22 ديسمبر، 2024 7:47 م

الخوف والقلق والتخبط في طهران

الخوف والقلق والتخبط في طهران

تبدو هذه الايام بالنسبة للقادة والمسٶولين في نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، وکإنها أيام مصيرية حاسمة لأنه وبالاستناد على التصريحات والمواقف الصادرة من قبل هٶلاء القادة والمسٶولين قبل غيرهم، فإن هناك حالة من القلق والخوف وحتى التخبط في طهران من إحتمال إندلاع إنتفاضة غير عادية بوجه النظام ولاسيما وإن فترة أقل من أسبوعين تفصلهم عن الذکرى السنوية الاولى لإنتفاضة 15 نوفمبر2019، التي کانت أکثر الانتفاضات دلالة على رفض النظام والسعي من أجل إسقاطه، ولأن هذا النظام قد تعود على إن أية إنتفاضة تندلع بوجهه تکون بالضرورة القهرية أعنف من التي سبقتها، ولأنه يعلم أکثر من غيره بأن الانتفاضة السابقة أي إنتفاضة 15 نوفمبر2019، لو لم يتدارکها ويقمعها بأقسى وأعنف الاساليب فإنها کانت ستجعل منه في خبر کان، ولهذا فليس من الغريب والعجيب المساعي المبذولة من جانب النظام من أجل العمل من أجل الحيلولة دون قيام إنتفاضة عارمة أخرى بوجههم لأنها ستکون وبالاستناد على الاوضاع القائمة وحالة الضعف والتراخي غير المسبوقة للنظام، قد تکون إنتفاضة نهاية النظام!
أکثر التصريحات لفتا للأنظار وتعکس حالة الذعر والخوف بصورة غير مباشرة، هي تلك الصادرة عن قادة الحرس الثوري للنظام الايراني، لأنهم يعلمون جيدا بأن جهاز الحرس الثوري هي يد النظام ومخالبه الدموية التي إستخدمها ويستخدمها النظام الايراني من أجل ضمان السيطرة على الشعب والامساك بزمام الامور، وإن معظم عمليات القمع من جرائم ومجازر وإنتهاکات فظيعة إرتکبها النظام بحق الشعب الايراني وقواه الوطنية وبشکل خاص منظمة مجاهدي خلق، إنما تم على يد هذا الجهاز الارهابي الذي صارت بلدان المنطقة والعالم تعرف وتعي مدى الخطورة التي تشکلها على السلام والامن والاستقرار في المنطقة والعالم، ومن هنا فإن ماقد صرح به جلالي، رئيس جهاز الدفاع السلبي عن النظام، في 29 تشرين الأول / اكتوبر 2020، وهو يعبر عن قلق وتوجس النظام من الشبكات الافتراضية وقيادته الاحتجاجات ضد النظام، عندما قال:” حقيقة أنه بحجة وجود بعض المشاكل الاقتصادية وتحريض الناس على جرهم إلى أعمال شغب للاحتجاج وجرهم إلى أعمال فوضى، فإننا نرى في الواقع أن كلا منهم يتشكل في فضاء يسمى الفضاء الإلكتروني والشبكة الاجتماعية تدمج هذه التهديدات الأربعة أو الخمسة، التي نسميها التهديد المركب، لذلك في الفضاء الحالي نرى ونتابع مجموعة من التهديدات تتمحور حول الفضاء الإلكتروني.

إذا أتى بعض الناس ودخل هذه الساحة وحولوها إلى أعمال شغب في سياق هذا الاحتجاج، فهم جاءوا فعليا لإساءة استخدام هذه الساحة، وفي الواقع، هم حولوا احتجاجا مطلبيا واحتجاجا عاديا والحق السياسي الطبيعي للشعب إلى أعمال شغب. أين هو الأساس؟ الأساس هو الشبكة الاجتماعية، لذا فإن تهديدنا بدأ يتنوع”، وحينما نتمعن في هذا الطرح المجافي للحقيقة والواقع والذي يتحاشى ويتجاهل وحتى يقفز على کذب النظام وخداعه ومماطلته وتسويفه بتحسين الاوضاع المختلفة والتي وصلت الى حد لم يعد بوسع الشعب أن يطيقها، وإن سعي هذا النظام المستمر من أجل الفصل والعزل بين الشعب وبين قوته الطليعية الاولى المواجهة للنظام والرافضة له أي منظمة مجاهدي خلق، هو سعي دٶوب ومتواصل للنظام منذ بداية مصادرته للثورة الايرانية وتأسيسه المشٶوم وحتى يومنا هذا ولکن وکما هو واضح من دون جدوى!
والانکى من ذلك إن النظام الذي کان يحاول عبثا ومن دون طائل أن يظهر کل من يقف ضده ويخالفه على إنه عدو لله ويجب قتله وبعد إتساع دائرة الرفض ضده فإنه ولکي يقوم بالاساءة لرافضيه والمنتفضين ضده من أبناء الشعب الايراني فإنه يقوم بتصويرهم بمظهر البلطجية والرعاع وکأن هذا النظام الحامل للأفکار والتوجهات القرووسطائية هو نظام مدني متحضر، وهذا مايمکن لمسه في التصريحات المثيرة للسخرية التي أدلى بها محمد يزدي، قائد فيلق “محمد رسول الله” بقوات الحرس الثوري المكلفة بأمن طهران الكبرى حينما قال: “عند التصدي للبلطجية، يبدأون في الدفاع عن هؤلاء الأشخاص تحت تأثير وسائل الإعلام المعارضة، ومن المؤكد أنكم شاهدتم مثالا على ذلك في أحداث الشهر الماضي”!