17 نوفمبر، 2024 8:43 م
Search
Close this search box.

الخلافات بشان الدستور.. ليست بعلامات خطر..!!

الخلافات بشان الدستور.. ليست بعلامات خطر..!!

عند اشتداد الخلاف بين الحزبين الكورديين الكبيرين الاتحاد الوطني الكوردستاني من جهة والحزب الديمقراطيالكوردستاني من جهة أخرى مع حركة التغيير المعارضة (كوران) اثناء اعلان تشكيلها  ، كنا قد نبهنا الى ضرورة الاعتماد على الحوار وبلورة افكار جديدة التي تساهم في ردم الخلافات ، وتقلل من الضجيج  السياسي التي جاء بسبب معارضة الحركة لكل اجتهادات هذين الحزبين ، ورؤيتهما المتناقضة لكل ما طرحته هذه الحركة اثناء عصيانها في ساحة السراي داخل مركز مدينة السليمانية ، وأكدنا في حينها كما نؤكدها اليوم ان التجربة النهضوية في كوردستان لا يخص فردا ولا حزبا ولا جماعات ،بل هي تجربة اختبرت بسيل من الدماء الزكية الطاهرة ، وحمايتها واجب قومي ووطني بحت ، وهي خارج الجدل والنقاش و ليس من الممكن القبول بأية مساومات التي من شانها ان تؤدي الى قطع سبل ارتقاءها نحو المزيد من التقدم والازدهار ،باعتبار ان فرص الشعوب نحو استقلالها لا  تأتي الا بقدر العقلية السياسية الناضجة التي تبلور وتبتكر الافكار تصب في مصلحة حماية مكاسبها ، ولا تتلكأ في معالجة خلافاتها الا على اسس مصلحتها القومية والوطنية ،   لان المكاسب تلك لم تكن على شكل هبة ممنوحة على طبق من ذهب للكورد ، بل هو انتزاع  قومي ووطني  شاركت الجماهير العريضة  بأموالها وابناءها بتحويلهالى واقع  يعيشهالكورد مفرداته الحية بمداد من مواصفات الشخصية القومية المستقلة  ، التي لم يأتيهالا بضريبة باهظة الثمن  يعرفها أعدائه قبل اصدقائه..
واليوم عادت الخلافات تشغل حيزا كبيرا من الساحة الكوردستانية حول مسودة الدستور التي   صادق عليها البرلمان عام 2005في ظل ظروف بالغة التعقيد  ،وتمت تمريرها لأسباب تتعلق بالمصلحة القومية على امل ان يعاد عرضها على البرلمان لإجراء التعديلات اللازمة عليها بما يتناسب مع طبيعة هذه المرحلة الصعبة التي يواجه فيها الكورد  تحديات من كل صوب جراء شدة الصراع الدولي والاقليمي في المنطقة ، حيث يحاول كل طرف ان يضمن ما تمليه مصلحته السياسية في خضم الفوضى العارمة في سوريا وتركيا اضافة للاردن التي بدات بعض القوى الاسلامية جرها الى حلبة الصراع ، والتي اذا ما نجحت فان العراق لن يكون بمعزل عن اثارها  ،  واذا ما اصبح العراق طرفا فان اقليم كوردستان سيكون بلا شك تحت تأثيراته وضغوطات السياسية والاقتصادية  …
ومن هنا فان التوتر الناجم عن هذه المسالة في كوردستان هي مسالة طبيعية ، لايمكن اعتبارها من علامات الخطر اذا ما تبنت الاطراف كلها (المعارضة والحكومة)سياسة عقلانية وحوارية لتجاوز خلافاتهما بشان الدستور ، واستبعاد مبدأ الاستعلاء الفوقي في الحوار ، وضرورة الاعتماد على مبدأ الشفافية للقبول بالأفكار والآراء لقطع الطريق امام اية حالة تضر بالمصلحة القومية والوطنية ، خصوصا والانظار كلها متجهة صوب كوردستان لمعرفة ما سيتمخض عنها
تلك الخلافات بين حكومة الاقليم والقوى المعارضة الكوردستانيةالتي تطالب بإعادة مسودة الدستور بهدف اجراء تغيرات وتعديلات في عدد من بنوده وفقراته المتعلقة بفترة رئاسة  الاقليم وهي نقطة الخلاف الجوهرية بين الحكومة والمعارضة التي يحاول كل طرف ان يكسب الجولة بما يضمن قدرته على خوض الانتخابات القادمة  ، وبما يتناسب مع حجمه السياسي وحجم تاثير خطابه وسط الجماهير الكوردستانية ، التي تتطلع الى غدها المشرق ، وقد رص الكورد صفوفهم  وتجاوزوا خلافاتهم بعقلية سياسية حكيمة وضعت كل مخططات الاعداء في زاوية مشلولة غير قادرة على الحركة ، وهذا يعني ان التوافق ضرورة ملحة في ظل المتغيرات المتسارعة التي تزحف صوب كل الاتجاهات لضمان  المكاسب السياسية والمكتسبات التي وفرتها قدرة المطاولة لاجتياز الظروف السياسية المعقدة ، والتي غيرت من معالم وجود الكورد باتجاه الافضل والاحسن ، حتى غدت المكانةالكورديةعلى المستويين الدولي والاقليمي لها حجمها وتأثيراتها بكل جوانبها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ، والتي وفرتها حرية الحركة المطلقة للكورد خارج حدود الاقليم بهدف رفع غبار الشك والغموض حول قضيته العادلة …
لذلك فان كل الاطراف في كوردستان مدعوة لتوخي الحذر من ان تكون خلافاتهم سببا في اتساع رقعتها ، وان اي تنازل طرف لطرفه المقابل بشأن هذه المسالة هي علامة من علامات بوتقة المصلحة القومية والوطنية , ولا يمكن اعتبارها انتكاسة او هزيمة سياسية بقدر ما هو تتويج لسنوات النضال والكفاح المفعم بروحية الانتماء الحقيقي لكوردستان  ، وان تضع تلك الاطراف مصالح الاقليم فوق مصالحها ، وتتحمل من باب الوفاء للشهداء مسؤوليتها التاريخية باتجاه ما يعزز من تجربته  الناهضة في كل الميادين…
[email protected]

أحدث المقالات