23 ديسمبر، 2024 11:10 م

الخضراء والاختراق الأمني ..!

الخضراء والاختراق الأمني ..!

يعطي الاختراق الذي حصل يوم أمس الأول في المنطفقة الخضراء عند بوابة مجلس النواب ، مؤشرات عديدة لضعف المنظومة الأمنية التي تحيط بقلب الحكومة العراقية واكثرها حساسية ودقة ، حيث مقر رئاسة الوزراء والبرلمان والرئاسة والسفارة الاميركية والبريطانية وغيرها من مراكز الحكم والسلطة في الدولة العراقية ، واذا ماحسبنا ان الهجوم الانتحاري قد استهدف موكب رئيس مجلس النواب وامام احدى بوابات المجلس فأن الخرق يأتي بقصدية مشددة وتحدي عملي يبطل العديد من مضامين البيانات والوعود والتصريحات التي تصدر عن القادة الامنيين حول السيطرة والكفاءة والمبادرة ويجعلها فارغة المضمون ، وليست متكئا لثقة المسؤول بعد ان انتزع عنها المواطن ثقته بشكل نهائي .
من الصعوبة بمكان السيطرة الأمنية على حركة سير العجلات والمركبات التابعة للمسؤولين وهي بالآلآف  لاننا في بغداد نحتفظ بعشرات القادة السياسيين وعشرات الوزراء ومئات النواب ومئات وكلاء الوزراء ومن هم بدرجتهم من المدنيين والعسكريين ، ناهيك عن الحماية التي تتمتع بها حماية السفارات و الشركات الأمنية الخاصة وبعض الجهات ذات الطابع الحكومي الميليشياوي ، وهذا الثقل الهائل يقع كله على عاتق الجهات الامنية التي غالبا ماتجد نفسها الوحيدة في موضع الاتهام بالتقصير ..!
وللحقيقة نقول ان الظروف الصعبة والتهديدات وضعف الدعم اللوجستي وهيمنة المحسوبية وثقل الواجبات وساعات العمل المرهق وضعف الراتب الشهري للشرطي او الجندي كلها تلقي بضلالها على مستوى الأداء ، ناهيك عن وجود العشرات من القادة وكبار الضباط وهم دون تأهيل أمني او استخباري او عسكري بل هم ميليشيات مدنية تكاد تكون أمية تم دمجها مع القوات الامنية والعسكرية في واحدة من الأخطاء الاستراتيجية في الاحداث التي تلت التغيير في 2003 .
هذا الواقع ينبغي ان ينظر له من جوانبه المتعددة و يدعو بالضرورة الى اتخاذ خطوات أجرائية فاعلة من قبل القيادة العامة للقوات المسلحة سيما ونحن امام مسؤولية الانسحاب الاميركي واعتماد الوطن على نفسه بأدارة ملفاته الأمنية ، ولعل أبرز تلك الاجراءات هي الاستعانة بخبراء وطنيين للاشراف على العمل الأمني وعدم اعتماد مبدأ مسك الارض فقط ، بل اعتماد المعلومة وعنصر الزمن والمبادرة في احباط مايخطط له العدو الارهابي ، وهذا الامر يتطلب مركز رفيع للأمن الوطني ينسق في كل هذه الامور ، واعتماد شخصيات اثبتت كفاءتها في بسط الامن والتعامل مع الشارع  بعيدا عن العلاقات الحزبية وصلات القرابة والشللية لاننا أزاء أمن بلد ودولة ومواطن ، وعدم احتكار المواقع الامنية والعسكرية على مجموعة من الاسماء التي اثبتت عدم حنكتها وذكائها ، اضافة الى الاهتمام برجل الامن وتطوير قابليته ومهاراته واغناء احتياجاته وعدم أرهاقه بالواجبات الثقيلة والمملة التي تعطي منافذ للاختراق ايضا .
كتبنا هذا الكلام اكثر من مرة ، وكما تقول السيدة فيروز { كتبنا وماكاتبنا، ياخسارة ماكاتبنا } وها نحن نكتب هذه المرة لان البلاد امام استحقاق جديد ومنعطف وجودي تاريخي يتمثل بعراق يولد سياسيا في ظل مشروع نظام ديمقراطي لم يقوى عوده بعد وهو في حالة اعتماد على النفس ومقاومة العدو الارهابي بمسمياتها المتعددة ومكافحة الجريمة والحفاظ على البلاد من الانياب المتهيأة لتمزيقه لاسمح الله .
الامن للمرة الالف يرتبط بجملة الازمات التي ينبغي ان تتصاعد وتائر العمل في مؤسسات الدولة العراقية لخفظها وتطويقها ومعالجتها بالعمل والتنمية والتطوير وتلك مسؤولية الجميع في هذا الظرف التاريخي ، كونها تشكل اسنادا قويا لواقع الامن الوطني .