18 ديسمبر، 2024 6:45 م

الخصائص المشتركه للجزاءات الادارية التي تصدر بالارادة المنفرده للادارة – الجزء الثاني

الخصائص المشتركه للجزاءات الادارية التي تصدر بالارادة المنفرده للادارة – الجزء الثاني

الاداره العامه تمارس نشاطها في ادارة المرافق العامه بعدة وسائل. ومن اهمها وسيلة العقود الاداريه والاداره العامه عندما تبرم هذه العقود الاداريه لاتترك امر تنفيذها للمتعاقد وحده بل تستطيع الاداره بنفسها مراقبة تنفيذ العقد ولها حق الاشراف والتوجيه وقد يعجز المتعاقد عن تنفيذ التزاماته العقديه وهنا يحق للاداره اجبار المتعاقد على تنفيذ التزاماته ومحاسبته على تقصيره ومعاقبته قانونيآ وحتى احيانآ دون الرجوع للقضاء المختص في فرض جزاءاتها عليه..؟ واكد الفقه الاداري المقارن على حق الاداره في توقيع جزاءاتها بأرادتها المنفرده ودون الرجوع للقضاء كما اشرت لذلك  سابقآ.مع  ان للاداره الحق في الطعن امام القضاء المختص في مدى مشروعيه الجزاءات العقابيه هذه. وللعلم اصبح حق الاداره في فرض جزاءاتها على المتعاقد معها حق أصيل تتمتع به الاداره في كافة عقودها الاداريه حتى دون النص عليه في دفاتر العقد. ولئن اختلفت الجزاءات الاداريه من حيث اهميتها واثارها الا انها في مجموعها تحكمها منظومة خصائص مشتركه تشكل القاسم المشترك الذي تصدر فيه هذه الجزاءات الاداريه والتي تتحكم في اشكالية وطريقة توقيع هذا الجزاء العقابي. وهي على النحو التالي ادناه :
اولا..
حق الاداره في توقيع الجزاء بنفسها ودون الحاجه للجوء للقضاء:
تتمتع الاداره في مجال توقيع الجزاء بحرية التصرف. ومن ثم تستطيع ان توقع جزاءها بنفسها ودون الحاجه الى اللجوء للقضاء الا ان  تصرفها هذا يقع تحت رقابة القضاء.وقد اصبح هذا المبدأ عليه اجماع فقهآ وقضاءآ. وهكذا نجد ان للاداره الحق في توقيع الجزاء بنفسها ودون الرجوع للقضاء في حالة اخلال المتعاقد معها بالتزاماته التعاقديه. الا ان مجلس الدوله الفرنسي استثنى عقوبة واحده من ذلك وهي عقوبة (اسقاط الالتزام) فجعل توقيعها للقضاء تحديدآ..!!
ثانيآ..
حق الاداره في توقيع الجزاء حتى ولو لم ينص عليه العقد:
قد ينص العقد على مختلف الجزاءات التي يجوز للاداره توقيعها على المتعاقد المقصر. ولكن المسلم به في قضاء مجلس الدوله الفرنسي الدول التي تأخذ بمبدأ ادواجية القانون والقضاء في ان سلطة توقيع الجزاءات هي سلطة مستقله عن نصوص العقد. وحتى لو نص عليها فلا يعتبر منشأ لها وانما هو مجرد مقرر لهذه السلطه. خاصة اذا علمنا ان القاعده القانونيه تقول( ان كل التزام تعاقدي يقابله جزاء – والتي اشار اليها العميد سليمان الطماوي في كتابه الاسس العامه للعقود الاداريه)..؟
وهكذا نرى ان سلطة الاداره في توقيع الجزاءات على المتعاقد معها توجد بذاتها مستقله عن النصوص التعاقديه اي انها توجد ولو لم ينص العقد على اي منها.
ثالثآ..
 ضرورة اعذار وانذار المتعاقد مع الاداره قبل توقيع الجزاء عليه:
فالاعذار والانذار طبقا للقواعد القانونيه يعني اثبات حالة التقصير للمتعاقد في تنفيذ التزاماته. ولذلك هو اجراء تمهيدي يسبق تطبيق الجزاءات القانونيه.كما علينا معرفة ان حالة (الاعذار والانذار) ليست مسأله مطلقه بحد ذاتها بل ترد عليها بعض الاستثناءات وهي:
1-تعفى الاداره من شروط تقديم الاعذار  والانذار اذا ورد ذلك بنص عقدي صريح او لائحه او قرار تنفيذي. لانه في حالة النص على إعفاء الاداره من الاعذار والانذار فانها لا تلتزم بتقديمه قبل توقيع الجزاء..؟
 2-كذلك تعفى الاداره من تقديم الاعذار والانذار اذا كان طابع الضروره والاستعجال قائمآ.. مثل: توريد مهمات عسكريه خلال زمن الحرب.وهذا الشرط ورد في العديد من احكام المحكمه العليا الليبيه…
رابعآ..
 خضوع الاداره في توقيع جزاءاتها لرقابة القضاء:
المسلم به ان الرقابه على قرارات الجزاء تدخل في نطاق القضاء الكامل وهي تشكل ضمانه فعاله امام تعسف الاداره وسلطتها التقديريه الواسعه.. ولذلك يمكن للمتعاقد ان يتجه للقضاء المختص لتحريك الدعوى القضائيه في الجزاءات العقابيه للاداره التي فرضت عليه من قبل الاداره اذا كانت هذه الجزاءات مخالفه لمبدأ المشروعيه وتتعارض مع الاصول القانونيه المرعيه.. والقضاء هو الذي يؤسس قراراته بما يتوافق وسيادة حكم القانون في مثل هذه الخصومات الاداريه..
ملاحظه:
المقاله اعلاه مقتطفات أنتقائيه من كتابي بعنوان( الاسس القانونيه لسلطة الاداره في الرقابه على اعمال العقد الاداري) والصادر عن دار الحكمه للنشر والطباعه بطرابس/ليبيا2010