في خضم الفصول التي عاشها العراق طوال سنوات خلت من حروب واحتلال ومعاناة , وما كان للاعلام دورا هاما في مسك زمام الامور لمجتمع بأكمله , بدأ دوره يتضائل الان حتى بات شبه مفقود الا من دوره الخطير والذي انعكس سلبا في توجيه واستقرار البلد ,فقد عاش الاعلام حقبة زمنية فريده لما احتوته جعبته من معلومات واستطلاعات رأي اخترقت العقول واستوطنتها فبنت عليها آراء وأفكار ادت الى اتخاذ القرار ومن ثم تنفيذه لتكون الحصيلة تقويم وازدهار مجتمع عج بشتى انواع الاضطهاد والحروب , وهذا مالم نشهده الان على ساحة العراق التي اجتاحها الخريف الاعلامي ليرمي برداءه الشاحب المكفهر على عقول وضمائر واقلام نابضة فأخذ يمتص خضرة اوراقها وبريق جمالها لتسقط اوراقها صفراء باهتة تفترشها ارض الواقع مكونة الصحافة الصفراء التي توارت كل ورقة منها بوابل من تراب الزيف واثارة الفتن وتعزيز النعرة الطائفية بين الشعوب ..تلك الاوراق التي ليس لها في النهاية الا ان تجف تماما وتصبح هشيما تذره الرياح من وقع اقدام نملة.
ولاننكر اثر التطور التكنلوجي ومواكبته مع الحياة اليومية واثره الايجابي في تطور المجتمعات وتنمية افكارها , الا ان غياب الدور القيادي للاعلام وعدم مواكبته تطور الاحداث السياسية ادى الى ولادة التعددية في الاحزاب والطوائف وتحول دور الاعلام من الخصوصية الى العامية ليشمل الناس كافة كل حسب مصالحه الشخصية مما ادى الى استفحال وباء التعددية في المؤسسات والشبكات الاعلامية المشبوهه والخطيرة تحت ظل التشريعات لقانونية الزائفة التي تتيح حرية النشر وأبداء الرأي ودعمها لصالح جهة معينة
فعلى ارض الخريف الاعلامي وهشاشة أوراقه الصفراء المتساقطة , ولدت حركات ارهابية اجرامية خطيرة استثمرت غياب الرؤية الوطنية للاعلام العراقي وتسيبه في فضاء اللامبالاة وكانت اخطر تلك الولادات هي (تنظيم داعش ) الذي اطلق صرخته الاولى ليخرس العالم العربي والعالمي مترعرعا تشد ازره تلك الاوراق الصفراء ليخترق الاراضي العراقية من خلال الفجوات الهائلة والكبيرة بين المسار الاعلامي الحقيقي والمسار العسكري والامني في وقت استنفذ فيه الاعلام كافة عتاده بعد ان كانت قوته تفوق السلاح في وقت مضى فاصبح العراق بؤرة للمطامع والاحقاد لأحتضار دعامته الاساسية التي تستغيث الانفاس ممن التفت حول رقابهم مسؤولية المجتمع وصلاحه.
لذا نهيب بالحكومة والبرلمان بأن يتمسكوا بالعروة الوثقى ويمسكوا بأعمدة لها من الاهمية ماتفوق به اهمية كل صرح عظيم في مخيلتهم وان يدكوا تلك الاعمدة برصانة لأعادة بناء هيكلية اعلامية سديدة وتحصينها بالعناصر الكفوءة والاقلام النابطقة صوت الضمير بغض النظر عما تحمله تلك العناصر من شهادات اعلامية والاخذ بنظر الاعتبار الكفاءات والخبرة والاحتراف لمنع الفوضى والخروقات الخارجية وكون الاعلام هو الاداة الاكثر فاعلية في صياغة القرارات والتوجيهات لصلاح المجتمع ومن ثم تشكيل وزارة خاصة بالاعلام والصحافة تتولى ادارة ومتابعة ورعاية هذه الوسائل الدفاعية المهمة لخلق بلد يسمو بالمصداقية والوحدة الوطنية ضد كافة اشكال الارهاب.
فلنستجمع قوانا ولنجمع تلك الاوراق الصفراء البالية وندفنها جوف الارض لتكون سمادا تحيا به بذور توارت تحت التراب ,فتنمو وتنمو وتخترق رداء الخريف وتمزقه لتنشر بربيعها ربوع مجتمع قاحل متصخر حطه السيل من عل .