18 ديسمبر، 2024 11:27 م

الخوف من الميليشيات …!

الخوف من الميليشيات …!

الكتابة عن الميليشيات الآن ، برؤية تقويمية نقدية ، تعني الوقوع في المحذور أو السير في حقل الألغام ..! ذلك لأن الحكومة بكل ماتملك من قوة ردع وشرعية فعل وقوانين ساندة وغطاء وطني ، لاتقترب من هذا المسار .

من الإجحاف أن ننكر أرواح الشهداء والتضحيات التي قدمها المنتسبون للميليشيات في قتالهم مع ” داعش ” في العديد من معارك الشرف وتطهير الأرض ، في تكريت وسواها ، ولا ننسى عودة الروح المعنوية للشعب بعد دعوة المرجعية لتشكيل الحسد الشعبي ، وإرتفاع رايات التشكيلات الميليشياوية بين صفوفها ، وتحول تلك القوة ” الحشد ” الى تكوين عسكري عقائدي فاعل في أرض المعركة ، عسكريا ً وسياسيا ً.

لكن يبدو لي أن ثمة إشكاليات سياسية إجتماعية قانونية ، صارت تلازم فعاليات الحشد ومكوناته الرئيسة المتمثلة بالميليشيات ، تحتاج ان يتم تناولها ووضعها في سياق المعقول والمقبول مجتمعيا ً، وقبل التطرق لذلك ثمة تجارب وشواهد تصلح أن تكون الأنموذج في القياس لنشاط ونضال الميليشيات وعملها الجهادي في العراق .

الذراع العسكري أو ميليشيات حزب الله اللبناني ، وهي تشكل الذراع الأقوى والأهم في المقاومة والتصدي للعدو الإسرائيلي ، وكذلك في حماية لبنان من أي عدوان ، وفي اسناد واحترام غير منقوص لقوات الجبش والشرطة والأمن اللبناني ، التشكيلات القتالية للحرس الثوري الإيراني ، وهي تشكل قوة نوعية في حفظ مكاسب الثورة واسناد المؤسسة الحربية بضوابط صارمة واجراءات فدائية ، لاتتجاوز حدود الأوامر التي تصدر لها ..!

وفي كلا التجربتين حزب الله والحرس الثوري الإيراني ، لانجد لهما أدوار في الشارع اللبناني أو الإيراني تتداخل أو تتقاطع مع دور السلطة الحكومية ، ولا حضور مسلح في الأوساط الشعبية والسلمية العامة ، ولا أي تدخل في مجريات القانون وسلطة الدولة .

الميليشيات في الشارع العراقي تعمل بمعزل عن الضوابط القانونية وهي تتمتع بسلطات مطلقة لايقوى على محاسبتها الشرطي أو الجندي ، بل أحيانا تدخل في صدام مسلح ودموي مع منتسبي الجيش والشرطة ، مايعني أن ثمة سلطات تتحكم بالشارع العراقي ، الحكومة بأجهزتها المعروفة ، والميليشيات بعناوينها المعروفة والمتعددة ، وهو ماصار يسمح لبعض المجاميع من المسلحين والعصابات أن تستغل مثل هذا التداخل وتنفذ بأفعال إستلابية وتخريب وخطف وسرقة وإعتداء .

إشهار صوت المعركة ينبغي أن يطلق في ساحات القتال ضد داعش ، وليس أصوات مكبرات الصوت لمواكب تسير باسلحتها في شوارع بغداد ، لاتحترم اشارة مرورية أو سيطرة عسكرية ، بل تعمد بأساليب أقرب للمراهقة الى إشاعة أجواء الرعب والتهديد للمواطنين العزل ، تحت عناوين الحشد ، وهو ما ينافي رسالة الحشد التي اشارة له دعوة السيد السيستاني زعيم المرجعية في النجف الأشرف .

الغريب بالأمر ان الخوف من نقد وتشخيص اخطاء الميليشيات وهي تتصرف مستغلة عنوان الحشد الشعبي ، وصل لدرجة الرهبة لدى كبار الزعماء السياسيين من الشيعة ، فلم تقوى الشخصيات المعروفة حتى على تسميتها ، بل توصفها بالوقحة في أعلى طاقة مواجهة ونقد ، لكنها لم تسمي هذه الميلشيات ولم تعط ترجمة لمعنى وقحة ..؟

أرجو ان يكون مقالي هذا نقطة مراجعة امام قادة الحشد وزعماء الميليشيات، وان يتحلوا أكثربصفات الثوار ، الذين ينتصرون للمواطن ويشكلون ضمانة أكيد لإنتصار الوطن ومبادئ الخير والكرامة لكل العراقيين الأباة .