أخذ عنوان المقال اليوم ، من المثل العراقي الشائع لدى العراقيين ( عرب وين ، وطنبورة وين ) والذي يتطابق وحال البرلمان العراقي ، فقصة هذا المثل تحكي قصة طنبورة المرأة العراقية البسيطة التي لاتسمع ولاتتكلم منذ الولادة ، والتي تزوجت من رجل فقير اسمه عرب ، فراشه الأرض ولحافه السماء ، ومنذ ليلة الزواج الأولى عودها بعلها عادة ، مفادها عندما تراه يفرش عباءته على الأرض فهذا يعني طلبها ، فتأتي ملبية النداء وتنام على العباءة ، ومرت السنوات وهما على هذا الحال ، وزاد فقرهم مع دستة العيال التي انجبوها ، حتى أن البيت لم يكن يحوي سوى بعض الحاجيات التي هي أقصى الضروريات ، وعند فيضان نهر دجلة اذ كانوا يسكنون بمحاذاته مع بعض العرب في قرية صغيرة ، هرع العرب الى الفرار طلبا للنجاة طبعا ، ولذلك هرع زوج طنبورة الى البيت لحمل ماخف حمله وغلا ثمنه مع عياله والهروب بحياتهم وبعض حاجياتهم ، وما أن دخل عرب البيت فرش عباءته ودخل لجمع بعض الأغراض وعندما جاء ليضعها في عباءته وجد طنبورة نائمة على العباءة منتظرة معتقدة ان زوجها يريد مطارحتها الغرام لأنها لاتستطيع سماع الصراخ والعويل الذي ألم بالناس فتأفف زوجها عند رؤيتها بهذا الوضع وقال (عرب وين وطنبورة وين ) .
وبرلماننا المصون ، أو ما يطلق عليه ( طنبورة العراق ) فهو لا يسمع ولا يرى غير الذي يرد سماعه ورؤيته ، وفرش عبائته منذ دورته الاولى في منتصف قاعته في إنتظار من ( يضاجعه ) ، ففي الوقت الذي تدور رحى المعارك ضد المجاميع الارهابية في الموصل والرطبة وبقية المدن العراقية ، وإخلال الولايات المتحدة الامريكية بالتزاماتها الامنية للحفاظ على وحدة العراق الفيدرالية ، وخذلانها للقطعات العراقية وعدم مساندتها الجوية لها في تقدمها نحو تحرير أم الربيعين من براثن الارهابيين ، وفتحها لاحدى الممرات لهروب قادة تنظيم داعش الى سوريا وجيشت لذلك كل وسائل أعلامها الخبيث والموالين له للترويج لهذا الخبر ، فتبين في حقيقة الامر بأن واشنطن بوقفها غارتها على هذه المجاميع ، وتعطيل المعارك لمدة اربعة أيام ، أتضح فيما بعد ، ما هي إلا خدعة أمريكية جديدة تستهدف الى نقل مئات الارهابيين من مدينة الرقة الى مدينة الموصل لمساندة الارهابيين المحاصرين ، وكذلك التصعيد الكبير ، وتدخلات تركيا الصلفة بالشؤون العراقية ( وبمباركة أمريكية ) وإنقسام برلماني عراقي بشأنه ، وتهديدها المباشر حتى بالتدخل البري في الاراضي العراقية ، وخططها التآمرية لتقسيم مدينة الموصل بمعاونة المتآمرين من العراقيين ، والتصريحات التي أطلقها رئيس الوزراء التركي بشأن إقامة منطقة عازلة في العراق بالاتفاق مع رئاسة اقليم كردستان العراق .
تركيا الساعية الى تخريب أي تواصل بين إقليم كردستان وحكومة بغداد ، تمكنت من لعب دور على المتناقضات الداخلية، وتسعى لإحراج القيادة الكردية بكردستان العراق، والحكومة، وتأزيم الوضع بينهم ، لإن تحركاتها العسكرية في محافظة نينوى تأتي ضمن اتفاق بين أربيل وأنقرة على منح تركيا قاعدة عسكرية دائمة في منطقة بعشيقة التي تبعد 30 كم عن مدينة الموصل وتتبع لها، حيث تم توقيع الاتفاق بين كل من البرزاني ووزير الخارجية التركي السابق، المسؤول الحالي عن ملف الشرق الأوسط والتحالف الدولي ضد التنظيم في الخارجية التركية، فريدون سينيرلي أوغلو، خلال زيارة قام بها المسؤول التركي إلى أربيل في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. ، وإن أي تقارب بين الاقليم والمركز ممكن أن يقضي على مثل هذا الاتفاق .
البرلمان نسي أن العراق يعيش اليوم أزمات مستمرة اقتصادية وسياسية كانت تداعياتها على كافة المستويات الاجتماعية والتعليمية والثقافية والصحية وبناء البنى التحتية، وتنفيذ المشاريع التنموية وغيرها بسبب رئيس، ويتمثل في عدم وجود استقرار أمني، ونشوب حروب طائفية محلية وأخيراً الحرب مع القاعدة وداعش وحلفائهما، تحت ضغط وضع أمني إقليمي وعربي ودولي خطر ومعقد ، والفساد المتفشي (المالي والإداري ) في كل دوائر الدولة ومصادرة القرار الوطني الموحد.
وامام كل هذه المصائب التي يمر بها العراق يخرج علينا برلماننا الهمام بقرار بعيدا كل البعد عن المنطق ( يحرم فيه شرب الخمر ) لبثبت مرة أخرى بأنه برلمان أقل ما يقال عنه تافه ، وسخيف ، غير مبال بالام العراقيين وعذاباتهم من الارهاب والوضع الاقتصادي الصعب ، والتي تحتاج وقفة برلمانية لإقرار مشاريع تستهدف بالدرجة الاساس ايجاد الحلول المناسبة لمواجهة التحديات الصعبة التي تمر بها البلاد ، التي تنتظر افلاسها في اي لحظة على يدي ابناءها ، رغم مواردها الكبيرة التي نهبت من قبل حفنة من الاشخاص الطلقاء دون حساب أو مسائلة ، في حين يعاني المواطنيين الفاقه والعوز ، وبرلماننا مشغول بتفكيره بمن يشرب الخمر ، وكأن الخمر هو من يقف حجرة العثرة في اقرار القوانين ، والمتسبب في أزمات العراق ، وتعطيل عمل البرلمان !! ولله في خلقه شؤون !