18 ديسمبر، 2024 8:09 م

هناك حواجز وضعت داخل العملية السياسية, ما بين الأحزاب المشتركة بها, وبين مكونات الشعب العراقي, متخذين من التسميات المتعددة شعاراتٍ, لحساب ما ينتمون له, بعيدا عن الوطنية الجامعة للشعب, تسببت تلك العملية الشاذة, لشرخ في العلاقات السياسية, والمكونات المجتمعية للعراق, ما بين دينية ومذهبية وتعدد القوميات, ما أدى لفتح باب التدخلات الإقليمية والدولية؛ لخلق حالة من الصراعات الداخلية, وتأجيج الحراك السلبي, الذي أخر بناء الدولة العراقية الجديدة, وفقدان عامل تفعيل الخدمات, تبعاً لتك النزاعات, فتفاعل الفاسدون لينهبوا ما وصلت لهم ايديهم.
رؤىً عديدة طُرحت على الساحة السياسية, لم تجد طريقاً للتنفيذ, لتعصب كل حزب لما ينتمي له, فِكراً كان او طائفة أو عِرق, فهذا عربي قومي, وذاك كردي وتركماني, وآخرين مسلمين بمذاهب عدة, وكُلٌ يعمل على ليلاه, واضعاً الوحدة الوطنية جانباً, متخذا من الأجندات الخارجية, سبيلاً لتحقيق ما يريده, وسط نزاع على تسنم السلطة, سحب العراق لنزاع دموي, انعكس على علاقته الإقليمية والدولية, فقد كان الشغل الشاغل لأغلب الساسة, هو دوام الصراع والتغطية على الفاسدين.
تظاهراتٌ ومطالبات بالتغيير, جَعل المرجعية الدينية, تُصرح بتأييد التغيير, فليس من الممكن بناء دولة مستقرة, وسط استمرار سيطرة الفاشلين والفاسدين, لكن انشغال العراق بالحرب ضد الإرهاب, كان من أولى الأولويات, من أجل وقف نزيف الدم, الذي أخذ بالتزايد, بعد اغتصاب تنظيم داعش الإجرامي, لأكثر من ثلث مساحة العراق, وقد استمرت عمليات التحرير, زهاء الثلاث سنوات, وحسب رؤيتنا العامة, فإن النصر لا يكتمل مالم يُقضى على الفساد.
بدأت مؤخراً بوادر الحرب على الفساد, إلا أنها كانت بصولاتٍ خجولة, بسبب عدم وجود تخطيط مسبق, وتمكن الفاسدين من مفاصل مهمة, عبر سنين التخبط السياسي بإدارة دفة الحكم؛ وعلاقات النفاق السياسي, بين هذا الحزب وذاك, ومن لم يكُن فاسداً, فإنه يعلم مكامن الفساد, الوباء قد منتشر كالنار في الهشيم, في جسد الحكومة والبرلمان, والحرب عليه أصعب, كون الخصم هو الحَكم.
إنَّ التواصل بين شرفاء الساسة, وشحذ همم المواطنين الخُلص بسرية تامة, لا يمكن أن يتم القضاء الفساد, مع أن الفاسدين ستكون جوابهم الأول,” أين الدليل؟”, إلا أن هنالك قاعدة تقول:” لابد للمجرم ان يترك أثر خلف”, أو” لا توجد جريمة كاملة”, ولابُدَّ من لجنة النزاهة, فالذي تحت يدها ليس بقليل.
نَسمع من خلال التصريحات الحكومية, أن هناك شركة لكشف الفساد, فهل تستطيع حكومة العراق, جَلب الفاسدين ذوي الجنسية المزدوجة؟, قاربت هذه الدورة على الانتهاء, فهل نشهد حملة دعائية, تحت شعار “القضاء على الفساد”؟, هل سيتم نسيان الشعارات, لتستمر سياسة” استرني وأسترك”؟.
تمكين القضاء كي يكون مؤسسة مستقلة؛ كي يصدق القول للقضاء على الفساد, ولا يمكن التمكين بلا حكمة, قال الكاتب الأمريكي انتوني روبنز:” الأشخاص الفَعالين ليسوا ميالين للمشاكل, بل ميالين لاقتناص الفرص, وتدمير المشاكل”, فهل سنجد أناساً فَعالين؟
الدورة الانتخابية القادمة على الأبواب, والزمن يكشف العاطل من العامل, والحِكمة تقتضي التواصل مع صاحب العمل والعامل, لكشف الخلل.