أستهلال : لا زال التأريخ الأسلامي بضاعته فاسدة ! ، ليس من حدث أو واقعة – يمكن التحقق من حدوثها أو لا ، وليس من عهد أو حكم أو ملك أو قائد .. ، يمكن التأكد من صلاح أو فساد عهده ، أو هل هذا الحاكم أو ذاك ، كان عادلا أم ظالما ، بل بعض الأحداث أو الرجال أو الشخصيات مجرد وهم – من أختراع كتبة التأريخ بذاتهم ! ، فتأريخنا الأسلامي مملوء بالتضليل والكذب والتدليس والتهويل والغلو ! . والخلافة الراشدة أحد هذه العهود المأزومة بصحة المروي عنها .
الموضوع : لم تكن الخلافة الراشدة راشدة ! ، وسأسرد بعض المحطات – مع هوامش ، ومن ثم سأعرض قراءتي الخاصة لها : 1 . فهذا الخليفة الأول بعد رسول الأسلام ، أبو بكر الصديق / 50 قبل الهجرة – 13 هج ، خلافته سنة 11 هج ، ودامت أقل من ثلاث سنين ، يعفو عن أعمال خالد بن الوليد ( إقدام خالد على قتل مالك بن نويرة ، أدى إلى غضب بعض الصحابة ، ومنهم عمر بن الخطاب الذى طلب من أبى بكر الصديق عزله ، وقال له « إن فى سيفه لرهقًا » ، لكن الصديق أبى وتمسك به قائدًا لجيوشه . ويذكر « ابن كثير » أنه لما عاد خالد إلى المدينة ودخل المسجد قام إليه عمر فانتزع الأسهم من عمامة خالد فحطمها ، وقال : أرياء ؟!.. قتلت امرأً مسلمًا ثم نزوت على امرأته ، والله لأرجمنك بالجنادل .. حتى دخل خالد على أبى بكر ، فاعتذر إليه فعذره وتجاوز عنه / نقل بأختصار من موقع الدستور ) ، وفي حروب الردة لأبي بكر الكثير من الفظائع الشنيعة ، التي لا تتوافق مع كونه أحد المبشرين بالجنة ، منها ( وكان أبو بكر / وكما أمر قادة الجيوش ، ورغم ظاهره السمح والمعتدل ، حازماً جداً في قمع المتمردين ومعاقبتهم ، فبعض الروايات تتحدث عن تعامله مع الفجاءة السلمي – إياس بن عبد ياليل ، وتقول : ذهب إياس إلى أبي بكر ، وأخذ منه سلاحاً وعتاداً ليقاتل أهل الردة ، إلاّ أنه أغار على المسلمين بتلك العدة ، فأمر أبو بكر بعد إلحاقه الهزيمة به وإلقاء القبض عليه أن تضرم نار على حطب كثير في مصلى المدينة ، ثم رمى به فيها مقموطاً / نقل من موقع ويكي شيعة ) ، أما كان لأبي بكر أن يكتفي بقتله ! ، لهذا قامت داعش بحرق الطيار الأردني منذر الكساسبة / بعد 1400 سنة من واقعة الفجاءة ، أقتداءا بخليفة رسول الله !! .
2 . عمر بن الخطاب / 40 قبل الهجرة – 23 هج ، تولى الخلافة سنة 13 هجرية ، وقد شهد عصر عمر إيثارا للقرشيين بالمناصب السّياسيّة مقابل إقصاء الأنصار رغم مؤهلاتهم الدّينية و السّياسيّة المشهود لها ، وهو شبه إنكار للدّور الأساسي الذي لعبوه في دعم الدّين الجديد .. وكان عمر يأخذ جزية حتى من تجارة الخمور والخنازير ، فقد جاء في كتاب الخراج ل أبو يوسف / الموسوعة الشاملة ( ويؤخذ من اليهود والنصارى والصابئين والمجوس بالقيمة ولا يؤخذ منهم في الجزية ميتة ولا خنزير ولا خمر فقد كان عمر ينهى عن أخذ ذلك منهم في جزيتهم وقال : ولوها أربابها فليبيعوها وخذوا منهم أثمانها هذا إذا كان هذا أرفق بأهل الجزية ) ، المهم عند عمر جمع المال حتى وأن كان مصدره حراما ! ، محرما وفق النص القرآني ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ .. / سورة المائدة: آية 3 ) و ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان / سورة المائدة 90 – 91 ) ، ما كان أصله حرام فكيف يؤخذ منه جزية ! ، ومن أفعاله التي تخالف العقيدة ، انه قد أوقف سهم المؤلفة قلوبهم ، الواردة بها نص قرآني صريح ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيم 60 / سورة التوبة ) ، وأوقف أيضا عقوبة قطع يد السارق في عام الرمادة / سنة 18 هج – عام مجاعة ، حيث خالف النص القرآني ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ / 38 سورة المائدة ) .
3 . عثمان بن عفان / 47 قبل الهجرة – 35 هج ، تولى الخلافة 23 هجرية ، تميز حكمه بتفضيل أهله وقومه من الأمويين على باقي القبائل ، وقد جاء في موقع ar-ar.facebook.com ( بدأ يظهر النقد لعثمان في وسط الصحابة إزاء تجاوزاته التي أصبحت كثيرة في نظرهم . و من أخطاءه الجسيمة التي ارتكبها عثمان من وجهة نظر الصّحابة تعيين شقيقه من أمه ، الوليد بن عقبة ، عاملاً في الكوفة ، بدلاً من سعد بن أبي وقاص ، وتعيين عبدالله بن عامر ، عاملاً على البصرة ، بدلاً من الصحابي المشهور أبو موسى الأشعري . كما أفرط الخليفة عثمان في محاباته لعائلته وتسهيلاته للأمويين . ) ، أما مقتله فكان دليلا على أن القبائل لا تدين ألا بالقوة والسلطة والسياسة ، حتى للذي قال عنه رسول الأسلام ” إني لأستحيي ممن تستحي منه الملائكة ” ، فقتل عثمان قتلة شنيعة – وهو من العشرة المبشرين بالجنة ، فقد جاء في موقع / المرسال ، حول مقتله التالي ( قتل سنة 35 هج ، و كان رجلا طاعنا في السن حيث كان عمره وقتها 82 سنة ، و يقال بأن عدد من شاركوا في قتل عثمان حوالي ألفين رجل ، و يقال بأن قاتل عثمان هو رجل اسمه كنانة بن بشر التجيبي ، و يقول آخرون بان قاتل عثمان هو سودان بن حمران السكوني ، وقتل وهو يقرأ القرآن و هو عند آية : “ فسيكفيكهم الله ”، و يقال أنهم طعنوه عدة طعنات و يقال انهم ذبحوه ، و كان يحمل كتاب الله في يديه ، و سقط المصحف على الأرض ، و يقال أن القاتل ركل المصحف برجله ) ، هكذا قتل ذو النورين ، و زوج بنتي محمد رسول الأسلام ، رقية وأم كلثوم .
4 . علي بن أبي طالب / 23 قبل الهجرة – 40هج ، تولى الخلافة 35 هج ، من أهم مؤشرات ولايته ، انه خاض حربين قتل بها عشرات الألاف من الصحابة وحافظي القرآن ، وهما : معركة الجمل 36 هج ، ومن موقع العتبة الحسينية المقدسة ، أنقل ملخصا حسب الرواية الشيعية ( وكان طلحة والزبير من أهم الناقمين على علي ، وكانت قضية المطالبة بدم عثمان افضل حجة و ستارا لتغطية مآربهم ، ولذلك جعلت لهم حافزا في تحفيز جيشهم باستعمال عائشة بنت ابي بكر التي تعتبر جانب التعبئة الروحية لهم وينقل انها كانت من المحرضين على الاطاحة بخلافة علي ، وتبعها الكثير من التفاصيل التي منها مطالبة الامام علي بمجانبة الحرب و حقن الدماء ولكن لم ينفع نشده لهم وانتهوا الى الحرب بينهم التي أسفرت عن قتل ستة عشر آلاف وسبعمائة وسبعون رجلاً من أصحاب الجمل وأربعة آلاف رجل من أصحاب علي ، وانكسار جيش أصحاب الجمل ) ، معركة صفين 37 هج – خدعة رفع المصاحف ، وهي معركة جرت بين علي ومعاوية بن أبي سفيان ، ووفق موقع arabic.al-shia.org كان عدد القتلى كما يلي (( قُتل من الطرفين خلال المعركة (۷۰) ألف رجلاً ، فمن أصحاب معاوية من أهل الشام 35 ألف رجلاً ، ومن أصحاب الإمام علي من أهل العراق 25 ألف شهيداً.)) . ومن أبرز التساؤلات أن معركتي الجمل وصفين تتقاطع مع حديث الرسول ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما ، فالقاتل والمقتول في النار . فقيل : يا رسول الله هذا القاتل ، فما بال المقتول ؟ قال : إنه كان حريصاً على قتل صاحبه . رواه البخاري ومسلم) .
القراءة : أولا – ليس من عهد ضم أشكاليات كعهد الخلفاء الأربعة / الخلافة الراشدة ، وأنت قس على أوله ، ففي سنة 11 هج ، بعد موت الرسول – وهومسجى لثلاث أيام في دار عائشة ، كانت هناك سقيفة بني ساعدة ، حيث أخذت الخلافة غصبا من سعد بن عبادة / من الأنصار ، ومنحت لأبي بكر الصديق ، أي بداية عهد الخلافة الراشدة لم تكن راشدة ! ، بل كانت خلافة غاصبة ، دون شورى ( وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ / 38 سورة الشورى) أخذت بعزم وقوة بن الخطاب .
ثانيا – حكمت عهد الخلافة الراشدة ، ثلاث أقطاب رئيسية ، وهي العقيدة / الأسلام ، والقبيلة / كل خليفة وعشيره ، الغنائم / توزيع الغنائم وفق رأي الحاكم ! هذه المحاور هي التي تحكمت بعهود الخلفاء الأربعة ، وزعوا الغنائم على أهوائهم .
ثالثا – سجل التأريخ الأسلامي أول رشوة في عهد عمر بن الخطاب ، وهي ( رشوة بن معيط الى ” يرفا ” حاجب عمر بن الخطاب – من حديث د . مصطفى تاج الدين ” في حلقة مختلف عليه في 5.7.2020 مع أبراهيم عيسى ” ) ، هذا ما سجله التأريخ ، والله أعلم كم الرشى التي دفعت ولم تسرد ! .
رابعا – وحتى الخلفاء لم تكن تصرفاتهم وأفعالهم راشدة ، فالآتي تصرف علي بن أبي طالب مع جارية وبوجود فاطمة زوجه ! ( يروي القمي والمجلسي عن أبي ذر أنه قال : كنت أنا وجعفر بن أبي طالب مهاجرين إلى بلاد الحبشة ، فأُهديت لجعفر جارية قيمتها أربعة آلاف درهم ، فلما قدمنا المدينة أهداها لعلي تخدمه ، فجعلها عليّ في منزل فاطمة ، فدخلت فاطمة يوماً فنظرت إلى رأس عليّ في حجر الجارية ، فقالت : يا أبا الحسن !! فعلتها ؟؟ فقال : والله يا بنت محمد ما فعلت شيئاً ، فما الذي تريدين ؟ قالت : تأذن لي في المسير إلى منزل أبي رسول الله . فقال لها : قد أذنت لك ، فتجلببت بجلبابها ، وأرادت النبي . / نقل من موقع أيلاف ) .
خامسا – عمر بن الخطاب تخدمه أماء متبرجات ، ( فقد قال البيهقي في سننه 3222 : أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْحِرَفِيُّ بِبَغْدَادَ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ جَدِّهِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : ” كُنَّ إِمَاءُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَخْدِمْنَنَا كَاشِفَاتٍ عَنْ شُعُورِهِنَّ تَضْرِبُ ثُدِيّهُنَّ ” / نقل من موقع الأسلام سؤال وجواب ) ، أذا كان الخليفة العادل الفاروق عمر بن الخطاب ، جواريه كذلك ، فأي رشد في الخلافة الراشدة ! .
خاتمة : في التأريخ الأسلامي لا يمكن الوصول الى الحقيقة ، وذلك لتحكم ثلاث عناصر بها – والحقيقة تائهة بين هذه العناصر : ” الحاكم والكاتب من جهة ، وبين حقيقة الواقعة ذاتها ” ، فبعض الحوادث لم تحدث وتسرد ! ، وبعضها حدثت ولم تسرد ! والبعض الاخر حدثت وسردت وسيف الحاكم فوق رقبة الكاتب ! أي تسرد وفق رؤية الحاكم ! ، لذا من الصعب الولوج الى كنهها ، وبالنسبة للخلفاء الأربعة / أو ما يسمى الراشدون ، هو أحد هذه المواضيع التي تنطبق عليها ما ذكرت . ومن أهم المراجع الذي أعتمد في سير الخلفاء هو كتاب ( سير أعلام النبلاء للأمام الذهبي – المتوفي سنة 748 هج / 1374 م ) ، أي تفصل سبعة قرون بين وقوع الحدث وبين كاتب الحدث ! والتساؤل : هل ما سرد حول الخلفاء كان ” حقيقة أو وهم ” .