أي حاكم في أي بلد في العالم هو بمثابة الأب لشعب هذا البلد , والمتوقع منه أن يعامل أبناء البلد معاملة عادلة , لا لا يفضل قوم على قوم ولا عرق على عرق ولا طائفة على أخرى , ففي ذلك نجاح و تقدم لهذا الحاكم , ونجاح وتقدم لشعبه أّيضا . العراق يمر حاليا بأخطر مرحلة في تاريخه القديم و الحديث , حيث يراد ايصال الحالة الى ان يحرق العراقيون بعضهم بعضا , من خلال بث خطاب مسموم يفضل طائفة على أخرى , وسلوك على الأرض يتناغم وهذا الخطاب , يروج له من يمسكون بمقاليد الأمور في البلد , في محاولة يائسة و بائسة لاحتواء السنة والسيطرة عليهم , كيف لحاكم أن يكون عادلا وهو ينتهج سياسة علنية ظالمة على نصف المجتمع العراقي ؟ وسياسة ظالمة و مخادعة أيضا على نصفه الآخر ؟
في الهند هناك المئات من الطوائف والأعراق , وهناك 120 لغة ولهجة , وهناك مليار و 200 مليون من البشر, ولم يسمع احد عن مشاكل عرقية أو طائفية عندهم كما هو الحال عندنا , لسبب بسيط هو أن من يقود البلد لا يفضل عرق على آخر و لا طائفة على أخرى , وحتى لو حصلت عندهم بعض المشاكل بسبب هذا التنوع بين فترة وأخرى , فهي لا ترقى الى ما يحصل لدينا من مجازر يومية , هذا ناهيك عن المكانة العلمية الراقية التي تحتلها الهند بين دول العالم حاليا . ألا تستحق تجربة الهند الاطلاع عليها بشكل جاد والاستفادة منها ؟ والهند بلد فقير مقارنة بالعراق .
على مر التاريخ , تعرض العراق للكثير من الغزوات , حاله حال أي بلد في العالم , سواء كان هذا الغزو من دول الجوار الملاصقة أو من دول بعيدة , كان العراقيون يقاتلون الغزاة بكل ما يملكون من قوة , وكانوا جميعا قلبا واحدا و يد واحدة من الشمال الى الجنوب , قتالا و تضحية عن الوطن الواحد , لا قتالا و تضحية عن العرق الواحد أو المذهب الواحد , لم نقرأ أو نشاهد في تاريخنا ما نشاهده اليوم من انقسام و تشرذم سببه الأول و الأخير هو الساسة الذين استلموا الحكم بعد 2003, ساسة لا يخجلون من الاستمرار في الحكم وهم يتفرجون على الموت اليومي الذي يطال أبناء الوطن , سنة و شيعة منذ عشر سنوات , واقع الحال يشير الى ان هناك قرار قد صدر باعدام جميع العراقيين ( من دون أي تمييز ) , وهذا القرار ينفذ يوميا ولا احد يعرف متى سيصل اليه الدور , ” طبعا هذا القرار لا ينفذ على الساسة بسبب حماياتهم و سياراتهم المصفحة و اختبائهم في المنطقة الخضراء ” , وأصبح الموت يلاحق الناس حتى وهم داخل بيوتهم , حيث قتل الكثيرون داخل بيوتهم .
سياسة الاقصاء و التهميش فشلت , وكان لا بد لها أن تفشل , لانها وصفة مسمومة و مغلوطة لقيادة بلد وشعب , جلبت , ولا تزال تجلب , الدمار للجميع والكل فيها خاسر ,
( الا تتعظوا أيها الساسة و تراجعوا أنفسكم وضمائركم رحمة بهذا الشعب الذي ابتلى بكم !؟ ) , الذي يقدم الولاء للطائفة على الولاء للوطن .. فاشل , والذي يقدم الولاء للعرق على الولاء للوطن .. فاشل , لأن الوطن اكبر من الطائفة واكبر من العرق , و لأن الجزء لا يمكن أن يستوعب الكل , ولان الفرع لا يستطيع ان يهيمن على الاصل , ومن لا يدرك ذلك عليه أن يراجع نفسه , لان مصير بلد وشعب لا يجب أن يكون رهينة أفكار ومفاهيم مريضة تعشعش في رؤوس بعض الساسة الحاليين , ما الذنب الذي اقترفه العراقيون كي يقتلوا يوميا ؟ ان كانت الطائفية تقتلنا جميعا سنة و شيعة , فلماذا لا نقتلها نحن جميعا سنة و شيعة , كي نعيش بسلام ؟ اما أفضل طريقة لقتل الطائفية فهي اتخاذ قرار بعدم السماح للساسة الطائفيين بالوصول الى سدة الحكم , عكس ذلك , لن نلوم الا … أنفسنا .