يتطرق المقال الى الى احدى المواضيع الاكثر اهمية وخطورة والذي لم يحظ بإهتمام الباحثين وصانعي القرار النفطي والاقتصادي في العراق الا وهو موضوع تكاليف الانتاج لبرميل النفط الخام المنتج في حقول العراق الجنوبية . لقد اعتمدنا على منهجية واضحة ومحددة في احتساب تكاليف انتاج البرميل الخام إعتمادا على البيانات المالية والمحاسبية لشركة نفط البصرة ولذلك جاءت النتائج دقيقة الى حد كبير لانها ابتعدت عن التنظير واعتمدت البيانات الحقيقية في احتساب الكلف بالطريقة المحاسبية والطريقة الاقتصادية المعيارية . الامر الذي من شأنه أن يضع حدا لجدل طويل حول التقديرات الخاصة بتكاليف الانتاج لبرميل النفط الخام في العراق في ظل غياب الدراسات الدقيقة المعتمدة على بيانات الشركات النفطية العراقية .
ونعتقد ان تقديم دراسات اقتصادية ذات طابع عملي وتحليلات في مجال الطاقة يمكن ان تعطي لصاحب القرار رؤوية واضحة للمستقبل , قالقرار النفطي ليس فني , ولا هو قرار اداري , بل هو قرار اقتصادي شامل لكل الامور الفنية والادارية المحاسبية والمالية , ويخضع لمعايير دولية , وهو ليس قرار مستقلا” بل يتعلق بمنظمات الكارتل النفطية ومراكز الطاقة والسوق النفطية . فضلا عن انه يعطي لصانع القرار الاقتصادية رؤية واضحة حول الجدوى الاقتصادية للاستثمارات الاجنبية في قطاع النفط العراقي
أولا : مفهوم التكاليف النفطية
يمكن تلخيص نفقات الإنتاج النفطية فيما يلي: نفقات الضخ كالقياس، نفقات معالجة النفط ، نفقات خدمة الآبار ، مصروفات تجميع النفط في المستودعات، نفقات صيانة الآبار، نفقات التخلص من المياه، نفقات التامين على معدات الثقل، نفقات التامين الاجتماعي للعمال، النفقات الاجتماعية الخاصة بالسكن .
تتحدد تكلفة المنتجات النفطية للمستهلك النهائي بمجموع تكاليف المراحل المختلفة لعملية الامدادات النفطية التي تسمى بسلسلة مراحل امدادات النفط او سلسلة العرض النفطية التي تشمل مراحل امدادات النفط من مرحلة الاستخراج حتى وصولها المستهلك النهائي . وتتلخص السلسلة بالمراحل الآتية :
استخراج النفط الخام : ويسمى السعر عند البئر بسعر النفط ما قبل التخليص الجمركي . ويتضمن سعر الارض والاستكشاف وتطوير البئر الى ان يصبح البئر منتجا غير ان هذا السعر لا يشتمل الاضرار البيئية التي تحدثها عملية استخراج النفط من البئر
النقل من البئر الى المصفاة للتكرير في خطوتين اساسيتين هما : الاولى ينقل النفط من البئر الى مكان تجميع عام ، والثانية ينقل النفط بكميات كبيرة من مناطق التجميع الى المصفاة .
التكرير والسعر لبرميل النفط المكرر يسمى هنا بسعر المصفاة
تجار الجملة وتجار المفرد
الضرائب
تعد المصروفات التي أنفقت على مناطق منتجة بمثابة نفقات رأسمالية ، أما النفقات الخاصة بالمناطق غير المنتجة فتعد نفقة جارية .وهي المصروفات اللازمة لمرحلة البحث والتنقيب وهي تتمثل بمجموع المصروفات الجيولوجية والجيوفيزيائية الخاصة بعمليات المسح الجيولوجي واخذ العينات من الارض وتحليلها معمليا للتأكد من احتمالات وجود النفط الخام من عدمه .
تنمية الحقول والاستعداد للإنتاج
نظرا لأهمية هذه النفقات يفتح لها عدة حسابات إجمالية لإثبات هذه النفقات وهي:
أ- حساب أعمال تحت التنفيذ – الحفر
ت- حساب أعمال تحت التنفيذ – تجهيزات البئر
ث- حساب أعمال تحت التنفيذ مثل الآلات والمباني والمرافق
ثم يتم تحميل البئر بنصيبه من النفقات المشتركة العامة التي تنفق على الحقل دون تخصيص لبئر معين ويتم اختيار أساس مناسب للتحميل ومن هذه الأسس:
عدد أيام ( أو عدد ساعات ) تشغيل جهاز الحفر لكل بئر.
عدد الأقدام التي تم حفرها لكل بئر.
الأيام المستغرقة في حفر كل بئر.
الإنفاق على كل بئر سواء فعلية أو مباشرة.
هناك العديد من الأمور التي تدخل في كلفة أنتاج البرميل الواحد للنفط ، في البداية يتم احتساب الكلفة قبل الإنتاج :
1. تكاليف برج الحفر : وتشمل تكاليف النقل والآليات ( حساب الأندثار) والمواد الكيمياوية المستعملة في الحفر + تكاليف عمال وفنيي الحفر.
2. تكاليف نصب شجرة الميلاد (مجموعة الصمامات التي تنصب على راس البئر النفطية لتنظيم الجريان من البئر).
تكاليف الإنتاج هي :
1- تكلفة العقد
2- تكلفة الحفر والإعداد
3- تكلفة الآلات والمعدات ( تستبعد لأنها أصول ثابتة يحسب لها إهلاك )
بعد البدء بالإنتاج من البئر النفطية :
يتم احتساب تكاليف المعالجة التي تتم على النفط المنتج ( مواد كيمياوية + وقود افران الحرارية + تكاليف المنشآت واندثارها + أجور العمال) بالإضافة الى تكاليف التصدير (وخاصة إذا كان الخط النفطي يمر بدولة أجنبية كما في الخط العراقي التركي)
أن تكاليف الصناعة النفطية ارتفعت في الوقت الراهن عما كانت عليه في السابق فأصبحت تكلفة استخراج النفط أعلى مما كانت عليه في السنوات السابقة، ما يعني أن تكلفة الاستخراج تدخل طرفا في ارتفاع الأسعار على المدى الطويل. أن ارتفاع أسعار المواد الداخلة في إنتاج النفط أثر بشكل كبير على الصناعة النفطية فقد أسهمت الزيادة في الأسعار التي شملت جميع المنتجات العالمية في زيادة أسعار منصات الحفر ،وما يتبعها من أعمال المقاولين، وتكليف عملية الاستخراج، وإن الجهود الكبيرة التي تقوم بها الدول المنتجة من أجل زيادة الطاقة الإنتاجية أدى إلى ارتفاع أسعار تلك المواد، وهو ما ينعكس على تكلفة الاستخراج. أن ارتفاع أسعار منصات الحفر وأعمال المقاولات يؤثر على تكلفة الاستخراج على المدى الطويل، وعلى تكلفة الإنتاج .
ثانيا : تكاليف الانتاج للبرميل الخام في مرحلة ما قبل التراخيص النفطية ( 2003-2009 )
على الرغم من الانتاج النفطي غير الكبير في شركة نفط البصرة ( شركة نفط الجنوب سابقا ) ، إلا أن تكاليف الانتاج ( التكاليف التشغيلية + الاندثارات ) كانت جدا متواضعة في المرحلة التي سبقت عقود التراخيص النفطية ، ففي حين لم تستطع الشركة ان تنتج اكثر من 365 مليون برميل في عام 2003 وبواقع مليون برميل يوميا ، كانت التكاليف للبرميل الواحد لم تتجاوز 12 سنت . ومع الزيادات المستمرة التي حققتها الشركة في انتاج النفط الخام ازدادت معها تكاليف الانتاج للبرميل الخام حتى بلغت دولارا واحدا في عام 2009 عندما وصل انتاج الشركة الى 607 مليون برميل وبوقع 1.6 مليون برميل يوميا . ويرتبط ارتفاع تكاليف الانتاج في تلك الحقبة الزمنية الى حد كبير بزيادة اعداد العاملين في الشركة والارتفاع الكبير في اجورهم .
جدول ( 1 )
تكاليف الانتاج لبرميل النفط الخام في الحقول العراقية الجنوبية
خلال المدة 2003 – 2009
السنوات
التكاليف السنوية
( مليار دينار )
الانتاج السنوي
( مليون برميل )
تكاليف انتاج البرميل
الواحد ( دينار )
تكاليف انتاج البرميل
الواحد ( دولار )
2003
50.158
365
137
0.12
2004
111.541
550
203
0.18
2005
167.278
533
314
0.28
2006
255.382
583
386
0.35
2007
348.091
588
591
0.53
2008
589.843
601
980
0.88
2009
681.394
607.659
1121
1
ثالثا: تكاليف الانتاج للبرميل الخام في مرحلة التراخيص النفطية ( 2010-2016 )
اتجهت تكاليف الانتاج لبرميل النفط الخام الى الارتفاع الكبير ابتداءا من عام 2010 بالتزامن مع احالة الحقول النفطية العملاقة في الجنوب الى الشركات النفطية الاجنبية بموجب جولات التراخيص النفطية . إذ تضاعفت التكاليف عدة مرات بالمقارنة مع تكاليف انتاج البرميل الواحد في عام 2009 ، اذ كانت التكاليف دولارا واحدا لكل برميل منتج في حقول العراق الجنوبية عام 2009 ، ارتفعت الى نحو ستة اضعاف في عام 2014 أي بنسبة 600% مع ماكانت عليه عام 2009 ، اذ اصبحت التكاليف بنحو 6 دولارات للبرميل المنتج الواحد عام 2014 ، ثم اتجهت التكاليف نحو الانخفاض في عامي 2015 و 2016 نتيجة للازمة المالية التي ادت الى انخفاض مستلزمات الانتاج في الصناعة النفطية من جهة والقيود التي وضعتها وزارة النفط العراقية على شركات النفط الاجنبية من خلال مراقبة تكاليفها ومن ثم تحجيمها مما ادى الى انخفاض تكاليف انتاج البرميل الخام في الحقول الجنوبية الى 5.83 دولارا عام 2015 ثم الى 4.78 دولارا للبرميل عام 2016 .
ويلاحظ ان كلفة إنتاج الرميل الخام في حقول شركة نفط البصرة التي توصلت اليها هذه الدراسة
هي أقل بكثير من كلف الانتاج التي توصلت اليها وزارة النفط العرقية من خلال الدراسة التي
نشرها مدير عام دائرة التراخيص في الوزارة والتي تبلغ 10,8 دولار للبرميل الواحد والسبب
في ذلك احتساب قسط الاندثار السنوي ضمن الكلف الكلية وتعامل مع الكلف الرأسمالية بوصفها
كلفا تشغيلية ؟
والجدير بالذكر ان تكاليف الانتاج للبرميل الخام تحتلف من حقل الى آخر وحسب طبيعة الحقل اذا كان تابعا للجهد الوطني او كان الحقل منتجا او مستكشفا وغير مطور . ففي حقول الجهد الوطني وهي حقول ارطاوي,اللحيس, بن عمر, طوبة, ناصرية ، لم تزد تكاليف انتاج البرميل الخام فيها عن 2.5 دولار . فيما ترتفع تكاليف الانتاج للبرميل الخام في الحقول النفطية المنتجة للنفط والتي احيلت للاستثمار من قبل الشركات النفطية الاجنبية في إطار جولة التراخيص الاولى الى نحو 3.2 دولار في حقل الرميلة ، و 3.8 دولار في حقل الزبير ، و3,17 دولار في حقل غرب القرنة /1 . غير ان التكاليف ترتفع كثيرا في الحقول المستكشفة وغير المطورة التي تم احالتها الى الشركات الاجنبية في جولة التراخيص الثانية اذ اصبحت نحو 5.5 دولار في حقل غرب القرنة /2 ، و7.5 دولار في حقل مجنون ، و7.3 دولارا في حقل الغراف .علما ان هذه التكاليف تتضمن التكاليف التشغيلية وقسط الاندثار السنوي زائدا رسم الخدمة الذي تحصل عليه الشركات الاجنبية عن كل برميل نفط خام منتج .
جدول (2)
تكاليف الانتاج لبرميل النفط الخام في الحقول العراقية الجنوبية
خلال المدة 2010 – 2016
السنوات
التكاليف السنوية
( (النفقات التشغيلية + قسط الاندثار + رسم الخدمة )
( مليار دينار )
الانتاج السنوي
( مليون برميل )
تكاليف انتاج البرميل
الواحد ( دينار )
تكاليف انتاج البرميل
الواحد ( دولار )
2010
1241.406
588.429
2109
1.89
2011
2654.787
665.883
3987
3.55
2012
3015.310
739.913
4075
3.64
2013
3961.753
767,390
5163
4.62
2014
6011.719
897.053
6702
5.99
2015
6730.026
1031.830
6522
5.83
2016
6261.175
1170.834
5348
4.78
جدول (3)
تكاليف انتاج برميل النفط في الحقول النفطية الجنوبية عام 2016
الحقل
الكلفة $
حقول الجهد الوطني
ارطاوي,اللحيس, بن عمر, طوبة, ناصرية
2.5
الجولة
الاولى
الرميلة
3.2
الزبير
3.8
غرب القرنة1
3.17
الجولة
الثانية
غرب القرنة2
5.5
مجنون
7.5
الغراف
7.3
ثالثا : الفروقات المتراكمة في تكاليف الانتاج الناجمة عن عقود التراخيص
اذا فرضنا بان ستة 2009 وهي آخر سنة قبل ابرام عقود التراخيص هي سنة الاساس التي على اساسها نجري المقارنة في التكاليف للسنوات اللاحقة لها ، سنجد ان فرق التكاليف الناجمة عن انتاج البرميل الخام في الحقول الجنوبية ستبلغ نحو 523 مليون دولار عام 2010 ارتفعت في السنوات اللاحقة حتى بلغت 4.983 مليار دولار عام 2015 و 4.425 مليار دولار عام 2016 . ومن ثم فإن فرق التكاليف الذي يعني مقدار الخسارة المالية التي تكبدها العراق نتيجة لأحاله حقوله الى الاستثمار الاجنبي من قبل مجموعة من الشركات الاجنبية قد بلغت 20.835 مليار دولار خلال مدة ست سنوات فقط وللمدة من 2010 – 2015 .
جدول ( 4 )
الخسائر المالية السنوية للعراق الناجمة عن تضخم تكاليف انتاج النفط في الحقول الجنوبية
خلال المدة 2010 – 2016
السنوات
تكاليف انتاج البرميل
الواحد ( دولار )
فرق الكلفة للبرميل الواحد مقارنة بعام
2009( دولار )
الانتاج السنوي
( مليون برميل )
الخسائر المالية السنوية
( مليون دولار )
2009
1
–
2010
1.89
0.89
588.429
523.701
2011
3.55
2,55
665.883
1698.001
2012
3.64
2.64
739.913
1953.370
2013
4.62
3.62
767,390
2777.951
2014
5.99
4.99
897.053
4476.294
2015
5.83
4,83
1031.830
4983.738
2016
4.78
3.78
1170.834
4425.752
المجموع
20835.807
