قبل أن أدلو بدلوي في بئر الحقيقة المنطقية ( وليس الورقية المكتوبة ) وجب عليه أن أعترف إن شخصية الإمام علي من الشخصيات التي تعتبر مثيرة ومميزة لأنها شخصية فيها صفاء العمل الروحي وقمة الوفاء والزهد والورع الصادق بالرغم من عدم وجود أسم الإمام علي في كتاب ( أفضل مائة شخصية في تاريخ البشرية ) للدكتور مايكل هارث والذي أعتبر الرسول الأكرم الشخصية رقم واحد والخليفة الفاروق رقم واحد وخمسين ولكن هذا لا يعني لنا شيء لأننا لا نكترث بأقوال المتأثرين بالاستشراق لأننا نعلم أن الاستشراق هو الوجه الجميل لعملاء الاستعمار الاجنبي رغم دفاع بعض الكتاب والمفكرين العرب عن الاستشراق معتبرين أن الاستشراق هو رؤية الشرق بعيون غربية وموضوع الاستشراق ليس موضوعنا لهذا اليوم وسنخصص مقالة عن الاستشراق من وجهة نظر عربية إسلامية في مقالاتنا القادمة .
هنالك رأي يقول إن الافعال كلها مسيرة بإرادة إلهية في مسيرة الشخصيات الإسلامية والإسلام بصورة عامة وهنا وجب علينا أن لا نعتبر وجود أي خطأ في تصرف هذا الخليفة أو ذاك الصحابي لان مجريات الحوادث كلها كانت بأوامر ربانية خُطط لها مسبقا لتكون هكذا ولا وجود لإرادة الخليفة أو الأمام أو الصحابي لان تاريخ الإسلام مجرد حوادث لها وجود واضح لإرادة رب العزة وحينها علينا أن نغلق الافواه في دفاعنا عن هذا الحدث أو ذاك لأننا نعلم إنها جرت بإرادة ربانية وعلى سبيل المثال لا الحصر معركة الطف وكيف جرت والاسباب التي جعلت الإمام الحسين يذهب من المدينة إلى كربلاء وكيف انتهت الواقعة هذه النهاية المؤلمة ليس لكل مسلم بل لكل إنسان على وجه البشرية .
أما إن كان لنا رأي مخالف للرأي الأول حينها علينا أن نناقش الأخطاء الغير مقصودة التي صدرت من هذا الخليفة أو ذاك الإمام ولكن علينا أن نبتعد عن فكرة (قدرة الله في هذا الحدث ) وبعبارة أدق أن نقول إن الله لم يكن مع الإسلام عندما وقعت بعض الوقائع المؤلمة بحال المسلمين سواء كانوا من أوائل المسلمين وحتى لو كانوا من المبشرين العشرة بالجنة ولو اني أميل شخصيا إلى الرأي الاول لأنني مؤمن بقوة ووجود إرادة الله في كل عمل يقوم به الإنسان حتى لو كان غير مسلم ولكن لا ضير أن نناقش أو نبدي الرأي في حيثيات الرأي الثاني ونشخص الأخطاء التي نراها أخطاء غير مقصودة من رجل عظيم والتي جلبت كل المآسي للإمام ولأولاده وللمسلمين كافة ( كل الاطراف ) وازهاق الأرواح المسلمة بدون سبب في المعارك الثلاثة التي وقعت اثناء خلافة الإمام علي ( بين المسلمين ) في فترة لا تتجاوز السنوات الاربعة .
الخطأ الكارثي الذي أعنيه هو انتقال الإمام من الحجاز إلى العراق فهذا الانتقال هو الشرارة الاولى للخلاف والاختلاف والقتال والدماء التي سالت في أرض العراق وراح ضحيتها الكثير من المسلمين الأبرياء ومن ضمنهم أولاد واحفاد الأمام ، فلولا الانتقال من المدينة إلى الكوفة لما وصل الحال بالمسلمين كما هو الحال من قتال ومذابح وتنافر واختلاف ولو تبحرنا في خطبة الإمام في أهل البصرة لعرفنا كيف اعترف الإمام علنا بان أهل العراق هم أهل الكفر والنفاق وكيف لنا أن نتصور اعتراف هذا الرجل الشجاع برذائل أهل العراق علنا وهو الصابر على كل المظالم وها نحن لحد الآن نتعامل مع لعنة الإمام لأهل العراق ولو تأملنا أكثر فمنذ معركة الطف وليومنا هذا لم يشعر العراقيين بالراحة لأنهم كانوا السبب المباشر في مقتل هذا العدد الكبير من أهل بيت رسول الله ولكن من عادة العراقيين إنهم لا يعترفون بالخطأ ليس لأنهم مكابرون بل لأنهم لا يفهموا مفهوم التفكير الصحيح ولسان حالهم لا يعرف إلا السب والقذف والشتم وهذه احدى الطرق القديمة والجبانة والفاشلة في الرد على الاسئلة .
فلو لم يصل الإمام إلى العراق لكان التاريخ الإسلامي تغير كثيرا وربما لم تحدث معركة الطف وهنا علينا أن نعترف إن الامام لو كان فعله مخيرا فقد اخطأ ولو كان فعله مسيرا حسب ارادة الله فهذا كلاما آخر ، أما من يعتقد بان فعل الإمام كان مسيرا لان الله يريدها هكذا فعلينا أن نترك الموضوع ولا نعلق لا سلبا ولا ايجابا في أي فعل قام به هذا الإمام او ذاك الصحابي لأنهم مسيرون وليسوا مخيرون ،
لكن لا أعتقد أن الفكرة والغاية من هذه السطور وصلت كما ينبغي أن تصل للعقول بل سنقرأ ردود لا تتفق فيما بينها ورائحة السب والشتم طفحت لتشمل حتى صاحب الموقع وربما بعد كذا مقالة ستشمل كل القراء والكتاب لأن العراقيين هم من خذل الإمام وأولاده ونحن أكثرهم عويلا عندما نتذكر الإمام وهنا لا بد أن نعود لقول الإمام ( أهل العراق أهل الشقاق والنفاق ) وكان يقصد حينها أتباعه وليس كل العراقيين .