23 ديسمبر، 2024 9:50 ص

الخصوصي.. ظاهرة تنخر في ميزانية أولياء الأمور

الخصوصي.. ظاهرة تنخر في ميزانية أولياء الأمور

الدروس الخصوصية التي زادت من معانات الاسرة العراقية واثقلت كاهل ولي امر الطالب تزداد يوما بعد اخر، فالجشع زاد عند بعض المدرسين والمعلمين الذين تناسو وضع البلد الصعب وضياع الامن والامان والتهجير والمهجرين، ناهيك عن ما يعانيه المواطن من حالة قلة الموارد وتقليل الرواتب والتقشف الذي يضرب البلد، ومن ظروف مادية صعبة بالاضافة الى ان وزارة التربية اصدرت قرار يمنع الدروس الخصوصية.
ما أن ظهرت نتائج الدور الاول حتى بدأت رحلة البحث من جديد على المدرس الخصوصي الجيد والذي ينجح الطلاب بمعدلات عالية بين التلاميذ وذويهم، وهي أزمة مالية يمكن أن تُضاف إلى الأزمات المتراكمة التي تُصيب ميزانية الأسرة بالعجز نتيجة المبالغ التي تقدَّم على طبق من ذهب الى المدرسين كل عام .
والطامة أن لايوجد متسع للأستاذ، لأنه يستقبل عدداً محدداً كل عام ولابدَّ من دفع مبلغ إضافي ليحصل الطالب على مقعد اضافي .
وزير التربية الدكتور محمد إقبال أكــد على تعميم تجربة نظام الكورسات على الصفوف غير المنتهية للمراحل المتوسطة والإعدادية، مشيدا بالتجربة التي طبقت على الصف الرابع الإعدادي .
وأضاف دكتور إقبال : إن تجربة الوزارة لنظام الكورسات على الصف الرابع الاعدادي اثبتت نجاحها وبشكل كبير، وان نسبة النجاح ارتفعت كما لمسنا ارتياحا لدى الطلبة وعوائلهم .
وأوضح وزير التربية أن أحد وسائل القضاء على التدريس الخصوصي هو اقرار وتعميم نظام الكورسات لأنه يتيح للطالب قراءة المادة بشكل ميسر ومبسط فضلا عن قلة المواد المطالب بها في الامتحانات النهائية مما يقلل من اعتماد الطلبة على التدريس الخصوصي .
مشيراً: إلى ان نظام الكورسات عالمي ومُعتمد في اغلب دول العالم المتطورة ولا بدّ للعراق من اللحاق بركابهم في ميدان العلـم والمعرفة.
واعتبر عضو لجنة التربية النيابية النائب سيروان عبدالله: أن التعليم يجب أن يرقى الى مستوى جيــد بحيث يستغني الطالب عن أخذ الدروس الخصوصية، ونحن كلجنة تربية دعينا في اكثر من مناسبة تربوية إلى ضرورة محاسبة مَن يقوم بذلك وهو ضمن كوادر وزارة التربية من غير المتقاعدين .
واضاف عبدالله: هذا الأمر يحمّل كاهل الأسرة نفقات إضافية، متسائل لماذا لا يقوم المدرس بإيصال المعلومة الى الطلاب بشكل سهل كي يستغنوا عن أخذ الدروس الخصوصية، فلابد من مساعدة أولياء الأمور والتعاون مع وزارة التربية في حالة وجود مدرسين يتعمدون أخذ الدروس للتلاميذ للقضاء على تنامي هذه الظاهرة التي اتسعت بشكل كبير في الفترة الاخيرة والتي تُسبب إشكالات كثيرة للعملية التربوية والتعليمية في العراق .
الدكتور مدحت حسين مدير في الإشراف التربوي قال: إن مسألة الدروس الخصوصية ممنوعة بشكل تام وكل اجتماع لإدارت المدارس والهيئات العلمية مع الإشراف التربوي يتم فيه التأكيد على منع التعامل والسماح للمدارسين بإعطاء دروس خصوصية، وأنَّ مَن يقوم بإعطاء الدروس الخصوصية هم من المتقاعدين او ممن لم يحصلوا على تعيين فقط .
كما نلاحظ أن هناك مَن قام بالحصول على التقاعد مقابل خدمة سنة او سنتين ويمارس إعطاء الدروس مفاضلة منه من الناحية المادية، لكن بالمقابل هذه مشكلة علمية توثر على التعليم في العراق بشكل كامل ونحن نرفض تربوياً ذلك، مع أن لا قانون يمنع المتقاعد من إعطاء دروس خصوصية .
واكد مدير الاشراف التربوي بشأن المدرس المستمر بالعمل قائلا : المدرس المستمر بالخدمة ويقوم بإعطاء الدروس الخصوصية يُطبـّق ضده القانون ويُعاقب بالإنذار ومن ثم التوبيخ اضافة الى نقله الى مكان بعيــد ونأي، داعياً كل مَن لدية معلومات دقيقة عن مَن يقوم بممارسة هذه العملية المرفوضة تربوياً الإبلاغ عنها.
وتقول فاطمة قادر والدة لطالب في المرحلة النهائية من الإعدادية: أغلب الطلاب لا يستوعبون شرح المدرس الذي قد يتعمّد بذلك او لضعف مستواه العلمي، وهناك اساتذ معروف لدية عشر مجاميع كل مجموعة فيها عشرة طلاب وكل واحد منهم يدفع مليون، فتصور كما يكسب علما انه لامجال لديه من كثرة الطلاب ولا يستطيع اضافة طالب واحد .
وأضافت فاطمة : لذلك أصبحت الدروس الخصوصية ضرورة تقتضيها الظروف وهي تقدم خدمة مميزة لمن يدفع اكثر، واني هنا كأم اتسائل اين ضمير هؤلاء المدرسين وهم يعيشون واقعنا المؤلم؟!.
من جهته قال رعد المشهداني الذي تكلم عن معاناة ابنه في الدراسة المتوسطة قائلا : إننا نجد أنفسنا مضطرين للبحث عن أُستاذ لتدريس أبنائنا دروساً خصوصية، ولهذا نقوم بالحجز المبكر كي أضمن لهم مكاناً عند الأساتذة الذين يتمتعون بسمعة تدريسية جيدة، إذ يحصل طلابهم على درجات ممتازة في البكلوريا .
واضاف رعد : ابني يقول إن الأسئلة التي يعطيها لهم المدرس في الحصص الخصوصية تأتي متشابهة لأسئلة الامتحانات النهائية، علما انني اضطريت الاستعانه باستاذ بعيد للحصول على مكان لابني وخصص له فقط عشر محاضرات، بسبب التكاليف الكثيرة والزائدة عن الحاجة وهذا يعود لضعف مستوى التدريسي فلا يقومو بواجبهم التعليمي والتربوي بالشكل الصحيح .
وقالت أم فائز: نعاني الأمرين عند انتهاء العام الدراسي وبعد الامتحانات وذلك بسبب الحجز المسبق للمدرسين الخصوصين الأكفاء والمشهورين وابني قرر تأجيل مادة الرياضيات للدور الثاني ، ولكنه أُصيب بحالة نفسية بعدما فاجأنا المدرس بغلق الحجز لاكتمال العدد، خاصة ان اغلب زملائه حجزو عنده مسبقاً.
وأضافت أم فائز: بعد توسل وملحه وزيادة في الاجر وافق الأستاذ على انضمام ابني الى درسه الخصوصي واضيفت معاناة أخرى في ذهابه وإيابه ، الامر الذي اضطرها الى تأجير سيارة اجرة ، لأنه لا يوجد لديَّنا حلّ آخر، فالطالب وأسرته لا همَّ لهم غير النجاح وترك مرحلة دراسية والتقدم الى اعلى .
كثير من المتخصصين يحملون المجتمع الدور الكبير في انتشار الدروس الخصوصية حيث اصبح الناس يتفننون في اطلاق الالقاب على نجوم التدريس وحتى اغلب الأحيان عمل الدعاية لهم من خلال ترشيح استاذ لأولادهم وأولاد مَن يعرفونهم من الأقارب والأصدقاء.
الباحثة الاجتماعية أروى محمد قالت: في السابق كان الإقبال على الدروس الخصوصية قليلا جدا ولكن النظام الحالي شتت ذهن الطالب وزاد الأعباء الملقاة على عاتق الأسرة، حتى إذا كان وضع الأسرة جيداً نوعا ما من الناحية المالية إلا وبحثت عن استهلاك للميزانيتهم المالية .
واضافت أروى : تحوّل البعض من المدارسين إلى مجرد قائمين على جمع الاموال من دون متابعة لسير العملية التعليمية ولا تهمهم مستويات التلاميذ، لذلك يفضّل أولياء الأمور لانهم يأخذ أبناؤهم للدروس الخصوصية عند أساتذة بارعين، واعتقد إن للظاهرة اسباباً كثيرة ومتشابكة حيث جزء منها يتعلق بالطالب وأسرته وآخر يرجع للعملية التعليمية نفسها .
هديل العامري المتحدثة الرسمية لوزارة التربية أكدت أن وزارة التربية تشدد من إجراءاتها على كل المدارس وإداراتها بمحاسبة الكوادر التدريسية التي تخالف الانظمة والقوانين التربوية، وان مديريات الإشراف التربوي تعمل من اجل القضاء على هذه الظاهرة التي تسيء للعملية التربوية في العراق .
قانون وزارة التربية رقم 22 لسنة 2011 والمنشور على موقع وزارة التربية تنص المادة (3) – خامسا – تهيئة المعلمين والمدرسين والمشرفين التربويين والمسؤولين عن ادارة العملية التربوية والإشراف عليها وإعادة تدريبهم أثناء الخدمة وتطوير قدراتهم المهنية والعلمية .
وبحسب تقرير اليونسكو فإن العراق في فترة ما قبل حرب الخليج الثانية عام 1991 كان يمتلك نظاما تعليميا يعتبر من أفضل أنظمة التعليم في المنطقة، كذلك كانت نسبة القادرين على القراءة والكتابة في فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي عالية لكن التعليم عانى الكثير بسبب ما تعرض له العراق من حروب وحصار وانعدام الأمن، حيث وصلت نسبة الأمية حاليا إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخ التعليم الحديث بالعراق.
المدرس هيثم الدليمي قال :هناك أسباب كثيرة لانتشار ظاهرة التدريس الخصوصي لكن علينا أن لا نتهم الهيئة التدريسية فحسب، فهناك عدد كبير من الطلاب في كل صف الامر الذي يجعل من الصعوبة إيصال الدرس الى الجميع بنفس المستوى، وهناك تقصير عند بعض العوائل التي لا تتابع أبناءه او تسألهم عن انجاز الدروس وتنتبه اليهم بشكل جدّي، وهذا الأمر يضاف الى تقصير بعض ادارات المدارس في متابعة المدرسين الذين قد يتكاسلون عن أداء واجبهم بشكل صحيح .
تنامت وبشكل ملفت للانتباه ظاهرة المدرس الخصوصي خصوصاً خلال العقدين السابقين ، فهل السبب الخلل في العملية التربوية كالمناهج ؟ او طريقة تدريس المدرس في المدرسة ؟ ام هي اصبحت ظاهرة للتباهي بين الطلبة بأنهم يتلقون دروساً خصوصية بمبلغ كبير؟
فمن المراحل المهمة والتي تجد الطالب يبحث فيها عن مدرسٍ خصوصي.. ربما في جميع المواد هي المرحلة الاعدادية بشقيها العلمي والادبي، فتجد الوالد يجد ويجتهد في البحث عن مدرسين كفوئين لضمان نجاح ابنائه، لأن بعض الطلبة يشكون من عدم كفاءة المدرس في المدرسة او قد لا يعطي الدرس حقه، والبعض الاخر يثني عليه باعطائه الدرس حقه، ويفيضون على ذهن الطالب بالمادة بشكل يؤهله لخوض الامتحانات بدون الرجوع للمدرس الخصوصي لتؤهله لاجتياز البكلوريا وبسهولة، كما نشاهد بعض الكوادر التدريسية ترفض رفضاً قاطعاً للدرس الخصوصي فتجده يمارس عمله على اتم وجه حتى يصل به الامر الى دروس اضافية ايام العطل او في الساعات الاولى من الدوام من اجل طلابه، والابتعاد عن الخصوصي الذي يثقل ميزانية العائلة ويرهق ذوي الطالب .