روي أن إبن عياض كان قد تعلق بأستار الكعبة موسم الحج، متوسلاً العلي القدير، بأن يصلح أحوال الأمراء والعلماء، فسأله أحدهم وكان عالماً: ويحك، أتدعو للأمير بالصلاح، فأجابه: (نعم إنْ صَلُحَ صَلُحْنُا، وإن فَسُدَ فَسُدْنُا)، وهذه القصة تنطبق على أوضاع بلدنا الجريح، فجميع العراقيين متعلقون بأستار المرجعية الرشيدة، حيث بُح صوتها من كثرة مطالباتها، بالضرب بيد من حديد على الفاسدين، ولكن كيف يتم القضاء على الفساد والمفسدين، أبدعاء إبن عياض، أم بكلمة يكتبها الإصبع البنفسجي؟!
خرافة (القائد الأوحد) نشأت، عندما أصبح الأمير مجرد حاكم لجباية الأموال، متناسياً مفهوم كونه خادماً ومرشداً، وحافظاً للرعية في كل أمورهم، لذا يجب التفكير للحظة، أن المصانعة والمهادنة مع الفساد تعني نهاية كرسيه، كما أن أباطيل الطغاة مهما حاولوا نشرها، فستصنع منه بطلاً ورقياً ملطخاً بدماء الأبرياء، فمحنة كبيرة أن يكون جزء من أبناء البلد خونة يسعون في خرابه، عليه مسألة تغيير الوجوه الكالحة، باتت من ضرورات العملية الإصلاحية، وسننتصر إذا آمنا بعراقنا كوطن للجميع.
هناك حقائق يجب الإلتفات إليها في ديمقراطيتنا الغريبة، منذ عام2003 وحتى الآن، أبرزها أن حياة الكراسي أثمن من أرواحنا، وطريقة الدستور المكتوب بإسم الديمقراطية، لكن الحكم به غير ديمقراطي، ففيه أخطاء غير قابلة للتصديق، وكأن شعار مكافحة الفساد بات إسماً يلائم الأغلبية على الساحة، فهناك كُثرٌ ممَنْ يقدسون المرجعية، لكنهم لا يلتزمون خطوطها، فما حلٌّ يسعنا إلاّ أن تتنفض صناديق الإقتراع، من أجل إزالة الفقر على يد الشباب، فهم ذخيرة الحاضر لمشروع دولة عصرية عادلة!
مفاتيح الجنة ليست في جيوبنا، ولسنا ندعي الكمال، ولكن المشروع المتكامل والرؤية الواقعية، حول ما يحتاجه المواطن في هذا الظرف العصيب، تجعلنا نؤمن بقدرتنا على تجاوزر التحديات الراهنة، والإستعداد لمرحلة ما بعد داعش، لأن أبوابنا مفتوحة للجميع، ومهم جداً أننا لن نتراجع، بل دائماً ما نراجع، لكي يتحول الشارع العراقي، لكتلة وطنية واحدة بإتجاه النصر، فمعركتنا معركة وطن ووجود، وقد أثبت العراقيون للعالم أجمع، بأنهم متسلحون بعقيدة لا تنكسر، لذا فلن يُهزموا لأنهم حسينيو البقاء.
الخرافة هي أن يصدق السذج، أن داعش جاءت بدولة خلافة إسلامية، تعيد لهم هيبتهم الجاهلية، عليه نحن نذكر رجال المحافظات، التي إستباحتها جرذان الصحراء، أنكم تخليتم عن مهمامكم الوطنية والأخلاقية، وإرتضيتم لأنفسكم السكوت والتفرج، ولولا كلمة سبقت من ربك (إعلان الفتوى الجهادية)، لساخت أراضيكم بمَنْ فيها وما عليها، فعووا الدرس جيداً، وأصلحوا أمركم لإصلاح مجتمعكم الذي إنتخبكم، ولا تجعلوا أعمالكم مجرد خرافة، يتناقلها أصحاب الفضائيات، والفرصة ما زالت قائمة لتنهضوا من جديد، فالعراق لجميع العراقيين.