13 أبريل، 2024 3:12 ص
Search
Close this search box.

الخط الكوفي.. تجدد لا حدود له

Facebook
Twitter
LinkedIn

لا يستطيع التقدم الذي نراه في مختلف المجالات أن يضاهي جمال الفنون التي ابتدعتها يد الإنسان ومخيلته المحملة بتراثه وتجربته وخلاصة بيئته، وفن رفيع بمكانة الخط العربي والخط عموماً هو فن يحمل في ثناياه حكاياتٍ لا تنتهي ولا تخطر بالبال عن نشأة كل نوعٍ من أنواعها وتفرعها إلى شكلٍ جديد وأسلوبٍ آخر مبتكر ومتقن ومختلف، من حيث رسم الحرف وأسلوب كل فنان ورؤيته للكلمات تتراقص في عينيه لتقدم لوحةً فريدة تطير بين عوالم الإبهار البصري والوجداني محققةً ذلك الإنصهار بين أكثر من فن على خشبة مسرحٍ واحدة هي تلك المساحة البيضاء التي تتحول إلى تظاهرةٍ ثقافية في أحضان التاريخ..

وبالحديث عن الخط العربي الذي يتضمن الكثير من الأشكال والأنماط نتحدث اليوم عن الخط الكوفي الجميل القادم من أرض العراق الحبيب، حيث يعد هذا النوع الأقدم في تاريخ الخط العربي والذي تمتد جذوره الأبجدية النبطية العربية إلى ٤٠٠٠ عام والتي تعد إحدى تفرعات الأبجدية الآرامية المرتبطة بحضارة الأنباط، ووجدت نقوشها في مدينة البتراء الأردنية حالياً وصولاً إلى مدائن صالح في المملكة العربية السعودية، وكما هو واضح من حيث الإسم ارتبط الخط الكوفي بمدينة الكوفة العراقية التي تأسست عام ٦٣٨ م، لكن البعض يرجح أن استخدام هذا الخط الذي نسب اسمه إليها بدأ حتى قبل إنشائها بحوالي ١٠٠ عام، وارتبط هذا النوع من الخط بفن العمارة كما ارتبط أيضاً بكتابة المصاحف والنقش على جدران المساجد والقصور وامتاز بسهولته وكونه خالياً من النقاط مع ميل في كتابة حرف الألف واللام نحو اليمين قليلاً، فهو من الخطوط التي تحتوي على مجموعةٍ من التفاصيل التي تميزه هندسياً وزخرفيًا كحدة الزوايا في حروفه، واستقامة الحروف العربية عند كتابتها به، كما يحتاج أثناء كتابته إلى الدراية والدقة، وتعززت مكانته عند اعتماده في كتابة الخطابات الرسمية والمراسلات والتدوين..

وبمرور الوقت أخذ هذا الخط بالتطور وتغير بعض هذه الخصائص لأنه في الأساس يمتاز بطابع مرن وقابل للتطور والبناء عليه وابتكار أشكالٍ جديدة من الخطوط عن طريقه ومن الممكن أن يتفرع أنواع أخرى منه، بحيث تتشابه القاعدة الأساسية وتترك المساحة مفتوحة للإبتكار، وعند كتابة الخط الكوفي أو أي نوعٍ يتفرع عنه يتطلب الأمر وجود مسطرة وقلمٍ من الرصاص إلى جانب بعض الأدوات الهندسية ثم يكتب بالقلم المباشر حتي يظهر بالصورة المتقنة التي اعتدنا عليها ولذلك يأخذ وقتاً عند كتابته وتحبيره..

وقد حصل الكثير من التضارب عند محاولة إحصاء أنواع وأنماط الخط الكوفي وكانت النتيجة تتراوح بين أقوال قسمت أنواع الخط الكوفي إلى (٣٣) نوعًا والبعض رجح أن عددها نحو (٥٠) نوعاً وهناك من يرى بأنها تزيد عن (٧٠) نوعاً ويمكننا ذكر بعضها وهم:
كوفي المصاحف البسيط، الكوفي الفاطمي، الموصلي، المورق، المخمل، المظفر، المزخرف – ذو النهايات العلوية المزخرفة، الكوفي الهندسي – المعماري، الكوفي المائل،منه الكوفي المزهّر، الكوفي المعقّد، الكوفي المنحصر، الكوفي المعشّق، الكوفي الموشّح، الكوفي المشجّر، الكوفي المحرّر، الكوفي المربّع، الكوفي المدوّر، الكوفي المتداخل، الكوفي المنشعب، الكوفي الشطرنجي، الكوفي المشرقي، الكوفي المغربي، الخط العثماني..

ولذلك يظل هذا التنوع الهائل في هذا الفن العريق إضافةً إلى المشهد الثقافي والجمالي وجزءاً من الهوية والتراث الذي ينبغي أن يكون محط اهتمام خاصةً وأننا نشهد في الكثير من دول العالم عودة إلى الثقافة القومية والمحلية في نفس الوقت الذي تمد فيه جسورها إلى دولٍ أخرى، وهو ما يؤكد أن الإنفتاح على التجارب المختلفة لا يعني بالضرورة التخلي عن الجذور لأننا سنعود إليها عاجلاً أم آجلاً كجزءٍ من سنة الطبيعة ونواميس هذا الكون الواسع الذي ينتصر دوماً للأصالة وليس للبريق..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب