والخنفسانة دويبة معروفة وربما المراد هنا نوع من الخنافس قصيرة الارجل، يسميها اهل بغداد ( مخدة العقرب) ويزعمون ان العقرب تنام عليها، وهذا النوع من الخنافس يخشى من لسعه، واصل هذا المثل الذي نتناوله، قول الشاعر:
وكل قرين الى شكله…. كأنس الخنافس بالعقربِ
ويقال ان بين الخنافس والعقارب مودة أكيدة، وصداقة متينة، لأنك لاتراهما ابدا الا ظاهرتين يتسايران، ومتى اطلعت على جحر فرأيت احداهما، رأيت الاخرى على اثرها، ولذا سمى اهل المدينة المنورة الخنفساء( جارية العقرب)، ومن ملاحظات اهل بغداد انهم اذا شاهدوا خروج خنفساء من جحر، توقعوا خروج العقرب على اثرها، وفعلا تخرج في اكثر الاحيان، ويضرب هذا المثل لظهور دلائل الاذى والشر، ولتصاحب نذلين كما نرى الان في سوريا، فربيع سوريا واختلاط الامر ودخول القاعدة على الخط، نبهنا الى ان اسرائيل ستخرج على الاثر، وها هي اسرائيل تقصف مراكز البحوث في سوريا وتزعم انها صفقات اسلحة، وحتى ان كانت كذلك هل يعطي هذا اسرائيل الحق بالاعتداء على سيادة دولة مستقلة، ولكن الظاهر ان الامر وصل مداه وبدأت الحركات المتطرفة بالانهيار، فكان لزاما على اسرائيل ان تظهر حرصا شديدا على قواويدها وصنيعتها من جيش النصرة والقاعدة، مع كل الاحترام لاي معارض شريف كان قصده انتشار الوعي والديمقراطية، فلم تصبر اسرائيل على المؤتمرات والمساعدات، وانما تعجلت الامر وقصفت سوريا بالطائرات بمباركة قطرية وتكبير سعودي وتهليل تركي.
هذه الدول كانت تسمى ابان عصر النهضة وبداية الافكار التحررية بالرجعية العربية، وكانت على رأسها السعودية، التي حاربت جميع الافكار التنويرية، وحاربت جميع حركات التحرر واصطفت منذ نشوئها وتسميتها بهذا الاسم مع بريطانيا الكبرى حينذاك، ولم تزل قطر بعد سوى ارض قاحلة فارغة وتابعة وغير مأهولة؛ نحن نعلم ان الايديولوجيات ربما تلتقي في مشتركات محددة، ونعلم كذلك ان السعودية ودول الثروة الخليجية لاتستطيع ان تتحرر من تبعيتها لاميركا والغرب، وهذه الدول كانت مثار استهجان واستصغار للشعراء والمتندرين، وشعوبها تشعر بالحسرة لما ترى من اثر التطور الفكري الذي تحياه الدول العربية الاخرى مثل تونس والعراق ومصر وسوريا، وكانت هذه الدول مستفزة من قبل دول التطور العربي، حتى في مؤتمرات القمة كان ملوكها وامراؤها احدهم يوصي الآخر بعدم التعرض لمصر او العراق او ليبيا او سوريا، وكثير منا شهود على ماقاله صدام لبعضهم في احد مؤتمرات القمة بعد انتها حرب العراق مع ايران: ( اذا لم تدفعوا للعراق، ازيّن لحاياكم)، وهو فعلا نفذ تهديده وحلق بعضا من هذه اللحى، فكانت عواقب الامر الذي تحمل تبعاته الشعب العراقي.
والخنفساء الآن هي من يوجه العقرب، وليست قوادتها فحسب، لان العقرب اسرائيل، لاترضى بالارض الفلسطينية وتكتفي وانما تتوق الى احتلال العراق ومصر، اما المدينة المنورة والتي كانت من مدن اليهود ماقبل الاسلام، فقد طمأنت اسرائيل السعودية انها لايمكن ان تتعرض لهذا الامر اطلاقا، على ان تكون لها كما كانت الخنفساء للعقرب، فأقرت السعودية وهي تنتقل بشعبها من استلاب الرأي الى استلاب الحرية، الى استلاب الديمقراطية، ولا احد يسأل عن اساليب القتل بالسيف والتعزير وقطع الرؤوس في هذا البلد المظلم، حتى انه الى عهد قريب اقر بكروية الارض وادخل تدريس الارض كروية في المناهج الدراسية، انهم قبائل بدوية لاتعرف من حقوق الانسان شيئا ولاتزن العلم بميزانه الحقيقي، حتى ان القرآن قال انها واد غير ذي زرع، وكلنا يعلم ان الحضارات نشأت على الماء، مايعني ان السعودية مازالت تحيا باسم الصحراء وقبائل الصحراء، ودليلنا على هذا اعتزازهم بالسيف في جميع المواطن، لكنهم لم يخجلوا ان يلعبوا مع قطر والامبراطورية العثمانية دور الخنفساء في قيادتها للعقرب اسرائيل.