18 ديسمبر، 2024 9:14 م

الخصخصة التهوينية في مكافحة فساد التموينية

الخصخصة التهوينية في مكافحة فساد التموينية

ليس الموضوع المطروح للنقاش هو صحة قرار الإلغاء من عدمه .. فهذا الأمر عائد لأهل التخصص من رجال الإقتصاد ليدلوا بدلائهم حوله. الأهم من الجدال هو عذر الحكومة في ” خصخصة” البطاقة التموينية لتصبح من إختصاص المواطن نفسه .. والعذر هو مكافحة الفساد.
لاأشك “ولا أظن أن عراقياً يفعل” للحظة في صحّة الواقع الفاسد في مفاصل وزارة التجارة بكوادرها السابقة واللاحقة.. شأن كل مفاصل الدولة الإخرى بدءاً من أصغر شرطي أول وليس إنتهاءاً بمكتب رئيس مجلس الوزراء، وليست هنالك أية قيمة قانونية أو إعتبارية لهذا الشك الذي يشبه اليقين الى حد كبير.. ولايزعم أحد أن لهذا الشك أية قيمة على الإطلاق.. لأن قيمة الشك مرتبط بقيمة حامله..ولم يزعم أي من الساسة أو موظفي الدولة أن لـ “حامله ” تلك القيمة.
العذر لاشك يلقي الضوء على الخطوة اللاحقة للحكومة في مكافحة الفساد!!
فالحكومة ” كما أزعم” تحاول بشراسة محاربة مفاصل الفساد وغيلانه… وهذه الطريقة الجديدة ” الخصخصة ” بصراحة تعد من أجمل الطرق.. وتعالوا معي نستطلع طريقة القضاء على الفساد في وزارة الصحة .. نلغي المراكز الصحية .. والمستشفيات الحكومية .. ونمنح كل مواطن 15000 دينار مخصصات ” تطبّب”.
التربية .. نلغي المدارس ونمنح المواطن 15000 دينار من هو دون 18عاماً مخصصات تعليم.
التعليم العالي .. لا هذه نتركها .. لأن الفساد فسها معدوم.. فبركة رب العالمين التي طرحها في مفاصلها لايأتيها الباطل من بين أيديها ولامن خلفها .. وعاشوا.
وزارة حقوق الانسان؟ البيئة؟ الثقافة؟ الشباب والرياضة؟ الكهرباء؟ الخ الخ الخ..
المعضلة الكبرى التي إستغرقت مني الليل بكامله لأتلمس الخطة الحكومية الممنهجة للقضاء على الفساد في وزارة الدفاع؟
أظن أن 15000 دينار لن تكفي لكي يستطيع المواطن توفير قوات برية وجوية وفرقاطة بحرية لحماية المياه الإقليمية الوطنية.. لذا أقترح لكل مواطن مليون دولار .. لا ليمول منظومة دفاع شخصية عن الوطن.. بل لشراء جنسية من أي دولة قادرة على حماية مواطنيها دون أن تضطر الى الغاء كل مالم تقدر على تطهيره من الفساد.
وأما وزارة الداخلية فهذه لوحدها قصة .. بصراحة أنا أؤيد الغاء وزارة الداخلية ومنح المواطن مبلغ 15000 دينار لتمويل حماية ممتلكاته.. لأن الشرطة هي من تسابق اللصوص في إبتزاز أي مواطن لديه مشكلة ” إذا كان معتدىً عليه لا معتدياً ” وأما إذا كان معتدياً فترى العروض تنهال على ذويه من كل حدب وصوب لحل مشكلته بأقل الخسائر الممكنة .. وأيسرها هو إعادة التهمة الى أصحابها، وهذه البدعة الجديدة هي آخر ما توصلت اليه الشرطة العراقية من إنجازات.. فمثلاً يتم الإمساك باللص متلبساً في بيت الضحية، يتفاوض ضابط التحقيق مع ذوي المتهم على إعادة إلقاء التهمة على الضحية مقابل ” دفتر” أي 10000 دولار، فيوافق الأهل.. ويدفعون مبتهجين، في اليوم التالي يدون إفادة المتهم على أن وجوده في بيت الضحية كان بسبب موعد غرامي مع إبنة صاحب الدار أو زوجته، ويطلب من ذوي المتهم ” إرسال كوامة عشائرية” الى الضحية للتنازل عن التهمة أو ستكون الفضيحة هي البديل، وفعلاً تنجح مساعي ضابط التحقيق وشيوخ الحظ والبخت في الضغط على الضحية للتنازل عن حقوقهم فيخرج المتهم مرفوع الهام متبجحاً بعشيرته القوية و”دفتره” المبارك.
القضية التي لم أجد لها حلاً في قاموس مكافحة الفساد لدى الحكومة هو ملف الفساد لدى القضاء، فكيف سيتم التعامل معه؟ هل سيتم إلغاء مجلس القضاء الأعلى ومنح كل مواطن مبلغ 100000 دينار ليقيم وليمة كبرى لعشيرته التي تعيد حقه المهضوم فيما لو إعتدى عليه أحد؟
طيب ماذا سيصنع من لاعشيرة له؟ هل سـ “يذب جرش ” مع عشيرة كبيرة لتحمي حقوقه؟
تذكرت بعد ذلك مبدأ فصل السلطات .. وتعوذت بالله العظيم من هذا الذنب العظيم، فتلك ليست مشكلة الحكومة, بل مشكلة مجلس القضاء الأعلى نفسه، والرجل مدحت المحمود يتربع على عرش السلطة مستمتعاً بوقته الثمين في الكلمات المتقاطعة للعملية السياسية بما ينسجم مع رغبات الكتلة الحاكمة حيناً .. بل كل الأحيان.
– أحمد الله الف مرة أن الكهرباء السحب (أي مجهز الكهرباء في الحي) ستنطفئ في أي لحظة وعلي أن أنهي المقالة قبل أن أتناول مفاصل أكبر وأعتى، كالمخابرات والاستخبارت وووو .. تصبحون على خير.
بغداد