يطل علينا شهر رمضان الكريم وتطل مع إطلالته بركاته وهدايته ونوره وتمارس في هذا الشهر الكريم عدة فعاليات دينية من أهمها المحاضرات الدينية طوال ايام الشهر الكريم وكذلك تلاوة القران حيث تكون المحاضرات بمثابة توعية شاملة للفرد المسلم العراقي بشؤون دينه ووضع يده على كل ما يمس حياته وبيان الخلل والممارسات السيئة للشباب والنساء وتوجيه كم هائل من الانتقادات للظواهر الاجتماعية المنحرفة وهذا جيد بحد ذاته إلا أن الذي حصل في السنوات الأخيرة هو انه ارتقى المنبر أشخاص يتضح من خلال متابعتهم أن الكثير من الحركات والتوجهات التي يقومون بها هي بمثابة الاستعراضات الفكرية والنقدية وتكرار المكرر مرارا وتكرارا حيث تجد إن المحاضرة هي كلام مستنسخ ومعاد وهم لا يجيدون أحيانا إلا الصراخ والعويل ودغدغة مشاعر الجمهور المستمتع بنكتة طائفية أو خبر إعجازي او رؤى وأحلام الخطيب ونتيجة للخواء الفكري لبعضهم تجده يعوض عن ذلك بهذه الأساليب ليشد الجمهور في الاستماع له وبذلك لا يقدم الخطباء اليوم قراءة جديدة للفكر الديني تنطلق من معطيات الحاضر ومشاكله حيث إن تشخيص اي مرض يتطلب وضع العلاج له فتجد الخطيب في المحاضرة الواحدة يذكر لك عشرات الظواهر الاجتماعية المنحرفة والسلوكيات غير المرغوبة ولم يقدم لك علاجا واقعيا يساهم في حل ولو نصف المشكلة فمثلا يتحدث عن عزوف الشباب عن المساجد ويذكر أحاديث دينية تحمل طابع الترغيب والترهيب ولم يفكر في أصل المشكلة وسبب نشوئها حيث من هو الذي تسبب في خروج الناس أفواجا من المساجد أليس احد أسباب هجر المساجد والحسينيات هو المصالح الضيقة والفئوية للجهات الدينية التي تعتبر المسجد مكان لرعاية مصالحها وليس مكانا لعبادة الله ويُجمَع الناس في المسجد لتلقي الأوامر وليس للاستماع إلى مشاكلهم كما كان يفعل النبي وأهل البيت,,لذا نحن بحاجة إلى خطباء يحثون الناس على العمل المؤسساتي وتكوين جمعيات خيرية مهمتها علاج المشاكل بدلا من استعراض نفس المشاكل في كل سنة وفي كل رمضان دون إن نشاهد أي تغير ملحوظ يطرأ على واقع المجتمع وسلوكه لذا أصبحت المحاضرات اليوم هي منظومة تكريرية بامتياز لا يقوم أصحابها بأي دور جديد يساهم في رفع الوعي أبدا بقدر ما يقومون بتدجين الناس وربطهم بتاريخ ضبابي دون الحصول على نتيجة واقعية تمس حياتهم الاجتماعية والدينية لا من بعيد ولا من قريب حيث يلاحظ المستمع ان المحاضرات لا تأتي بجديد ولا ترمم ولا تعالج المشاكل لأنها تعتمد على استعراض الكلمات وتكرارها وهذا لا ينتج لنا حلول لان علاج أي مشكلة يتطلب في بداية الأمر دراسة أسبابها وتصنيفها والقيام بعمل ميداني وإحصائي لها ومن ثم وضع علاجا مناسبا ومرنا يتماشى مع التدرج في حل المشاكل دون اعتماد لغة التشخيص فقط ووضع كم هائل من الانتقادات لها وبطبيعة البشر يحب إن يرى نتيجة عملة واشتراكه في العمل الخيري فمثلا في اي مؤسسة في الدول المجاورة أو الغربية أو الأوربية تجد إن المؤسسة الخيرية تعمل على وضع جداول وحسب النسب للمشاكل والمساعدات التي تلقتها وطرق صرفها وعدد الذين شملهم العلاج وكل حسب تبويبه في حين إن الخطباء يحثون الناس على الخمس والزكاة وهو واجب أكيد لكن لا يعرف الناس أين تذهب أموالهم ولم يروا آثارها بعيونهم كل ما عليهم هو دفع الأموال والنتائج على الله ! وهذه الطريقة هي منفرة جدا اليوم مما حدا بأحد المراجع إن يعطي فتوة بحرية صرف الأموال من قبل الشخص فيما يراه مناسبا وبذلك يتم تحفيز الناس لدفع الأموال بأنفسهم لأنهم يرون نتائجها بأعينهم نعود لنقول إن المحاضرات إذا لم تقدم الإسلام بحلة جديدة وقراءة معاصرة فإنها سوف لن تقوم إلا بتكرار المكرر وهذا ما ثبت لكل من تابع ويتابع الخطباء في العراق حيث لم تساهم الخطابة والوعظ والإرشاد في تغيير سلوك المجتمع ولوا بنسبة ضئيلة لأنها تعتمد على أدوات وقتية واثارات عاطفية دون الاعتماد على سرد المشاكل ووضع حلول واقعية والتحرك ميدانيا لحلها .