23 نوفمبر، 2024 12:25 ص
Search
Close this search box.

الخلافة وأستمداد السلطة بين الله والرسول والأمة

الخلافة وأستمداد السلطة بين الله والرسول والأمة

مع أستطراد الى الشيخ علي عبد الرازق و كتابه ” الأسلام وأصول الحكم “
المقدمة :
      في هذا المقام ، سأعرض جدلا لموضوعة خليفة المسلمين ، وأتساءل .. هل يوجد هكذا مفهوم حسب النص القرأني ، أو مذكور وفق الأحاديث القرأنية ، ومن أين يستمد الخليفة قوة هذا السلطان ، أمن الله أو من الرسول أو من الأمة / الشعب  ، مع عرض الأمر حسب معتقدي أهل السنة والجماعة والشيعة الأثني عشرة  ، مع  عرض لحادثة وصية الرسول قبل موته … مسترشدا في بعض الفقرات في هذه القراءة ، بأستنارة الشيخ علي عبدالرازق (*1) / الذي أستهانت بفكره مؤسسة الأزهر من خلال كتابه ” الأسلام وأصول الحكم ” (*2) ، ولكن هذا لا يعني موافقتي على كل ما أشار أليه من مفاهيم بالكامل ، لذا سأعرض قراءتي الخاصة للموضوع وعلى شكل أضاءات .
القراءة :                                                                                                                                      
1 .  في أستعراض قوله تعالى : ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ 30 ﴾ سورة البقرة . ذكر العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد في كتابه ” معجم المناهي اللفظية ” أن أهل العلم في هذا على ثلاثة أقوال : الأول : الجواز ، واحتجوا بحديث الكميل عن علي : أولئك خلفاء الله في أرضه . وبقوله تعالى ” إني جاعل في الأرض خليفة ” وبالحديث ” ان الله ممكن لكم في الأرض ومستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون . الثاني : منع هذا الإطلاق ، لان الخليفة انما يكون عمن يغيب ويخلفه غيره ، والله تعالى شاهد غير غائب  .واحتجوا بقول أبي بكر لما قيل له : يا خليفة الله ، فقال : لست بخليفة لله ، ولكني خليفة رسول الله . الثالث : وهو ما قرر ابن القيم فقال ” ان أريد بالإضافة إلى الله : انه خليفة عنه ، فالصواب قول الطائفة المانعة فيها  .وان أريد بالإضافة : ان الله استخلفه عن غيره ممن كان قبله ، فهذا لا يمتنع فيه الإضافة ، وحقيقتها : خليفة الله الذي جعله الله خلفا عن غيره ، وبهذا يخرج الجواب عن قول أمير المؤمنين : أولئك خلفاء الله في أرضه ..”/ نقل بتصرف من موقع ملتقى أهل الحديث .  

*  هذا نصا قرأنيا ، ولكن كما لاحظنا ليس نصا صريحا ، لذا أختلف المفسرون في دلالته ، وأذا تركنا التفاسير السابقة جانبا وغيرها العشرات ، هل من الممكن أن يكون بشرا خليفة للخالق العادل ! ، وأكثر الحكام غير عادلين ! يصيبون ويخطئون ، وهل من المنطق من الله أن يورث أحدا على سلطانه وملكه ، ولو كان كذلك ، لكان الخلفاء طغوا أكثر مما هم طاغين ولكانوا أكثر تنكيلا بشعوبهم !
2 . وحتى الفكر الاسلامي يختلف على مبدأ خليفة الله / لو كان الأمر كذلك ، ، كمعتقد ومذهب ، فأهل السنة يقولون (( .. وعن ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ، ثم لا يصير إلى واحد منهم ، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق ، فيقتلونكم قتلاً لم يقتله قوم ثم ذكر شيئاً لم أحفظه فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على الثلج ، فإنه خليفة الله المهدي” رواه ابن ماجه والحاكم وقال : على شرط الشيخين ووافقه الذهبي ،

وقال ابن كثير: هذا إسناد قوي صحيح. . )) نقل بتصرف من موقع أهل السنة .  أما الشيعة الأمامية ، فأن أيمانهم بالمهدي المنتظر ذو معتقد أو نهج أخر .. ((  .. الإعتقاد بإمامة الأئمة الإثني عشر من أهل البيت من أصول مذهبنا ، بل هو محوره الذي سُمِّي لأجله المذهب الإمامي ، و مذهب التشيع ، و مذهب أهل البيت ، و سُمينا لأجله الإمامية ، و الشيعة ، شيعة أهل البيت . و أول الأئمة الأوصياء المعصومين عندنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، و خاتمهم الإمام المهدي المنتظر محمد بن الحسن العسكري ، الذي وُلد في سنة 255 هجرية في سامراء ، ثم مدَّ الله في عمره و غيَّبه إلى أن يُنجز به وعده و يظهره ، و يظهر به دينه على الدين كله ، و يملأ به الأرض قسطاً و عدلاً كما ملئت ظلماً وجوْراً . فالاعتقاد بأن المهدي الموعود هو الإمام الثاني عشر ، و أنه حيٌّ غائب جزء من مذهبنا ، و بدونه لا يكون المسلم شيعياً اثني عشرياً ، بل مسلماً سنياً ، أو شيعياً زيدياً ، أو إسماعيلياً  .فالإمام المهدي أرواحنا فداه هو بقية الله في أرضه من أهل بيت النبوة ، و خاتم الأوصياء و الأئمة ، و أمين الله على قرآنه و وحيه ، و مشكاة نوره في أرضه ، ففي شخصيته تتجسد كل قيم الإسلام و مُثُله ، و شبَه النبوة و امتداد نورها .. )) / نقل بتصرف من مقال للشيخ علي الكوراني العاملي  – من موقع  مركز الأشعاع  الأسلامي .                                                                                                            
  *  وهنا نتساءل .. كيف يكون المهدي خليفة لله والله دائم سرمدي أزلي خالد ، والمهدي يغيب ويظهر ، هذا أولا ، وما هو الوضع في الغيبة الكبرى للمهدي المنتظر حسب المفهوم والمعتقد الشيعة الأثنى عشرية ، أين كان يقطن المهدي وفي أي أرض أو سماء يكون سلطانه هذا ثانيا . وكيف يكون السلطان عامة بوجود الله و وجود المهدي المنتظر في أن واحد وظهوره بعد غيبته الكبرى هذا ثالثا .                                                        
3 . هل من المنطق أن يخلف النبي / وهو النبي المعصوم ، أحدا من  صحابته ، لذا أرى أن كل الذين جاءوا بعد الرسول هم حكام وملوك وأمراء لهم سلطة الدنيا ، حتى وأن دعوا خلفاء للرسول فهذا مجازا ، لأنهم غير معصومين ، ولا يوحى لهم كالرسول  في كل قضية أو أمر ، أما رجال الدين /  وعاظ السلاطين ، فهم يريدون السيطرة و الرياسة للحكام في أن واحد ، لمأرب شخصية و نفعية ! لأجله عمدوا أن يكللوا السلطة الدنيوية بسلطة دينية حتى يكون الحاكم أو الخليفة أو الملك ذو سلطة مطلقة تامة ، خاصة أن العامة من الأمة يؤمنون بأطاعة الخليفة أطاعة تامة أذا ربطت سلطته الدنيوية بسلطة دينية ! وهذا ما دأب أليه رجال الدين على مر الحقب الخلافة الأسلامية ، وساندهم في هذا رجال الدين ، وأوكد مقولة أن النبوة أنتهت بموت الرسول وما تيقى من الأسلام هو الحكم والسلطة ، وكل الخلفاء هم حكام وليسوا خلفاء للرسول .
4 . من جانب أخر  أن الخلافة أمر عليه أختلاف منذ أكثر من 1400 سنة / أي منذ وفاة الرسول وقضية سقيفة بني ساعدة لا زالت ماثلة للعيان  ، وجمهور الشيعة يعتقدون من أنها لعلي وفق قوله تعالى ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ) /  المائدة:55 فقد ذهب المفسّرون والعلماء من الفريقين إلى : أنّها نزلت في حقّ عليّ حينما تصدّق بخاتمه في أثناء الصلاة . وإليك بعض مصادرها عند الفريقين: عند الشيعة : 1- الكافي ، للكليني ج1 كتاب الحجّة ص187، 189، 288، 289، 427.

2- الأمالي، للصدوق ص186 المجلس (26) حديث (193 ) .. وعند أهل السُنّة والجماعة : 1- أنساب الأشراف ، للبلاذري ج2 ص150 حديث (151) 2- تفسير الطبري ج6 ص389 تفسير قوله تعالى(  إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُه.. ) . ودلالة الآية الكريمة على ولاية عليّ بن أبي طالب واضحة بعد أن قرنها الله  بولايته وولاية الرسول ، ومعلوم أنّ ولايتهما عامّة ، فالرسول أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فكذلك ولاية عليّ بحكم المقارنة.  ومن السُنّة الشريفة : ألف – حديث المنزلة ، وهو: قول الرسول لعليّ  ( أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ).. / نقل بتصرف من موقع مركز الأبحاث العقائدية .
* شخصيا أرى ، أن النص القرآني وحتى الأحاديث النبوية ، لم تهدينا صراحة الى خليفة محدد الأسم موصوف المكانة ، ولو كان كذلك لما كان هناك لا شيعة ولا سنة ، ولكان يقال جمهور الأسلام أو المسلمين بدلا من هذه التسميات ، ولكن الأختلاف و الخلاف والتغاير والتحزب عرف به دوما العرب ، لذا بعد وفاة الرسول أتجهت الأنظار و الجهود وتركزت كل االهمم الى أقتناص مركز الحكم والسلطة والخلافة / سمها ما شئت ، بعيدا عن ما أنزل من أيات أو ما قيل من أحاديث  أو ما  أوصى به الرسول  أو .. / أن كان هناك مقولة محددة معينة في هذا الصدد ! . 
5 . أني أرى / منطقيا وعمليا ، بالنسبة لأستمداد السلطة  أنه ليس هناك من توكيل أو تخويل أو نقل صلاحيات أو ممارسة سلطات لأي خليفة أو قائد أو ملك  من الله أو الرسول الى أي حاكم  ،  ولو كان الأمر كذلك أين ما يثبت ذلك وأين هذا التوكيل !، ” قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ” ( 111 )  سورة البقرة  ، لذا أرى أن أي سلطة للحاكم أنما يستمدها من الشعب ، فليس لله ولا للرسول من شأن في ذلك ! .                                                                                                                                        
 خاتمة :                                                                                                                                      
  أني أرى أن موضوعة من أين يستمد سلطان الخلافة مرتبط  بشكل أو بأخر بموضوع توصية الرسول بالخليفة القادم بعد موته ، … وبعيدا عن كل ما سبق وعن كل الأجتهادات التي جاء بها المفسرون بناءا الى ما أنزل من أيات أو ما قيل من أحاديث أو ما سمع من روايات ، وعن كل ما أفاد به الراحل الشيخ علي عبد الرزاق في كتابه وغيره الكثير ، أعتقد أن الصحابة هم أولا لم يقبلوا أن يسمعوا ما كان يريد قوله الرسول قبيل موته ، لأن الرسول من المنطقي كا سيوصي بحديث حول من هو الخليفة القادم ، وبغض النظر من أين يستمد الخليفة سلطانه / أن كان هناك خليفة بالمعنى التام والمطلق ، وبغض النظر أن قوة السلطان أن كانت من الله أو الرسول أو الأمة ، أرى أن الرسول كان الحل بيده ولكن لم يمنح الفرصة .. فوفقا لموقع شبكة الدفاع عن أهل السنة  (  112315 لما حضر النبي صلى الله عليه وسلم قال ، وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ، قال : هلم أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده  . قال عمر : إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع ، وعندكم القرآن . فحسبنا كتاب الله . واختلف أهل البيت ، اختصموا باس المحدث : البخاري – المصدر: الجامع الصحيح – الصفحة أو الرقم: 7366 خلاصة الدرجة : صحيح ) ، أن الصحابة أرادوا الدنيا و الحكم والسلطة والقوة عندما رأوا الرسول قد غلبه الألم و الوجع ، بعيدا عن الأخرة وعن أي  أمر أخر ! ولم يكترثوا بقوله ! وبعيدا من أين تأتي مصدر هذه السلطة  ، أن الصحابة عقلهم على السلطة  و قلبهم  على الحكم بغض النظر عن أي نص قرأني أو حديث أو أي توصية أو أي أمر أخر ، فالسلطة هي الوسيلة و الغاية ! .
( *1 ) علي عبد الرازق ،1305 هـ / 1888 – 1386 هـ / 1966 .  ولد في مصر / قرية أبو جرج بمحافظة المنيا . ذهب إلى الأزهر حيث حصل على درجة العالمية . ثم إلى جامعة أوكسفورد البريطانية . وعقب عودته عُين قاضيا شرعيا ، أصدر عام 1925 كتاب الإسلام وأصول الحكم الذي يرى البعض أنه يدعو إلى فصل الدين عن السياسة ، بينما يرى البعض الآخر أنه أثبت بالشرع وصحيح الدين عدم وجود دليل على شكل معيّن للدولة في الإسلام ، بل ترك الله الحرية في كتابه للمسلمين في إقامة هيكل الدولة ، والكتاب أثار ضجة بسبب آرائه في موقف الإسلام من “الخلافة” حيث نُشَر الكتاب في نفس فترة سقوط الخلافة العثمانية وبداية الدولة الاتاتوركية ، بينما كان يتصارع ملوك العرب على لقب “الخليفة” ؛ رد عليه عدد من العلماء من أهمهم الشيخ محمد الخضر حسين شيخ الأزهر بكتاب “نقد كتاب الإسلام وأصول الحكم” ثم سحب منه الأزهر شهادة العالمية ، وهو ما اعتبره الكثير من المفكرين رداً سياسيا من الملك فؤاد الأول -ملك مصر وقتئذ- ، وشن حملة على رأيه  .ويُعد كتاب الإسلام وأصول الحكم استكمالا لمسيرة تحرير فكري بدأها الإمام محمد عبده وقاسم أمين والشيخ عبد الرحمن الكواكبي وعبد الوهاب المسيري . / نقل بتصرف من الويكيبيديا .  

(*2 )  يهدف الكتاب الى إثبات أنّ الإسلام دين روحي لا دخل له بالسياسة ، أو بالأحرى لا تشريع له في مجال السياسة ، فالسياسة أمرٌ دنيوي يعود للناس اختيار وسائله ومبادئه . وهو يرى أنّ نظام الخلافة الذي نُسِب للإسلام ليس من الإسلام في شيء ، إنّما هو من وضع المسلمين . صدر الكتاب في فترة انهيارالخلافة العثمانيّة ، وكان يجري العمل على إعادتها ، ومن الدول المرشّحة لتولّي الخلافة مصر . وفي عام 1925م دعا الأزهر مجموعة من رجال الدين إلى عقد مؤتمر لبحث الخلافة . انتهى المؤتمر بقرارات تفيد أن منصب الخلافة ضروري للمسلمين كرمز لوحدتهم واجتماعهم . ولكي يكون هذا المنصب فعالاً ، لابد أن يجمع الخليفة بين السلطة الدينية والسلطة المدنية . وكان هناك اتجاه لتنصيب الملك فؤاد الأوّل ( ملك مصر

) خليفة للمسلمين . والكتاب ”ّ يعرف الخلافة اصطلاحاٌ في لسان المسلمين وهي “ رياسة عامّة في أمور الدين والدنيا نيابة عن النبيّ ” . ثمّ يفصّل  الخلافة ، هل هي خلافة الله أم خلافة رسوله فيقول : “ وأمّا تسميته خليفة فلكونه يخلف النبيّ في امّته فيقال خليفة بإطلاق ، وخليفة رسول الله ، واختُلف في تسميته خليفة الله ، فأجازه بعضهم ومنع الجمهور منه ، وقد نهى أبو بكرٍ عن ذلك لمّا دُعي به . ” ويشير إلى أنّ محلّ الخليفة بين المسلمين كمحلّ رسول الله ، له الولاية الخاصّة والعامّة ، وتجب طاعته  “ظاهراً وباطناً” .  يستعرض الكتاب مذهبين لدى المسلمين في استمداد الخليفة لسلطانه : الأوّل ،” يعتبر أنّ الخليفة يستمدّ سلطانه من الله . والثاني “ نزع إليه بعض العلماء وتحدّثوا به ” يعتبر أنّ الأمّة هي مصدر سلطان الخليفة ، وهي التي تختاره../ ملخص الكتاب  نقل بتصرف  من موقع فكر بلا قيود للكاتب محمد قطيش  .

أحدث المقالات

أحدث المقالات