منذ عام 2003تمدد بناء العشوائيات, فأصبح يغطي مساحات واسعة من العراق, دون حلول ناجعة لكبح جماحه, حيث التشويه الواضح, لمداخل بعض المدن, وهدرٍ كبير بالطاقة الكهربائية, والماء الصالج للشرب.
إن كل عمل غير منضبط, أو غير خاضع لحدود وقواعد ثابته, لا يمكن أن يظهر بصورة حسنه, فالسكن للمواطن يعتبر وطناً, ولكن عندما يكون خارجاً, عن الضوابط القانونية, فإنه لا يعدو عن كونه, تفاقم لآزمة وليست حَلاً, فلا يمكن لكل شخص السكن فيها, إما خوفاً من قانون إزالة مفاجئ, أو لإشكالٍ شرعي, حسب تقليد مرجعه الديني.
التخطيط والإدارة مصطلحين مترابطين, مفقودين في أغلبِ مفاصل, الدوائر الحكومية بالعراق, مما يجعل عملها, شبيه بالعشوائيات السكنية, فأغلب المدراء يعملون بالاجتهادات, دون تخطيط مسبق, أو باستشاراتٍ من المُقربين, الذين تم تعيينهم كمستشارين, ووفقاً لهذه الإدارة, فإن كل ما يظهر على الساحة, يكون مكللاً للفشل, فأصبح البلد كحقل تجارب, أو مختبر كبير, يفتقد إلى الآليات الصحيحة, مليء بالنتائج الخاطئة.
امتد العمل العشوائي إلى الدوائر الأمنية , ذلك المفصل المهم, من مفاصل الحكومية, سَبَبَهُ الاعتماد على آليات سيئة, من التعيين أو التنسيب, مصحوب بعدم الثقة, فأنتج حالة مرتبكة, ففي كل يوم نرى نفس الخروقات, وبمناطق محددة أو متقاربة, بالرغم من كثرة السيطرات الأمنية, والغريب بالأمر أننا لازلنا, وبعد أربعة عشر عاماً, تحت نفس الإجراءات.
التصريحات الأمنية والسياسية, تؤكد بُعَيدَ كل انفجار, أن الوضع تحت السيطرة, وإن ما حدث شيء طبيعي, يحدث في أغلب البلدان تطوراً, هكذا وبكل بساطه, يتم غسل الدماء محل الحادث, وتُرفع الأنقاض, لتنتشر قوات مشتركة, لتزيد الطين بلة بقطعها الطرق, دون أن يسأل المسؤولين أنفسهم, ماذا لو حصل اختراقٌ آخر, أثناء ذلك الزحام الخانق؟
كل عمل حتى لو كان تجريبياً, لابد أن تكون هناك خبرة, من جراء تكراره وغلق الثغرات, فهل من المعقول, أنَّ ما يقارب عَقداً ونصف, صَرَفت بها الحكومة, مبالغ تبني جيوشاً عظيمة, لا تستطيع أن تحمي العاصمة!؟
إنها العشوائية المتمددة, التي قتلت شعبي, العشوائية هدرت ثروة بلادي, هي نفسها التي شوهت صورة مُدننا, فمتى يتم التخطيط, بإدارة كفوءة, نشعر بها بالأمن والاستقرار؟ فسياسة المحاصصة لا تأتي بالأمان.