لا اقصد هنا في مفردة ( الطليان ) الأيطاليون فهم شعب متحضر بكل المعاني ولهم قيادات أسهمت في تطورهم وتحضرهم . قيادات لاتقبل الأخطاء والتجاوز على القانون وأِن كان المتجاوز رئيس الوزراء فهو لن يفلت من العقاب وكان برلسكوني مثالاً على ذلك حين تهرب من دفع الضرائب فأحيل الى القضاء الذي حكم عليه بالسجن لمدة 4 سنوات فصوت البرلمان الأيطالي بناءاً على العقوبة بأعفاءه من منصبه كرئيس لوزراء أيطاليا . والحادثة تلك ليست ببعيده حين شاهدناه يمسك بمكنسة ينظف فيها الشوارع كجزء من العقوبة . لذا فأنا لاقصد الطليان بالمفهوم الدولي انما اقصد باللهجة الجلفية او الدارجة والتي تعني جمع ( طلي ) او خروف .
أكاد اجزم ان أكثر الحاضرين الذين كانوا يستمعون لخطاب المالكي الأخير الطائفي هم غير راضين عنه بل انهم في قرارة انفسهم قد سخروا من كل كلمة قالها رغم ان القلة القليلة مراست دورها في التطبيل له وهذه القلة لاتحمل من العقل والوطنية شيء لذا فانا اقصدها في عنوان مقالي هذا .
هذه الثلة التي صورت للمالكي على انه زعيم هي ذاتها التي شهدت على سنوات حكمه المليئة بالكوارث والمآسي لكنها مستفيدة من سحت ماتم نهبه من الموازنات الأنفجارية التي انفجرت لديهم ليتحولوا بين ليلة وضحاها من مرتادي مقاهي لايملكون سوى ثمن الشاي الى أصحاب مليارات وأملاك وعقارات داخل وخارج العراق وشعروا انهم ملوك فكيف لايبايعون مليكهم ؟ هذا هو ديدنهم منطلقين من شعار ( الثراء مقابل نشر الفوضى والبلاء ) .
بعض النقاط التي اشار اليها المالكي في خطابه الموتور تحتاج الى نقاش رغم اننا تحدثنا في مناسبات عديدة عنها .
قال مامعناه ان البرلمان السابق كان قد وقف بالضد من توجهات الحكومة وان اي قانون لم يصدر فيه خدمة للناس واشار الى عدم التصديق على الموازنة للعام 2014 والسؤال هنا هل التزم المالكي ولم ينفق شيء ام انه انفق الموازنة بكاملها حتى بدون قانون ؟ الدعى ان عدم اقرار تلك الموازنة اثارة حالة من الخلل في العمل الحكومي ! وهنا نتسائل ببرائه . ماهو القانون الذي قدمته كتلة دولة القانون وفيه خدمة لجميع فئات الشعب ؟ هل يقصد المالكي قانون البنى التحتية مثلاً ؟ ان كان يقصده فهو قانون لنهب ماتبقى من اموال الشعب لسبب بسيط لأن الذي لم يقدم للبلد عندما يمنح اكثر من 100 مليار دولار في السنة لايمكن له ان يقدم شيء من خلال قانون رصد له حوالي 37 مليار دولار وهو قانون يعتمد الدفع بالآجل بينما اسعار النفط كانت تفوق ال 120 دولار . لذا فان القانون كان سياسياً بأمتياز يهدف الى تضليل الناس على ان البرلمان لايريد بناء البلد ومع كل اسف قد تم تسويق هذه الحجة على الكثير من الناس دون ان يسألوا انفسهم ما الذي كدمته حكومتي المالكي خلال ثمان سنوات ونفقات تساوي اكثر من 1000 مليار دولار كانت كافية لبناء ثلاث دول بحجم العراق ؟
أما موضوع وقوف البرلمان ضد الحكومة انما هي فرية جديدة رغم ان الحكومة والبرلمان كانا ضد ارادة الشعب لأنشغالهما بالمصالح والحصص والنهب والسلب بينما العشوائيات تزداد انتشاراً والفقر تزداد معدلاته لتفوق نسب المعدلات المعتادة في الدول النامية وحتى المتخلفة . وبنفس السياق كان الجميع يعلم ان الحكومة هي التي شَلَّت البرلمان وافرغته من معناه فالهيئات المستقلة تم ربطها بمكتب رئيس الوزراء وهو مخالفة دستورية واضحة . وقد انقضت الولاية الثانية للمالكي دوز توزير للداخلية ولا الدفاع وهنا تنكشف عمك الخلاف داخل حتى التحالف الوطني الذي لم يتمكن من ترشيح وزيراً للداخلية طوال السنوات الأربعة أذا ماتركنا جانباً موضوع اختيار وزيراً للدفاع على اعتبار ان السيد المالكي ومن فرط ماسلكته حكومته من كوارث فهو لايثق بأي وزير خوفاً من انقلاب عليه متناسياً ان الدستور العراقي الذي كتب على عجل لايسمح بالأنقلابات مهما كانت الأوضاع . لهذا فان سياسة المالكي كانت واضحة على انها سياسة للتفرد والتسلط ونشر عناصر الحزب الواحد في جميع مفاصل الدولة خاصة في الولاية الثانية التي شكلت خطراً واضحا حذرنا منه وانتهت بأنهيار كامل للمنظومة الأمنية نتيجة لأنهيار الجيش لتسقط الموصل وتكريت والأنبار وأجزاء من ديالى وبذا يكون المالكي الذي استلم عراقاً من محافظات متكاملة قد سلمه منقوصاً من اربع محافظات فضلاً عن مشاكل امنية واقتصادية وأجتماعية وحتى تربوية . وفي هذا الشأن بدلاً من ان يقدم المالكي اعتذاراً للشعب لما آلت اليه أمور البلد من تدمير شامل بسبب سياساته راح يرمي التهم على اكتاف غيره ليزيد من التحريض مدعياً ان الحرب الآن هي طائفية من قبل السنة ضد الشيعة وهنا خلط الأوراق بشكل كامل متناسياً الفقاعة التي قال عنها سماحة السيد مقتدى الصدر بأنها كانت سبباً في احتضان داعش كما انه تناسى السياسات القمعية التي نفذتها اجهزته الأمنية في محافظات الموصل والآنبار لتتشكل نتيجة واضحة من عدم ثقة بجكومته من قبل الناس هناك أِذ لايمكن قبول جهة تقمع في اي منطقة ومع هذا كانت الموصل قبل سقوطها بسنة او اكثر تشهد حالة من التنوتر الواضح والتجاوزات على حقوق المواطنين البسطاء مع هذا ارسل المالكي كميات كبيرة من الأسلحة والمعدات لتكون هدية لداعش عندما سلمت الموصل بتوجيه منه حسب قول غيدان والدليمي .
الخطاب الأخير للمالكي كان هدفه واضحاً وهو الأجابة على اسألة لجنة تحقيق الموصل فهو الذي كان يقف ضد الجميع بجملته الشهيرة ( انا المسؤول التنفيذي الأول ) وعلى انه ولي الدم بينما ساعد وبشكل واضح في سفك الدم في سبايكر والحويجة وغيرها من مدن العراق .
مشكلة المالكي انه كان يتوقع ان يبقى رئيساً للوزراء وأراد ان يقول للناس البسطاء انني انا من يأتي بالأمن لذلك اسقط الموصل وتكريت والرمادي واغرق مناطق حزام بغداد قبل الأنتخابات بأيام فتباً لمنصب يبنى بالدم فأين نحن من ساسة العالم غير الأسلامي . العراق اليوم بفضل سياسة المالكي مقسم الى ثلاثة اقسام الأول نازح ومهجر ومشرد والثاني تحت طائلة الأرهاب مجبراً والثالث مضطهد تمارس بحقة كل قوانين النظام السابق ولم يحصل على ابسط حقوقه كمواطن فلا ماء ولا كهرباء ولاسكن .
وأخيراً نقول ان دماء العراقيين الأبرياء ستلاحقكم الى يوم الدين فأنتم من تسببتم في تدمير البلد وترغبون في استمرار التوتر وعدم الأستقرار من اجل ان يبقى النهب والسلب ديدناً لكم كون الأستقرار قد يجعل حجج النهب ضعيفة فتباً لكم وتباً لنا وقد مررت علينا خديعتكم ووعودكم الكاذبة ولن يسمعكم مستقبلاً احد سوى ( الطليان أو الخرفان ) فهي وحدها التي لها رؤوس وخالية من العقل تريد فقط ان تأكل وتشتر طوال اليوم . وتباً لجهات تنتمي لأحزاب تلبس الدين الأسلامي وتنفذ برامج فاشية واضحة ورحم الله شهداء العراق !