كلّنا نتذّكر إنذار رئيس الوزراء والقائد العام للقوّات المسلّحة حيدر العبادي حين أمهل القوات التركية الغازية لأراضي العراق في 6 / ديسمبر / 2015 بالانسحاب خلال 48 ساعة واحتفاظ العراق باستخدام كل الخيارات المتاحة بعد انتهاء مهلة الإنذار , وكلنا نتذّكر توجيه القائد العام للقوّات المسلّحة بعد هذا الإنذار بيوم واحد في 7 / ديسمبر / 2015 للقوّة الجوّية العراقية أن تكون على أهبة الاستعداد للدفاع عن الوطن وحماية سيادة العراق , أي قبل 24 ساعة من نهاية الإنذار , وفي حينها قلنا لرئيس الوزراء وبالحرف الواحد أنّ هذا التهديد غير جدّي ومثير للسخرية , فليس للعراق أي قدرة لمواجهة تركيا عسكريا , ومن الأفضل ترك هذه العنتريات الفارغة والتوّجه نحو مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار تحت البند السابع يجبر تركيا على سحب قوّتها فورا من الأراضي العراقية , باعتبار أن هذا الوجود العسكري التركي يمّثل احتلالا عسكريا لأراضي دولة عضو في هيئة الأمم المتحدة , ودفع الولايات المتحدة الأمريكية للدفاع عن سيادة العراق بموجب الاتفاقية العسكرية المبرمة بين العراق وأمريكا .
وهذا الكلام كان قبل عشرة أشهر تماما , فماذا فعلت الحكومة ووزارة الخارجية العراقية ؟ وهل نجحت الدبلوماسية العراقية في استصدار قرار دولي يجبر تركيا على الانسحاب من الأراضي العراقية ؟ لماذا سكتت الحكومة وغضّت الطرف عن الوجود العسكري التركي قرب الموصل كلّ هذه المدّة في الوقت الذي تعدّ العدّة لتحرير الموصل من داعش ؟ ألا تدّل تصريحات كبار المسؤولين الأتراك أنّهم يبّيتون لاحتلال الموصل ووضع اليد عليها ؟ وما هو رّد الحكومة العراقية على تصريحات أردوغان قبل يومين حول الموصل ؟ وهل من اللياقة أن يردّ على تصريحات رئيس جمهورية تركيا موظف في وزارة الخارجية العراقية ببيان خجول وبائس ؟ أليس من الواجب أن تقام الدنيا على تصريحات أردوغان وتدّخله السافر وعدوانه على العراق حكومة وشعبا ؟ أليس من الواجب أن يخرج الشعب العراقي عن بكرة أبيه بتظاهرات مليونية تستنكر هذه التصريحات الوقحة وتطالب تركيا بسحب قوّاتها من الموصل ؟ أين هم دعاة التظاهرات المليونية من هذه التصريحات الغاشمة ؟ وأين هي رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ورئاسة مجلس النوّاب من هذه التصريحات العدوانية ؟ وأين هي الأحزاب والكتل السياسية من هذا الزلزال الأردوغاني ؟ وأين هي المرجعيات الدينية شيعية وسنيّة من هذا العدوان على العراق وشعبه ؟ ألم نحذركم قبل أسبوعين وقلنا لكم بالحرف الواحد اخرجوا القوّات من الموصل قبل فوات الأوان ؟ أليس هذا التهاون في السيادة الوطنية مبررا كافيا لإقالة وزير الخارجية ؟ ألا يستّحق من أدخل تركيا إلى الموصل أن يحاكم بتهمة الخيانة العظمى ؟ وهل الخلل في أردوغان أم في طليان الحكومة العراقية ؟ .