17 نوفمبر، 2024 12:48 م
Search
Close this search box.

الخلاف الخليجي القطري…محاولة للفهم

الخلاف الخليجي القطري…محاولة للفهم

ماذا يجري في المنطقة الخليجية من تحول مفاجئ من هدوء الي اضطراب أعلامي ومفاجئة على صعيد العلاقات بين تلك الدول وما حدث من سحب السفراء بين دول الخليج العربي؟
 
لعل من يراقب يجلس حائرا يفكر بما يجري ولعل ان هناك من يريد ان يعرف ماذا هناك؟
 
 وهذا بطبيعة الأمور يحتاج الي قراءة هادئة عميقة تسعي وتذهب الي محاولة قراءة ما بين السطور وكشف الممحي أذا صح التعبير.
 
أن هناك تغير في المواقف واختلاف في الخطاب الخليجي الخليجي وسط صراع دولي إمبراطوري قريب من منطقة الخليج ونقصد هنا ماذا يجري في سوريا من لعبة أمم؟ تفجرت نتيجة لوقود من مشكل داخلي عميق داخل الدولة السورية.
 
ضمن محاولات من يريد أن يقرأ الحدث تظهر أصوات من مخلفات القوميين العرب ومن شلة المتكلمين بالأيجار تستفز من يريد ان يفهم بهدوء ومن يرغب أن يفكر بعقل ومن يسعي أن يتفاعل بإحساس مخلص.
 
أن هناك عقدة عربية يقودها مرتزقة الكلام والرادحين بالأيجار على الفضائيات العربية طامعين الي “وهم” أن هناك من سيدفع لهم ليسكتوا!
 
أو يتحركون من عقدة كراهية وحسد وغل تحركه عقدة ذاتية ضد الخليج واهل الخليج، وهي نفس العقدة التي تفجرت بشهوانية شيطانية عند الغزو الصدامي لدولة الكويت وهي تعود الان ضاحكة بخباثة ضد الخلاف الخليجي الخليجي وهي من هذا الباب تحاول أن تقرأه بشيطانية نصابين يسترزقون بالكلمة وبمواقف للأيجار.
 
ونحن خارج تلك العقدة وبعيدا عن تلك الخباثة الشيطانية نحاول ان نفكر بصوت عالي أذا صح التعبير باحثين عن حقيقة ما يجري، ولعل من الأفضل ان نناقش نقاط منفصلة نحاول ان نربطها باتجاه واحد ضمن سؤال بسيط:
 
لماذا حصل ما حدث؟
وما الحل؟
هناك من يقول إن هناك تغير في الموقف القطري تجاه سوريا هو من صنع المشكل وهذا ضمن سياق تغير رأس الدولة في قطر، وهذا الكلام لا يستند الي واقع ونتصور انه “وهم” اخر يضاف الي “وهم التسوية “الذي تحدثنا عنه بأكثر من موقع.
 
لماذا قلنا ما نقول؟ وعلى أي أساس؟
 
من هنا ننطلق لنشرح خشبة المسرح الذي تأسست عليه الحدث الأخير ونقصد سحب السفراء، والذي هو جزء من سلسة احداث وليست بداية حدث؟
 
وجهة نظر كاتب هذه السطور وقد أكون مخطئا ولكن أتصور ان بداية المشكل وبداية تشكل مسرح الاحداث بدأ في فترة التسعينات مع الانقلاب القطري التلفزيوني المعروف والذي أطاح به الابن بأبوه وأزاحه عن الحكم وهي مسألة ليست سرا على أحد ولكن هذا الانقلاب باعتقادي خلق مشاكل كثيرة تبعاتها أدت الي ما حصل حاليا؟
لماذا؟
 
أن الانقلاب المذكور لم يغير حاكم بأخر فقط ولكن خلق مشاكل كثيرة وهي باختصار حدوث مشكل شرعية لحاكم جديد حيث ان الانقلاب تجاوز على عدة مشروعيات.
 
فهناك مشروعية قانونية تم كسرها.
 
ومشروعية اجتماعية تم انتهاكها
 
ومشروعية تاريخية تم التأثير عليها
 
ومشروعية تناوب حكم وعادات أسرة حاكمة تم تجاوزها
 
لذلك هناك مجموع مشروعيات مهمة وعميقة تم الانقلاب عليها وليست المسألة فقط استبدال حاكم بأخر.
 
نخن نقول إن فقدان تلك المشروعيات أدت الي فقدان غطاء الحماية التي يحتاجها أي حاكم ورئيس دولة للاطمئنان والسكينة التي تثبت حكم وتطمئن حاكم وتهدئ شعب.
 
من كل هذا ننطلق لنقول إن مما سبق تم استبدال تلك المشروعيات بحماية دولة عظمي وبأدوات استخباراتية ضاربة، من هنا نفهم لماذا تم التحالف الأمريكي القطري فكانت أكبر قاعدة أمريكية بالمنطقة والانفتاح على الصهاينة وتأسيس الذراع الاستخباراتي الضارب لدولة قطر وهي شبكة قنوات الجزيرة.
 
كل هذا يمكن اختصاره بعبارة مهمة وبسيطة ونضع عليها أكثر من خط وهي الاتي:
 
تولد لدي الحكم الجديد في قطر محاولة صناعة شرعية مفقودة وفي نفس الوقت كان هناك “عمل” و “بحث” عن دور أكبر من واقع ” الدولة” في قطر، الذي أوقعها و “ورطها” في سياسات خارجية هي بالأساس منتوج مشكلة داخلية خاصة بدولة قطر.
 
ان البحث عن أدوار أكبر من واقع الدولة في قطر نراه بأكثر من موقع ومنها أنشاء منظمة الغاز الدولية كموقع نفوذ دولي يعمل كمظلة عابرة للقارات وموقع سيطرة يتم فيه التحكم على الاخرين من خلال موقع الطاقة.
 
وخلق رابط مع تنظيم دولي سياسي وهم حركة الاخوان المسلمين الذين يقدمون خدمات ومواقع نفوذ وسيطرة تابعة ومتناغمة وتتبادل المنفعة ببراغماتية ومصلحية مع دولة قطر بمقابل دعم مالي واعلامي واستخباراتي من دولة قطر للتنظيم العالمي لحزب جماعة الاخوان المسلمين والعكس صحيح ضمن تبادل المنافع والمصالح بين الاثنين، فهنا تنظيم يدعم دولة, وايضا الدولة تدعم التنظيم بعلاقة تكاملية براغماتية مصلحية نفعية طفيلية إذا صح التعبير، وهنا تم تأسيس موقع للسياسة.
 
وتم تصنيع تنظيم لفقهاء او ما يسمي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ؟! وتم ترأس شخص تم تجنيسه قطريا وهو الشيخ يوسف القرضاوي ليقدم دور تأسيس قاعدة تنتج فتوي حسب الطلب او موقع تنظيم عالمي يعطي غطاء ديني او تتمة وتكلمه لمواقع أنشاء “الدور الأكبر من الدولة” فعليه تم تأسيس موقع شرعي فقهي.
 
وجاء أنشاء الذراع الاستخباراتي لشبكة قنوات الجزيرة كتأسيس لموقع الدور الإعلامي.
 
وتم استيراد صيع القهاوي وسقط المتاع البشري من نصابين لندن والعاطلين عن العمل بمقاهي أوروبا والفاشلين من بقايا القوميين العرب كرادحين ومتكلمين حسب الطلب ضد هذه الدولة او تلك الجهة.
 
هؤلاء الذين يقدمون الموقف الكلامي حسب الطلب وعلى مقاس ما يريده من يدفع وهم موقع أزعاج!
 
والقوة العسكرية الامريكية الموجودة في قواعد القطرية الضامنة لعدم أسقاط الحكم الجديد نستطيع ضمنا أن نعتبره تأسيس للموقع العسكري.
 
اذن باختصار تم تأسيس مواقع سياسية اقتصادية ثقافية شرعية سياسية عسكرية من أجل هذا
 
 “الدور الأكبر من واقع الدولة”
 
تأسيس هذه المواقع ترتب عليها التزامات لدولة قطر تجاه حلفائها الجدد الذين عوضوها عن فقدانها للمشروعيات التاريخية الاجتماعية القانونية، ومن هذه الالتزامات دعم جماعة الاخوان المسلمين الدولية التي لعدة عوامل “سقطت” في فخ، او “أسقطت” هي نفسها بخط الإسلام “الأمريكي” الذي كان يريد التحرك بالمنطقة من جديد بعد ان نجح بالعراق الجريح من تدمير العراق الدولة والمجتمع والجيش.
 
لسبب ما لا افهمه تلعب جمهورية مصر العربية في الوطن العربي دور المحرك للمنطقة لماذا ذلك لا اعرف؟  ولكنها حسب الواقع هي المحرك لما يتم التعارف عليه” بالدومينو”!
 
 حيث القطعة الاولي تسقط باقي القطع قطعة وراء أخري، والمقصود هنا ان سقوط مصر تحت أي حكم” قومي اخواني ماركسي. الخ” فأن ذلك يطلق حركة للدومينو تصبغ كل دولة تسقط بعد مصر بصبغة مصر!؟ فأن كانت مصر قومية فمن بعدها قومي وان كانت ماركسية فأن من بعدها ماركسي وهلم جرا، كما حصل بعد انقلاب 32 يوليو ومجيء الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وتبنيه لمشروع القومية العربية كطريق للنهضة.
 
ولعل ان سقوط الجمهورية العربية بمصر تحت حكم الاخوان المسلمين أطلق هوس الدومينو عند الجماعة الغريبة الاطوار!
 
 ومع ان كاتب هذه السطور بصراحة لا يفهم لماذا ذلك؟ و أيضا لست مقتنعا “بحركة الدومينو” تلك و لا أتفاعل معها و لكن واضح ان بعد الترتيبات الاخوانية المعروفة مع الامريكان و قبول الغرب بالإخوان المسلمين كبديل عن الأنظمة التي اخذت تتساقط بثورات الشباب العربي , وضح من هذا كله ان تنظيم الاخوان المسلمين أخذ بالتأمر علي منظومة دول الخليج العربي ساعيا لأحداث “حركة الدومينو” لأسقاط مجمل الأنظمة الحاكمة و هذا ما تم أثباته كحركة علي أرض الواقع بما تم الكشف عنه في دولة الامارات العربية المتحدة من شبكات انقلابية لتنظيمات الاخوان المسلمين , ناهيك عن تمرد أخر جري و حدث في شمال الخليج في المملكة الأردنية الهاشمية بتمرد الاخوان المسلمين هناك.
 
وفي دولة الكويت دخل الاخوان المسلمين بيافطات لحركات سياسية وهمية علي خط صراعات أجنحة النظام بما يتم التعارف عليه شعبيا بصراع “الشيوخ ضد الشيوخ” من باب الحصول على خط رجعة إذا فشل تدخلهم بهكذا صراع عند أي أحد من أطراف النظام وهو تقليد لحركات المرحوم ياسر عرفات عند تأسيس منظمة الأيلول الأسود لخطف الطائرات فهي تابعة له ولكن بيافطة أخري تبرؤه من تبعات الاختطاف وما حدث بالكويت من الاخوان المسلمين نفس السيناريو ويضاف كذلك انه يتحركون حسب مخطط قديم ناقشناه سابقا وبالوثائق بمقال مطول تحت عنوان
“عندما تعود معركة الجهراء من داخل القصر الأحمر”.
 
ما قامت به دولة قطر انها التزمت بدعمها للأخوان المسلمين وبموقع نفوذها السياسي مع الاخوان المسلمين ضد التأمر على دول الخليج الأخرى الحاصل عليها ومن هذا الامر حصل المشكل وتفاقم وخرجت الضغوطات لأعاده دولة قطر الي التناغم مع باقي دول الخليج العربي، وفك الكماشة الاخوانية ضد دول الخليج من جهتين تركيا ومن مصر وتونس.
 
أذن ما فجر المشكلة باختصار هي محاولة تغيير سياسي بالخليج العربي بعد تغيير الأنظمة في مصر وتونس الي أنظمة إخوانية تتحرك بخط الإسلام “الأمريكي” و استمرار هذا الدعم برغم سقوط حكم الاخوان المسلمين بمصر بعد الانقلاب العسكري لوزير الدفاع المدعوم من تحركات شعبية غاضبة مضادة  لجماعة الاخوان المسلمين، وما حدث من بيان سحب السفراء هو رسالة قوية لحماية أمن واستقرار بلدان دول الخليج العربي وهو ضغط برأيي “مشروع” فمن حق الدول حماية نفسها من تأمر من هنا و مخططات من هناك , فعليه الضغط الحاصل علي دولة قطر هو ضغط للوصول الي سياسة خارجية واحدة تتكامل ولا تتضارب مع بعض.
 
أن هناك مشكلة كبيرة في ذلك الامر وهو ببساطة أن مشكلة دولة قطر انها لا تستطيع تغيير المسار الذي تتحرك فيه ليس لأنها “لا تريد” بل لأنها “لا تستطيع” لأن بذلك فقدان لموقع قوة سياسي لها واهتزاز يؤثر على مشكلتها الداخلية المتعلقة بفقدانها لمشروعيات مطلوبة ولكنها مفقودة تحدثنا عنها بالأعلى.
 
أذن ما الحل للخروج من الازمة؟
 
أتصور ان الاخوة في دولة قطر يحتاجون الي صناعة مشروعية تضمن لهم استقرار داخلي يغنيهم عن الحاجة الي مساعدة الخارج لضمان استمرار الدولة الحالية التي تعيش ازمة مشروعية متعددة الرؤوس والابعاد منذ التسعينات.
 
بوجهة نظري هناك حاجة الي مصالحة داخلية قطرية من ناحية ومن ناحية اخري يجب اعداد دستور شعبي توافقي ديمقراطي تكون السلطة الحالية مؤمنة قانونيا من ناحية ومن ناحية اخري يتم التوصل الي مشروعية قانونية ثابتة تتحقق معها توافق لمشروعيات التاريخ والمجتمع وعادات انتقال السلطة في الاسرة الحاكمة بعيدا عن حالة الاضطراب الداخلي المتواصلة منذ التسعينات.

[email protected]

أحدث المقالات