23 ديسمبر، 2024 4:13 ص

الخنوع تربية بلا قوة … والعمالة سياسة بلا وطنية !

الخنوع تربية بلا قوة … والعمالة سياسة بلا وطنية !

في لعبة السياسة يمكن ان تجرّب كل التقنيات الحديثة والمقولات الأدبية المنتقاة من خطابات تاريخية لشخصيات رفيعة المستوى , كوسائل ايضاح لأي فكرة يروم بها السياسي ان يسوقها في خطابه الى اتباعه لتقريب الفهم بوجهات النظر التي يطرحها لتحفّز على ديمومة الإقناع بذلك الخطاب من ناحية , وديمومة جذور الثقة بالنفس التي زرعها الخطاب فيهم منذ امد بعيد من ناحية اخرى .
والناس البسطاء احيانا ومن دون شك لابد ان يصدّقوا من بعض هذه التقنيات والمقولات والقصص , تلك التي يؤلفها او يخترعها السياسي المشاكس بنفسه من مصادر الهامه وينسبها الى اشخاص خياليين للغرض اعلاه وخاصة في المنازعات التي يجد فيها نفسه ضعيفا امام خصومه ليرسّخ حقيقة تاريخيه واقعية له ,
تدفعه الى ذلك وطنيته وقلة حيلته وحيلة وطنه , بوجهة نظر تاريخية يراد منها اثبات حقوقهم في نقطة ما من الامر المطروح على طاولة المفاوضات , وهي في جوهرها الحقيقي تقنية أرباك الطرف الآخر او التعمد على الغاء حقه بالكامل بوسيلة رخيصة ,
ليجعله يتفاجأ بهذه التقنية التي لم يكن مستعدا للرد عليها , وبذلك يلجأ الى خيار التأجيل للبحث عن مصداقية الطرف الآخر عما قاله لتأخذ المفاوضات جانب التلفيق بدلا عن القوة المفقودة المؤثرة في المفاوضات ,
والسياسي المشاكس بهذا يمثل دور المخبر لأنه لا يمتلك دليلا تاريخيا او قرينة تدل على ان بلاده هي الفاعل الحقيقي وراء تلك القصة او الحقيقة التاريخية , أما السياسي المفاوض الذي امامه يقتضي ان يدرك تلك الحيلة ليرد عليها فورا ,

ومن التقنيات الموروثة التي تعتبر بمثابة مكائد سياسية , هي تلك التي تنهى السياسي الرذيل , إن وجد بين المفاوضين , عن القيام بأي فعل مضاد يقوم به اثناء المفاوضات , وتلك هي تقنية الرشوة التي يستخدمها السياسي المشاكس كتعويض عن القوة التي يفتقدها كعنصر مؤثر في المفاوضات , اما السياسي الرذيل والنكرة الذي يتقبل الرشوة كهدية او كعربون ثناء يرده نظير عمل يترقبونه له في المستقبل , فهو بذلك يبيع وطنيته ونفسه عميلا بامتياز لصاحب الرشوة ,
وهو اثبات من جانب آخر , ان هدف هذا السياسي منذ العمل في السياسة كان من اجل تحقيق مصالحة الشخصية القذرة على حساب مصالح الوطن والشعب مستغلا في ذلك منصبه الحكومي ودور مقعده في لجان المفاوضات الخارجية ,
وهذا الامر له اسباب كثيرة منها ; ان السياسي المرتشي يدرك تماما بضعف بلاده من كافة النواحي وخاصة في غياب مقعد القوة العسكرية في المفاوضات التي تحفّز على الرد السريع على القصص المفبركة , إذ عندما يكون الرد سريعا على الترهات , فهو يغني عن اظهار القوة ويغني عن تمديد المفاوضات ويبرهن المفاوض على مدى تحكمه بقواعد المفاوضات المتوازنة بالإيقاع الخاص بالمعلومات .
ان غياب القوة سواء بالتربية الاجتماعية وفي التربية السياسية , والمشي جنب الحيط على وفق آراء الفراعنة انما هو ضرب من تكليف المرء , وخاصة عندما يكون يبلغ سياسيا , لحمل سمة الخنوع التي تجبره على تسليم وطنه في المستقبل على طبق من ذهب وبأعصاب باردة لكل من بدأوا تأريخ بلادهم تائهين بأشباه الرجال وكانوا اداة للاستعمار في تنفيذ مخططاتهم .
وضعف البلاد من الناحية العسكرية يعتبر بحد ذاته بوح للسياسي الرذيل ان يبيع وطنه لقاء دراهم معدودة , بينما الأجدر على البلدان الضعيفة ان لا يرسلوا مفاوضيهم لأي سبب كان دون مقعد لممثل القوة العسكرية , وإن تأجلت المفاوضات قرونا من الزمان , او يضيق الطرف الأخر ذرعا من ذلك , وهذا يعني ان البلدان ينبغي ان لا تغامر في دخول المفاوضات من دون انياب القوة العسكرية بارزة كأسنان التمساح .
ختاما , ان ذيوع النوع الرذيل من السياسيين في العالم , أضاع الاوطان وفتت الحدود , وهو على الدوام يتغلغل بالأسس التي تنتج الرؤية السياسية والمنطق السياسي مدعوما من جهات خارجية تسخّر له المال والمعلومات بأدق التفاصيل ليبدو بين اقرانه مفكرا قويا وذا استراتيجية تتناغم مع استراتيجية تلك الأسس , إلا ان ذلك خدعة للناس ليصل الى اليوم الموعود ويرد فيه نظير ما جنت يداه من اشباه الرجال .