تغير الكثير في المجتمع العراقي الثوابت والقيم وحتى المبادئ، بعد اعتقال الناشط حيدر الزيدي والحكم عليه ثلاث سنوات بسبب منشور ينتقد خلالها الميليشيات وأحد قياديها، ورافقتها مظاهرات الناصرية الداعية لإطلاق سراح النشطاء وعدم التعدي على حريتهم، مع متابعة التواصل الإجتماعي لم أجد هناك دعم أو مساندة وحتى التنديد بقرار القضاء العراقي للحكم على ناشط بسبب التعبير عن حرية الرأي، وحتى المنشورات الداعية لمساندة الناشط والمظاهرات في الناصرية لم اجد لها أي دعم وكأن الشعب العراقي رفع راية الاستسلام أو أصبح لديه نفور وعدم الثقة، كانت تجربة ثورة تشرين التي قدمت الكثير من الشهداء وبالآخر تم خيانتها مع صعود المحسوبين عليها لسدة البرلمان هي من جعلت الشعب يفقد الثقة.
الخوف من الحرية كابوس يقلق الشعب العراقي، المنادين بالحرية والديمقراطية أكثر هم معرضين للتصفية الجسدية لكون افكارهم تتعارض مع افكار التيارات الإسلامية المسيطرة على زمام الحكم، الديكتاتورية المبطنة فوق دستور ديمقراطي عراقي لا يتم تنفيذه والالتزام به لإن جميع فقراته حبر على ورق واصبح الحاكم الأوحد على العراق هو التصفية الجسدية وبمختلف الأسلحة لكل من يعارض افكار التيارات الإسلامية ، ديكتاتورية لم نرى مثيلها حتى في حكم النظام البائد، ديكتاتورية الفساد والقتل وتكميم الافواه والكذب، من اخالفه بهذا الرأي ليرد عليه إن كنت مخطأ في هذا الوصف، في النظام البائد كان هناك حاكم مغرور وشعب جبان، هل يا ترى نحن شعب جبان؟ أكيد نحن ليس شعب جبان بل شعب تعرض للخيانات بحيث جعلنا نفقد الثقة بالشارع، العراق تاريخه مليء بالخيانات واصبح ديدن الكثير من المنافقين الطعن بالظهر بأسم الولاء للطائفة وعدم الإنتماء للوطن.
الحرية لا تأتي بالأحلام ولا بالتمني إذا لم يضع المواطن العراقي في عقله الباطن التضحية ونصرة المظلوم والقضاء على الظالم، وإن تحطيم قيود العبودية يحتاج حرب من تضحية الولاء للوطن، لكن مع الأسف ان نقف مكتوفي الأيدي وننفر من المناصرة والدفاع عن حقوق الإنسان بسبب الخوف من التضحية هذه ليس من شيم العراقيين، البلد الوحيد الذي يعتبر كل من ينادي بالحرية ونصرة المظلوم عميل امريكي وصهيوني ومدعوم من قوى إمبريالية تريد تفكيك مجتمعنا مع عدم المساس بحكومة إيران حتى لو اطعمت شعبنا سمومها واهدافها الشيطانية داخل العراق.
المثير للاستغراب وللضحك في نفس الوقت بيان رئيس حكومة العراق محمد شياع السوداني في يوم حقوق الإنسان العالمي العاشر من كانون الأول، يتعهد بحماية الحريات وجميع قضايا حقوق الإنسان وهو لا يستطيع العفو او حماية ناشط عبر عن رأيه ليحكم عليه ثلاث سنوات، باختصار مبادئ اي حكومة عراقية اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس، وفي نفس بيان رئيس الحكومة يؤكد التزام حكومته في قضايا حقوق الإنسان العالمية مع التعهد بالالتزام بجميع الاتفاقيات التي وقع عليها العراق وبذل الجهود لنشر ثقافة حقوق الإنسان داخل المجتمع، وهناك بالجانب الآخر تعذيب سجين في سجون الموصل ينتهك جميع حقوق الإنسان ويضيف في البيان “لقد أضحـى تطبيق معايير حقوق الانسـان منذ عـام ٢٠٠٣ ولغايـة يومنا هذا ، معيـاراً لبنـاء المؤسسـات واعتمـاد التشريعـات والسياسات الوطنية ، بمـا ينسجم وتطبيق مـا ورد في وثيقـة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والأعراف والمواثيق الدولية ذات الصلة” صدقاً مخجل جداً أن يصدر مثل هذا البيان ونحن اول دولة في إنتهاك حقوق الإنسان، وأول دولة بالفساد وأول دولة في إنتهاك حقوق المرأة وحقوق الأطفال، لا حرية بدون تضحية ولا عبادة صالحة ومقبولة إلا بمحاربة الظلم.