(النظرة الدونية للمراة والسود)..مثالا..ج1
حتى نقطع الطريق على من يحملون المواضيع الى غير ساحتها نقول : نعم كان هناك جرائم وفظائع بحق البشر قبل انتشار فكرة التطور والعشوائيه والانتخاب الطبيعي ..ولكن وبعد ان ألفت لهذه الفكرة الكتب وروج لها على اصعدة علمية وزيفت وزورت احافير وادلة وفبركت على انها حقائق علمية (انظر الجزء 1و2و4 من هذه السلسله) ، صار للمجرمين من العنصريين وذوي النظرة الفوقية من القادة واصحاب القرار والطغاة مبررا “ علميا “ يتكئون عليه ..وهذا المبحث خاص بذلك وليس بماافرزته الديانات من مجازر لم يكن للدين الحق كمنهج ذنب فيها ولا مسؤولية ، وانما للمرضى النفسيين الذين ادعوا ذلك وبمراجعة بسيطة لأصل دينهم ستجد انه لايقرهم على ذلك او انهم زوروه، فيما يخص الديانات الكبرى اما الاديان الباطله فهذا بحث آخر ايضا . وليس خاص بالجماعات السياسية ذات الاهداف النفعوية التي ظهرت عبر التاريخ وعملت في الشعوب السيف ..المبحث خاص بما تورثه هذه الفكرة (التطور والانتخاب الطبيعي ) لمعتنقيها ،
وسنسوق امثلة متناثرة لاتشكل الا نسبة قليلة مما فعلوه:
اشرس من كتب عن هذه الفكرة من المتاخرين هو عالم الطبيعيات دارون Charles Darwin حتى بلغت شهرته وتاثيره ان الفكرة نسبت له علميا رغم انه ليس الا حلقة فيها وذلك لوضوح كتاباته وتخصصها والافصاح الصريح غير المتردد او الخائف من (الكنيسة) ! ، فقد قال في كتابه اصل الانواع On the Origin of Species : ” ان الكائنات جاءت اصلا من خلية اولية تطورت بطفرات عشوائيه وبطريقة تلقائيه نظمها قانون الانتخاب الطبيعي”..(ويعني هنا البقاء للاصلح ، المصطلح الذي سكه الفيلسوف وعالم الاجتماع البريطاني هربربت سبنسرHerbert Spencer ) واستخدمه دارون بعده واعجب بدقته ..(كما يذكر في الطبعة السادسة من كتابه اصل الانواع ).
والانتخاب الطبيعي يعني ان الاجناس الأرقى تتصارع مع الاجناس الأحط منها وان النجاة والبقاء للاكثر قدرة على التكيف مع ظروف الطبيعه والمحيط وفي كتابه (سلف الانسان The Descent of Man) ..طبق هذا على الانسان وقال انه تطور عن مخلوق قريب من القرد الشمبانزي، ويعين الاوربي الابيض مثلا كانسان ارقى تطوريا والاجناس الاخرى هم مازالوا في مرحلة بين القرود والغوريلا واسلافهم وبين الانسان ، وان تطورهم لم يكتمل ، كالانسان الافريقي مثلا واوضح ان الدليل انهم اقرب الى القرود منهم الى الاوربيين بصفاتهم الظاهريه كلون البشرة وتقدم الجبهة ومحيط الراس وماالى ذلك ، وبنى على ذلك ان الاجناس الأرقى -من الانسان- لن تتطوراكثرالا بأبادة الاجناس الادنى منها (وهو مايسمى داروينية المجتمع) وعليه فلامانع بالنسبة له ولاتباعه ان يقوم هؤلاء بقتلنا او صيدنا او تسخيرنا لمنفعتهم ، كما نفعل نحن مع الحيوانات حسب قانون الانتخاب الطبيعي والبقاء للاصلح ! ولذلك لا تستغرب من صورة التقطت لعالم الانثروبولوجيا الشهير البريطانيEvans-Pritchard عام 1926 ، وهو يجعل من طفل سوداني اسود مسندا لقدميه للاسترخاء وهوجالس عى كرسي وكان المستمعمرون البلجيكيون والفرنسيون في افريقيا يتدربون على التصويب بوضع اطفال صغار سود كاهداف لبنادقهم ، والامريكيون البيض الى وقت قريب كانوا يضعون الاطفال السود كطعم لصيد التماسيح وجرها الى خارج الماء ..!
ولكن هذا لايكفي ، فقد قال نصا في كتابه اصل الانسان “ان الاجناس الاكثر تحضرا من بني البشرسيقومون بابادة الاجناس الاقل او الهمجية في مستقبل قريب” ، وهنا اعطى دارون الرخصة للمخبولين -دون ان يدري او لعله يدري- من الاوربيين لاطلاق حملات ابادة وتطهير عرقي بضمير مستريح كما حصل في استراليا لسكانها الاصليين وافريقيا..وفي نهاية القرن التاسع عشر صرح السياسي وعالم البيئة الاسترالي جيمس برنار 1890 “لقد اصبح مسلمة بديهية ووفقا لقانون التطور ان الاجناس الاقل وبناءا على البقاء للاصلح يجب ان تفسح المجال للانواع الاعلى “! يعني ابادة.. ,وسرق وارسل من تبقى من الاطفال (لم يقتلوا) الى متاحف التاريخ الطبيعي عبر العالم لفحصهم ان كانوا يشكلون الحلقة المفقوده بين الانسان والشمبانزي ..واعتذر رئيس الوزراء الاسترالي قبل سنوات فقط كيفن رود Kevin Rudd (للاجيال المسروقه) كما سماها . ولا انسى قانون التعقيم للعقم الاجباري لمن صنف كعرق غير راقي لتمهيد انقراضه في امريكا لتحسين النسل الذي كان معمولا به في ولاية فرجينيا لحد منتصف القرن الماضي ..وقريبا فقط اعتذرت الحكومه الامريكيه عن ذلك وعوضت الاحياء منهم ببضعة الاف من الدولارات ..تحت الضغط الهائل من الانسانيين من اتباع الديانات في امريكا ..الذين احتفلوا بكسب القضية التي استمرت في المحاكم عشرين سنة ..
ثم سلطوا قانونهم التطوري على قبائل رواندا وغيرها وافريقيا واقنعوا بعضهم انهم ارقى من بعض طبقا لارتفاع الانف وشكل الجمجمه وهكذا فصار التوتسي يبيدون الهوتو ..وغيرهم عبر العالم وكذلك فضائح وفظائع (human zoos ) ,”وهي حدائق حيوان وضعوها للانسان في امريكا واوربا وهم عراة وعليهم ان يقفوا ويتحركوا ليتفرج عليهم الناس اثباتا للتطورية العشوائية (اللاانسانية المقيته) وصاروا يطعمونهم كالحيوانت في قفص كما في حالة الطفلة في بلجيكا التي ظلت محط الزوار في قفص لسنين وصورها شائعة، والولد اوتا بنكا ، الذي ابيد قومه ثم بيع للتطوريين الذين فرضوا عليه العيش في حديقة حيوان في امريكا والتصوير مع الشمبانزي في حديقة برونكس في نيويورك كدليل على التطور” !
ثم انقلبوا الى بعضهم يتصارعون تطوريا كالوحوش ، فكما قال الفيلسوف فريردريك نيشه Friedrich Nietzsche المعاصر لدارون تقريبا والمتوفي بعده :”أقوى وأسمى إرادة في الحياة لا تتمثل في الكفاح التافه من أجل الحياة، وإنما في إرادة الحرب، إرادة السيطرة” وهكذا بدا ياكل بعضهم بعضا في صراعهم التطوري والبقاء للاصلح (الذي قد يكون الاقوى احيانا) ولذلك انخرطت اوربا كلها في صراع البقاء للاصلح بعد شرارتها السياسية طبعا و التي لاتكفي لتفسير استمرار زخم الحرب لملايين البشر ولسنوات ولكل الاوربيين ، بل كان انتشار الايمان بالتطوريه احد اهم عوامل استدامتها ونشرت كثير من المقالات والكتب تبين ذلك منها كتاب منابع الحرب العالميه الاولى .
بل ان هتلر وستالين وموسوليني وامثالهم استقوا افكارهم النازية والفاشستيه من التطورية العشوائية والبقاء للاصلح كما أوضح كتاب كثيرون تحت حجة تميز العرق الاري الالماني كما ذكركتاب (الداروينيه وهولوكوست العرقية النازيه ) وكتاب علامات في حياة ستالين والذي ذكر ان الرفيق ستالين بدا صغيرا قراءة دارون واصبح ملحدا وهذا هوالفيلسوف أندريه بيشوت – أستاذ الإبستمولوجيا وتاريخ العلوم والباحث بالمركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية – يقول : “دارون لم يكن أقل عنصرية وجنوسية وعبودية من أقرانه .. ولم يسبق له أن اعترض على الأفكار اليوجينية والعنصرية التي يحملها ابن خاله غالتون وابنه ليونارد دارون ” – كتاب المجتمع النظيف من دارون إلى هتلر .
وبثت ال CNN برنامجا بعنوان (الحرب مظهر من مظاهر الداروينيه الاجتماعيه ) وفصلت فيه كيف ان بسبب هذه الفكرة التطورية اذا لعبت في ساحة السياسة الدوليه فان الحرب ستكون حتمية.ويقول عالم الإجتماع والأنثروبولجي دومينيك غويو : ” الداروينية الإجتماعية اليوجينية العنصرية الإمبريالية استمرت في التكاثر حتى ألهمت بشكل مباشر الجرائم النازية ” – مقتطف من مقال “حينما يحتدم الجدل” مجلة المركز الفرنسي الوطني للبحوث العلمية .والبروفيسور آدم سيدويك، صديق مقرب لشالز دارون حذر من مخاطر اعتناق نظرية التطور حين قال : ” إذا ما تم قبول هذا الكتاب من قبل الجمهور العام، فإنه سيؤدي إلى معاملة وحشية للجنس البشري لم يسبق لها مثيل “- كتاب أصل البشر وقدرهم آرثر إرنست ويلدر سميث ، النسخة الانجليزية- وعودا الى نيتشة ملهم الملحدين التطوريين الثاني فهو يقول في كتابه ( هكذا تكلم زرادشت ) ..”ان الشفقة هي العائق الاكبر لتطور الانسان الى كائن ارقى” ! واقترح من باب التجربة :” حبس المؤمنين بالتطور فى غرفة عالية السقف و تعليق الطعام لهم فى سقف الغرفة و تركهم ليتطوروا و تطول قاماتهم ليصلوا للطعام.!……يتبع ج2 (المراة)
———————————
وانوه الى ان هذه سلسلة مقالات بحثية قرات من اجلها الكثير من الكتب المختصه لكبار علماءها وعشرات المقالات المعتبرة علميا في علوم الوراثة والاحياء والطبيعيات وتفحصت عشرات المواقع العلمية المعتمدة للجامعات ومراكزالبحوث وبلغتها الاصليه حتى لايخدعني مترجم او باحث متعصب لدين او لإلحاد، والغرض منها النقاش والرد وليس مناطحة علماء التخصص واعتمد فيها كثيرا على مصادر ورجال آخرين وقد لايكون لي منها الا الجمع والصياغة الادبية والتحليل الفلسفي ..ولكني اتبناها طبعا وفيها آرائي واعتقادي ،، ولها اجزاء اخرى لايمكنني ان انشرها مرة واحدة لأعطاء الفرصه للمتابعة..ولذا فان بعض الاعتراضات او النقاشات قد يكون الرد عليها اساسا يتضمنه مقال آخر مقبل ..فأرجو من الاصدقاء والقراء ..لمن يرغب ، طرح الفكرة او الراي وينتظر الرد او النقاش في المقالات اللاحقة او لعله يجده في المقالات السابقة ..او لعلي اناقشه حاضرا.