23 ديسمبر، 2024 5:32 م

بعد الاحتلال اختفت البراءة وحل محلها الخوف والشك وعدم الامان وتناسلت الاحزاب الاسلامية وتكاثرت وانجبت ميليشيات تقتل بأسم الدين ونشرت الرعب وتحكمت بمقدرات الناس ومازالت تفعل.
تقهقر الاوضاع الامنية والاجتماعية وحتى الاقتصادية تناسب تناسب طرديا مع تفاقم هيمنة الاحزاب الاسلامية وليس في العراق فقط وانما في كثير من البلدان العربية التي خضعت للتغيير , تونس تعاني من اغتيالات لرموز وطنية معروفة وتدهور اقتصادية , ليبيا فوضى امنية عارمة , في مصر سيطرت الاحزاب الاسلامية على مرافق الدولة ونبذتها الجماهير الشعبية بعد مرور عام على استلامهم السلطة نتيجة لسياسة الاسلاميين التي قادت البلد الى كارثة اقتصادية وتغللت المنظمات الارهابية الى داخل سيناء وبروز صراعات طائفية ومذهبية مخجلة اججتها هذه الاحزاب التي ادعت بالاسلام , ومازالت الاحتجاجات والمظاهرات مستمرة, وكل المؤشرات تشير الى استمرار القتل المبرمج ضد الشعوب العربية , ومايحدث في سوريا ليس اقل خطورة مما حدث في العراق وليبيا بل هو اكثر تعقيدا واكثر مرارة.

هذه العلاقة  الطردية مابين استلام الاسلام السياسي للسلطة ومابين الفساد والسرقة والقتل وضياع الامن والامان وتردي المستوى العلمي  وهروب الكفاءات او قتلها وانتشار الجهل والبطالة اصبحت ظاهرة تستحق الدراسة والانتباه اليها, اذ انها تكشف زيف هؤلاء المتشدقين بالدين وتظهر عوراتهم بشكل جلي فالنفاق سمتهم , الكذب وخيانة الامانة وعدم الالتزام بالوعود علامات تميز هؤلاء الساسة
نكثوا بالوعود وسرقوا المال العام وكذبوا على شعوبهم وفوق كل هذا وذاك مازالوا متمسكين بالسلطة ولايريدون مغادرتها ويفعلون المستحيل لغرض البقاء على رأس السلطة ولايعرفون الحلول اللازمة  سوى القمع  , القمع الاعلامي والقمع المتمثل بالاغتيالات عبر كاتم الصوت او من خلال التفجيرات            

لو كان الامر يتعلق بعلاقة رئيس حزب مع حزبه اوعلاقة رئيس تيار مع تياره لما همنا الامر لانه امر خاص لانه سيكون شأن داخلي للحزب او للتيار . ولكنهم يقودون دولة وشعب ويسيئون للشعب والدين  

اثناء غزو العراق في عام 2003 عثر الامريكان على سلاح فتاك اقوى تأثيرا من اي سلاح اخر في العالم , وعثورهم عليه ليس مصادفة وانما بأرشاد بريطاني , لان بريطانيا اكثر خبرة بالعراق  واهله من امريكا فهي سبق وان احتلت العراق وتعرف نقاط ضعفه و قوته , نعم ارشدتهم الى السلاح الذي يقصم ظهر العراقيين والعرب جميعا  الا وهو النزاع الطائفي 
امريكا ضربت افغانستان بمختلف الاسلحة ولم تستطع احراز نصر طويل الامد مازالت تعاني من ورطتها في احتلال افغانستان وتتمنى ان تخرج ولو بنصف ماء وجهها القبيح , لماذا فشلت في افغانستان ونجحت في العراق  ببساطة نقول ان افغانستان لايوجد فيها نزاع شيعي سني بل يوجد فيها سنة متطرفيين يؤمنون بالقتل والارهاب كوسيلة لتحقيق غاياتهم اما في العراق فالامر مختلف

الغريب في الامر ان الشيعة والسنة عاشوا في العراق لقرون عديدة على الرغم من انهم مختلفين في المذهب الا انهم  عاشوا متصاهرين  ومتجاورين واخوان يحب بعضهم البعض والخلاف العقائدي اقتصر على الشيوخ وعلماء الدين فقط ولم يؤثر على المجتمع العراقي  الا انهم صدقوا وانجروا حول كذبة الفتنة الطائفية او الصراع الطائفي 

ولكن ماذا فعل البريطانيون والامريكان , الذي حصل هو قيام بعض من عناصر الجيش البريطاني في البصرة لبسوا الزي العراقي وراحوا يفجرون مرة في بيت سني ومرةاخرى في بيت شيعي وكلنا نتذكر العنصرين البرطانيين الذين مسكتهم القوات الامنية في البصرة وبحوزنهم متفجرات ويلبسون الدشداشة واليشماغ ولكن سرعان ماجاءت القوات البريطانية واطلقت سراحهم عنوة واغلق الموضوع , ومثل هذه الحوادث كثيرة يتناقلها الناس في احاديثهم وهم صادقين فيها , انها استعملت وتستعمل الخديعة في سفك الدم العربي  نعم انها الخديعة  الا تنتبهون لها ايها العراقييون  .

هنالك مبدأ , اذا كان لديك عدوان قويان ولاقدرة لديك عليهما  فأعمل على ان يدمر احدهم الاخر وهكذا فعلت امريكا , ولكن هل جاءت برجل شيعي ليضرب رجل سني لاطبعا , بل جلبت ارهابين من الخارج وقاموا بالمهمة , امريكا زرعت الارهاب الدولي في العراق وهذا التنظيم الارهابي هو من قتل السني والشيعي وبطبيعة الحال ان هذه المنظمات الارهابية لاتخلوا من عراقيين مجرميين لهم مصلحه في دمار العراق

ولذلك نقول ان امريكا زرعت الارهاب الدولي  في الدول العربية من خلال السماح للمنظمات الاسلامية المتطرفة التي تؤمن بالقتل كوسيلة لتحقيق اهدافها  وامريكا تعلم علم اليقين ان هذه المنظمات لها علاقات متينة مع تنظيم القاعدة او مع منظمات اخرى تابعة لدول اقليمية , وبذلك تكون امريكا قد حققت ماكانت عاجزة عنه في العقود الماضية لقد حققت الهدف الذي يرمي الى القضاء على الحركات الوطنية اذ جعلت هذه المنظمات الارهابية تسيطر على السلطة ومن ثم تضرب كل ماهو وطني  وبذلك تكون ضربت الد اعدائها وهم المتطرفون الاسلامييون والاحزاب الوطنية الديمقراطية , ضربتهم ببعض وهي بعيدة لاينالها من هذا الدمار شيء ولايكلفها شيء والمثال القريب  هو ان امريكا قبل ايام اغلقت 21 سفارة امريكية تعمل في قارة اسيا وقسم من اوربا لانها تريد ان تحافظ على مواطنيها الدبلوماسيين  اما الشعوب العربية طز فيهم ,     
وبعد ان يصيب هذه المنظمات الارهابية والحركات الوطنية الديمقراطية الاعياء تأتي امريكا وقد فرغت الساحة لها ولعملائها لتنفذ مخططاتها الاستراتيجية البعيدة المدى الا وهي سرقة ثروات الشعوب العربية وكفائاتها البشرية وتبقى الدول العربية ذليلة خانعة خاضعة متخلفة

لذلك نقول ان مهمة الاحزاب الوطنية والشخصيات الديمقراطية بمفكريها وادبائها ومثقفيها عليهم ان يبينوا للشعوب, ان مايحدث في الدول العربية هو غزو ارهابي مدعوم من امريكا وليس خلاف مذهبي انهم صوروا للشعوب على ان مايجري هو خلاف مابين المسلم واخيه المسلم واستدرجوا البسطاء الى هذا المستنقع , ولو كان الخلاف هو اسلامي اسلامي  لماذا اذاً تفجر وتحرق الكنائس طالما ان الخلاف هو شيعي سني ! , لو لاحظتم ان كل الحكومات التي جاءت بعد الربيع العربي هي حكومات اسلامية متطرفة ولها مليشيات وحرقت اليابس والاخضر وليس لها القدرة على قيادة الشعوب نحو بر الامان , وامريكا تعلم ذلك جيدا , الا ان وحدها مصر غيرت هذه المعادلة بتظاهرات 30 يناير وقلبت الطاولة على امريكا وحلفائها , في العراق ادرك الشعب اللعبة وراح يهتف هتافه المعروف عقب اي تفجير او عقب اية مجزرة , اخوان سنة وشيعة وهذا الوطن مانبيعه الا ان الشعب وخصوصا الشباب مازالوا يعيشون في حالة ذهول وتراخي من هول مايجري من مصائب وويلات جراء التفجيرات والسرقات والفساد  ,الا ان الساعة قادمة لاريب فيها , ان انتفاضة الشعب العراقي قادمة وسيقلب الطاولة على كل الذين استغفلوه وخدعوه وسرقوه وقتلوه