكيف أقبل الثانية.. عندها اتفق أن أكون وزيراً للدفاع وقائداً عاماً للقوات المسلحة

 

ـ تم اختيار البكر رئيساً للجمهورية.. وأنا وزير الدفاع.. طرح البكر فكرة أن يكون هو أيضاً رئيساً للوزراء.. عارض النايف وقال له أنت عليك صفة بعثية والأمر سيعقد علاقتنا مع سورية التي يمر نفطنا في أراضيها.. كما عارض النايف إسناد المنصب إلى عماش أو حردان التكريتي للأسباب نفسها.. وهكذا لم يبق إلا النايف.. فتقرر أن يكون رئيساً للوزراء.. طلب حردان أن يكون رئيساً للأركان فعارضتُ

 

– يضيف الداوود قائلاً: أمضى النايف أسبوعين يحاول أن يقنعني حتى وافقتُ.. أما عماش فقد اتفق أن يكون وزيراً للداخلية.. هكذا توزعت المناصب بين الخمسة على أن يعتبر الأربعة أيضاً نواباً لرئيس الجمهورية وهو البكر.. هكذا تم الاتفاق على مجلس قيادة الثورة

 

سر 17 تموز

 

ـ استطاع تحالف – النايف ـ الداوود ـ البكر.. أن ينتهز فرصة غياب سعيد صليبي قائد موقع بغداد (المسافر الى لندن في رحلة علاج).. أن يحدد 17 تموز يوم تنفيذ حركتهم

 

ـ إبراهيم الداوود يقول: “أنا اخترت موعد 17 لأنني أتفاءل به.. فابني أركان ولد في 17 أيلول / سبتمبر.. اعتبر هذا التاريخ مباركاً.. اخترت 17 تموز.. أنا قررت الموعد وليلة 17 تموز

 

ـ ذهبتُ بالزي المدني إلى مركز الاستخبارات العسكرية.. قلتُ للنايف أريدك أن تأخذني إلى نادي المنصور لأنني أريد أن أشرب.. استغرب سعدون غيدان الحاضر وقال: “خالي منذ متى تشرب أنت؟”.. وعرض أن يرافقنا فقلت أريد أن أشرب مع النايف وحده.. الحقيقة أنها كانت ذريعة للتحدث إلى النايف.. فأنا لم أشرب في حياتي

 

– ذهبنا إلى مطعم فاروق وجلسنا في زاوية.. قلت للنايف: أنا قررت إزاحة عبد الرحمن عارف.. إياك أن تبلغ أحداً.. لم يكن البكر وحردان وعماش على علم بالموعد.. صارت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل.. قلتُ له أنا سأتوجه إلى البيت لارتداء ملابسي العسكرية.. بعد قليل قرع الباب.. وإذا بالنايف يقول أخبرتُ الثلاثة فجنوا وأصروا أن يروك ولو دقيقتين

ـ ذهبنا إلى بيت مولود مخلص فاستقبلني البكر قائلاً: “يا أخي أبو أركان هل حسبتها جيداً؟”. فأجبتُ: “ستكون كشربة السيجارة.. اطمئن”.. قال حردان: “أنا لا أملك بزة عسكرية وجسمي قريب من جسمك فلو تعطيني واحدة”.. وكان عماش حاضراً.. كنا نحن الخمسة وحدنا

 

ـ رجعتُ إلى البيت وأعطيتُ النايف بزة عسكرية ليلبسها حردان.. وكنتُ وعدتُ البكر أن أرسل ضابطاً لإحضاره إلى القصر مع حردان وعماش.. فطلب أن تكون السيارة ذات ستائر حتى لا يعرفه أحد

 

ـ ذهبتُ إلى بيت ابن شقيقتي (محروس توفيق خلف) وهو ضابط في الحرس الجمهوري وطلبتُ منه أن ينادي مجموعة من الضباط وأصدرت أوامري.. سيطرنا على القصر.. ونحن حراسه أصلاً.. وسيطرنا على بغداد.. عرف عبد الرحمن عارف بوجود تحرك.. وقال لمن اتصلوا به الآن يأتيهم إبراهيم ويحبط التحرك.. فأبلغوه إنني قائد التحرك.. عندها لم يبقَ عليه إلا أن يتقبل قدره

 

ـ هنا كنتُ أرسلتُ ضابطاً اسمه طارق حمد الجبوري لإحضار أحمد حسن البكر وأدخلتهم إلى القصر الجمهوري قبيل الصباح.. انتهى كل شيء.. واحضر هيثم نجل البكر غداء تناولناه في مقر كتيبة الدبابات.. وبين وقت وآخر كان البكر يسألني متى سندخل القصر.. أي مكتب الرئاسة

من أبلغ عارف بالحركة الانقلابية؟

 

ـ اتصل به عبد الرزاق النايف وقال له هناك ثورة في البلد.. فأجاب: “الآن يأتيهم إبراهيم”. فأجابه: “إبراهيم هو القائم بها”.. أخذ عارف إلى بيت حردان.. سيطرنا على القصر والعاصمة.. سألوني ماذا نفعل بالرئيس.. قلتُ نرسله إلى لندن حيث تعالج زوجته.. وأمن حردان لهم طائرة إلى لندن.. واتصل حردان بنجل الرئيس.. وهو ضابط وصعد معه إلى الطائرة

 

سيطرة البعث

 

ـ في 30 تموز 1968 أصدر البكر أمراً باعتقال وزير الدفاع إبراهيم عبد الرحمن الداوود.. كان الداوود يتفقّد القوات العراقية في الأردن.. وكان متواجداً في ضيافة اللواء حسن النقيب (قائد الفيلق العسكري) في الأردن.. لكن اللواء حسن النقيب الذي صدرت له الأوامر باعتقال الداوود.. تجاهل تطبيق أمر الاعتقال عندما كان البكر في التلفون يطالبه باعتقال الداوود أدعى حسن النقيب أن صوت التلفون لا يمكن سماعه.. وكان سبب عدم تطبيق أمر اعتقال الداوود من قبل حسن النقيب.. لأن النقيب أكد فيما بعد: إن اعتقال وزير الدفاع إبراهيم الداوود يمثل عدم احترام للمؤسسة العسكرية.. عندما يُعتقل وزير دفاع من قبل جنوده وأمام جنوده الآخرين.. فكان تجاهلي لتطبيق قرار الاعتقال هو صيانة للكرامة العسكرية العراقية.. وهذا التصرف لا يفهمه أحمد حسن البكر على الرغم من أنه شخص عسكري

 

ـ أجبر الداوود على السفر إلى روما.. ثم عين سفيراً في مدريد.. وفي 10 نيسان 1969 عين سفيرا في الفاتيكان إضافة إلى منصبه

 

ـ عاش بعدها منفيا في المملكة العربية السعودية بعد مقتل شقيقه الضابط الذي حاول اغتيال أحمد حسن البكر

 

الخيانة.. وحنث اليمين؟

– يقول قيس نجل الرئيس عبد الرحمن محمد عارف: في يوم مغادرتنا العراق (يوم الانقلاب الأسود).. كنتُ اجلس في الطائرة جنب الوالد.. وكان ينظر من الشباك.. وساكت.. كلمتهُ وسألتهُ: والدي هل أنت مقهور؟

أجابني بالحرف الواحد.. لا والله.. والحمد لله خرجنا من الحكم والمنصب.. ولا في رقبتي.. لا دماء أي فرد من الشعب العراقي.. ولا أمواله.. وأكمل حديثه: لكن غاثي واحد

– استغربً قيس.. وقال لأبيه: منو بابا؟

– ردَ عليه والده: حماد شهاب.. ربيته ورعيته منذ العام 1946 الى الآن.. ووضعتهُ أمراً لواء مدرع ليحمي ظهري.. ثم يحرك اللواء ضدي.. هذه لم أتصورها !.. ولا استوعبها !.. لا حول ولا قوة إلا بالله

علاقة حماد شهاب.. بالرئيس عبد الرحمن عارف

– اعتمد عليه الرئيس عبد الرحمن محمد عارف.. وكانت علاقة عارف بحماد شهاب جيدة.. واقسم حماد شهاب بالدفاع الرئيس عبد الرحمن محمد عارف.. ولن يخونه أو يتآمر عليه.. بالمقابل فإن حماد أحتضنً العديد من الضباط والمراتب البعثيين في لوائه.. فلم تشملهم الملاحقة أو الاعتقال أو الطرد أو الإحالة على التقاعد في عهد عبد السلام عارف

 

– يقول عبد الرحمن محمد عارف في العام 1946 كنتُ في كركوك برتبة (رئيس) أي نقيب.. وجاءني الصديق الرئيس صادق التكريتي.. وهو شخص جداً طيب.. وقال ليً: أخي عبد الرحمن.. لقد تطوع للجيش احد معارفنا.. ومن منطقتنا.. اسمه (حماد شهاب) برتبة عريف.. وسوف أسعى لان يكون عندكً لترعاه.. وأنت أقرب واحد لنا جميعاً.. إذا ذهب عند آخرين سوف يهمل ويتعب.. وأنت طيب.. وأعرف سوف ترعاه كابنك

 

 

– ردً عبد الرحمن عارف على صديقه الرئيس صادق التكريتي: أهلاً وسهلاً به.. وسوف أقوم بالواجب وأرعاه.. ولا تقلق.. وبالفعل تم تنسيبه بكتيبة عبد الرحمن عارف.. ويقول عارف: قمتُ برعايته.. وأدخلتهُ دورات مختلفة.. وأشرفتُ على تعليمه الأمور العسكرية المختلفة.. وأوصيت به.. الى أن تم ترقيته الى رتبة ملازم ثان

– وتمر السنين.. ويستلم عبد الرحمن عارف.. رئاسة الجمهورية في منتصف نيسان 1966.. فعين عبد الرحمن عارف حماد شهاب امرأ للواء المدرع العاشر.. في منطقة الورار.. حتى يكون قريب الى بغداد.. في حالة احتياج الرئيس له

– ويضيف قيس نجل الرئيس عبد الرحمن عارف قائلاً: (عندما يزورنا حماد شهاب الى البيت (نسميه عمو).. وعندما أصبح الوالد رئيساً للجمهورية.. كان الوالد دوماً يستدعيه ليستفسر منه عن أخبار بوجود تآمر على نظام الحكم.. وكان حماد يقول له سيدي: أنا عندكً.. ولا يمكن لأحد أن يتآمر عليك

 

 

أحدث المقالات

أحدث المقالات