23 ديسمبر، 2024 7:05 م

الخطاب الوطني عند مقتدى الصدر

الخطاب الوطني عند مقتدى الصدر

الخائفون لايفهمون فلسفة المواقف الوطنية الصلبة لأنهم أعتادوا على العيش بين كهوف الاذلال والخنوع وادمنوا ثقافة الصمت بوجه الباطل، والمتملقون لايجيدون الا التصفيق والتهريج والتراقص كلاعبي (السيرك) ولا هم لهم سوى رضا الحاكم، ظالماً كان أو عادلاً منحرفاً كان أو مستقيماً بل كلما كان الحاكم اقرب الى الدكتاتورية والطغيان كان النفاق السياسي على اشده وكان المسرح مكتضاً بالمتملقين والمنتفعين المجيدين لدور الحرباء الذين يعشيون في كل المواسم السياسية ويتلونون بما يتناسب ومزاج الحاكم واهواءه النفسية.
لذلك لانستغرب اليوم عندما نجد من يضحكون بملئ اشداقهم والمواطن العراقي يأن من جراح الارهاب ويعيش تحت خط الفقر ويجملوا الى الحاكم البعيد عن هموم مواطنيه الصورة الوردية المخالفة للواقع  ويوافقوه على اثارة الفتن والازمات والعزف على وتر الطائفية على انها سلاحه للبقاء في السلطة وطريقهم الاوحد للحصول على الثراء الفاحش والمنافع الشخصية المبنية على محرومية الفقراء وبؤس المساكين .
وفي ظل هذا الواقع المر والوضع المتشنج والقابل للأنفجار في اي لحظة، والذي لايدفع ثمنه الا الشعب العراقي الذي قدر له ان يكون على موعد دائم مع الصراعات ووقوداً للمعارك والحروب ومع تنامي حالة الصراع بين الاطراف السياسية وفشل الحكومة في احتواء الازمة تمكنت قوى الارهاب من العودة الى ممارسة هوايتها في قتل الابرياء بالمفخخات والاحزمة الناسفة لتطال العديد من مناطق العراق وكان اشدها تلك التي ضربت العاصمة الحبيبة بغداد وغيبت من خلالها العديد من وجوه الاحبة وغابت معها ابواق السلطة عن التصريح او التوضيح عما يجري من قتل وتدمير لأن المهم لديهم سلامة السلطان وبقاؤه على كرسي الحكم.
 وكان لابد من صوت وطني يصدح بالحق فانبرى سماحة السيد مقتدى الصدر (اعزه الله) مشخصاً بما عُرف عنه من جرأة مَواطن الخلل غير مكترث بفقدان المكاسب السياسية أو سوء فهم الجماهير المضللة من اعلام السلطة. لقد جاء بيانه غريباً على العقول التي تدور في فلك المكاسب الانتخابية والصراع السلطوي منطلقاً من الثوابت الشرعية والمبادئ الوطنية فكان عصياً على الفهم ماخلا العقول الراجحة واصحاب النفوس الكبيرة فما كان من ابواق السلطة وذيول السلطان الا ان عادوا الى ما لايحسنون غيره من تشويه للحقائق وألصاق التهم بالتيار الصدري وقيادته الوطنية ناسين او متناسين ان هذا التيار الوطني المجاهد لايمكن ان يتواطأ معهم في تدمير العراق والعودة به الى آتون الحرب الطائفية وان السيد مقتدى الصدر (اعزه الله) لا يرى العراق الا مزيجاً متجانساً من أطياف وأعراق وأديان متعددة ، لا يقوم الا بها ولا يبنى بتخلف احد منها، فان كانت احزاب السلطة تستغل الظروف للكسب الانتخابي وتجند كل الامكانيات الحكومية من أجل الحصول على مقعد في هذه المحافظة او تلك، فان مقتدى الصدر يبحث عن مقعد حق يجلس عليه العُقلاء ليحقنوا دماء الابرياء ويستثمر الفرص لإعادة اللحمة الوطنية وانقاذ العراق من شبح التقسيم والحرب الطائفية.