تعتبر الدول البدائية القروية الثقافة من اكثر دول العالم فشلا وتعقيدا,تعتمد في الياتها الادارية وتشكيلاتها او تركيبتها الحكومية على افرازات القوى الاجتماعية , المتمثلة بالسلطات الاجتماعية الثانوية بعد الدولة,
كالقوى القبلية العشائرية(المنتشرة في العديد من دول اسيا وافريقيا) ,التي تعد بمثابة الرديف السياسي للحكومة,حيث تفرض اراداتها بقوة في بعض الاحيان على القوانين والتشريعات وحتى مواد الدستور(كفرضية قوة مراجع الدين في الدستور),هذه الحالة المتعارضة حتما مع الانظمة المدنية الحديثة,تلعب احيانا دورا في تحديد المسار السياسي للدولة و للاحزاب المتنافسة في الانتخابات او التوجهات السياسية لاي حكومة,
(في الغرب الحديث تستبدل ظاهرة القوى القبلية ,بظاهرة طبقات المجتمع المتعددة ,وهي تختلف جذريا عن ثقافة التراث القبلي,لانها مؤمنة بالدولة المدنية, لكنها تفكر وتقرر وتنتخب تبعا لمصالحها,ووفقا للنمط والتوجهات العامة للدولة),ولهذا نجد ان الكتل البرلمانية او السياسية الحاكمة تهادن القوى القبلية, وتحسب لها الف حساب(في الشر والخير),مع انها من المفروض ان تحجم دورها وتقلص تداخل سلطاتها مع السلطات الرسمية القانونية والدستورية(لكن كما ذكرنا في عدة مقالات سابقة ان نظام القائمة الواحدة دفع بشيوخ العشائر ليكونوا منافسين حقيقيين للنخب السياسية والاكاديمية والثقافية,وان تصبح اصواتهم اعلى او بموازاة صوت القانون والنظام(كالاعتصامات في المناطق الغربية,والتنافس القبلي بين الشيوخ,والذي وصل في عدة مرات الى لغة الدم عبر الاغتيالات والتصفيات الجسدية فيما بينهم)
ظاهرة الاختلافات السياسية في العراق,والتي تؤشر بوضوح على فشل العملية السياسية(وقد اعلن صراحة رئيس الوزراء المالكي على انه جزء من الفشل الحكومي),ظاهرة غريبة فالاختلاف شيعي شيعي,وشيعي سني,وسني سني,وحكومي كردي,وكردي كردي,وسياسي سياسي,اي ان بمعنى ان الكل غير راض عن نفسه وحزبه وكتلته البرلمانية ووزرا^ه ومدراءه العامين وضباط الدمج التابعين له الخ.
السيد علاوي غير راض عن الحكومة وهو جزء منها,
والسيد مقتدى الصدر او التيار الصدري غير راض عن الحكومة, وهو جزء فاعل في الحكومة المركزية والمحلية,
والسيد عمار الحكيم او تياره(صاحب جلسات التنوير والتنظير السياسي والثقافي) غير راض عن الحكومة ,وهو جزء منها,ووزارة الاهوار او اعادة انعاش الاهوار, ومراسي القوارب تابعة لهم,وكانت محافظات كثيرة تحت ادارتهم المحلية سابقا,
,والسيد البرزاني غير راض ايضا عن الحكومة ,وهو يعمل بميزانيتين,ميزانية المركز والاقليم,ويهدد بالاستقلا النفطي,ويلوح دائما بعلم الاستقلال,
وهكذا بقية الكتل الصغيرة والافراد,
انا من حقي كمواطن عراقي,ومن حق اي عراقي ,دستوريا وديمقراطيا, ووطنيا, واخلاقيا,
ان يسأل هذا السؤال,لماذا تختلفون,وعلى ماذا تختلفون,
هل عندكم افكار عن دستور جديد?
,هل لديكم برامج حكومية انفجارية (كما كنا نسمع عن الموازنات الانفجارية للحكومة) لانقاذ العراق?
,هل لديكم خبرات ادارية متراكمة يمكن استثمارها لخلق فرص عمل جديدة,او لتحسين الاداء الوظيفي والقضاء على الروتين الحكومي,او تمتلكون العصا الامنية السحرية للقضاء على الارهاب,
اين هي برامجك وافكاركم السياسية الناضجة,
لماذا تختلفون?
ماهو الشيء العجيب الغريب الذي تمتلكونه ولاتريدون ان يطلع عليه احد,وتتركونه الى ما بعد الاستحواذ على منصب رئاسة الحكومة,
هل هناك اسرار لانعرف بها تقف وراء تهافتكم على اتباع نهج سياسة الاختلاف والتوتر الدائم?
حقيقة امر محير,ان يختلف الجميع ولايجدون اي شيء اهلا للاتفاق والقبول,
اعلام موجه لاثارة الخصومة السياسية,تصريحات متكررة لموضوع ممل حول تقصير الحكومة,ولانعرف كيف تكونون جزء منها ولاتتحملون وزر الاخطاء والاخفاقات,
بينما هناك تجارب مجاورة وقريبة لنا,ايران هذا البلد منذ ايام الثورة الاولى , 1979-1980
قد اشتعلت فيها نيران الفتنة,واصبحت التفجيرات والاغتيالات وسيلة للاختلاف السياسي,لكنها خرجت بسرعة من المأزق والازمة,واصبحت قوة اقليمية مؤثرة في المنطقة,ورقم صعب في معادلة الاستقرار والامن الاقليمي,وهم مجتمع متعدد الاعراق والطوائف والاثنيات,لكنه استطاع ان يحجم الدور القبلي في المجتمع والحياة السياسية,ويجعل من تعدد السلطات والقوى وسيلة فوقية بعيدة عن العامة من الناس(عدا تجربة كروبي ومير حسين موسوي الفاشلة),
صحيح ان استنساخ تجارب الشعوب امر بالغ الصعوبة,ولكن محاولة استنساخ تجارب الدول الفاشلة(كلبنان ,او السودان, او الصومال), او استعادة القوى الاجتماعية البدائية والاستعانة بها في عملية بناء دولة ديمقراطية حديثة امر كارثي,ومضيعة للوقت واهدار للجهد والمال والاعمار.
ان الخلافات السياسة حالة حضارية وامر مفروغ منه في الانظمة الديمقراطية,ولكن ليس على حساب الامن الوطني والسلم الاجتماعي, ووجود كيان الدولة اصلا,او مجرد اعتبارها وسيلة للتنافس, ورغبات وشطحات شخصية للبقاء في ساحة او دائرة الهوس السلطوي,
انما يكون الاختلاف واضحا , عندما يتعزز بالوثائق والادلة والارقام,ولاتنجرف الغايات والاهداف الى صراعات وصدامات جانبية لاتخدم الشارع المضطرب,انما مايحصل في العراق من اختلاف كما يبدوا على توزيع الثروات والمناصب والمواقع والمسؤوليات,
وهذا مايخافه الشعب,من ان تكون الخلافات عبارة عن صراع ملفات سرية تتعلق بفضائح الفساد المالي والاداري لبعض السياسيين,وما اكثر تصريحات السيد المالكي عن ملفات الخصوم السياسيين,
فلايمكن القبول بنظرية حكومة الاغنياء(كل شخص يصبح عضو برلمان او مجلس وزراء يفتح شركة بأسمه او بأسم اخوانه وتبدأ بعدها عملية غسيل الاموال,وسماسرة الوزارات والمقاولات والعقود,مع ان كل دساتير العراق السابقة بما فيها القانون الاساسي في العهد الملكي , ودستور البعث المؤقت ,حدد حركة المسؤولين المالية والتجارية بعد نيلهم مثل تلك المناصب).
ان مايطمح اليه الشعب كما نعتقد ويتمناه في الانتخابات القادمة,ان يرى برامج حكومية وادارية معلنة, قابلة للتحقق وغير مرتهنة بالتوافق السياسي ولعبة المحاصصة,
خطوات وتشريعات وقوانين وبرامج استراتيجية طموحة,تنقذ العراق من الفوضى وحافة الانهيار
(ليس على غرار حملة البعثات الدراسية التي افرغت دوائر الدولة من الموظفين بحجة المنح الدراسية,مع دفعها لرواتب اضافية لهم كمصاريف البعثات اضافة لرواتبهم,تاركة الشباب الخريجين الجدد بلا تعيين, وبلا منح دراسية كافية)